يفصلنا يوم واحد عزيزي القارئ عن ختام الأسبوع بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، واضعين بعين الاعتبار أن قطاعي الصناعة والمنازل سيحتلون تركيز المستثمرين اليوم في خضم البيانات الرئيسية الصادرة عنهم، مع العلم أن بعض أكبر الشركات الأمريكية سيعلنون اليوم عن نتائجهم المالية الخاصة بالربع الرابع من العام المنقضي.
ولكن تأتي البداية مع القطاع الأكثر نزيفا بين القطاعات الرئيسية قطاع العمالة حيث سيصدر عن وزارة العمل الأمريكية اليوم تقرير طلبات الإعانة الأسبوعية التي من المتوقع أن تنخفض للأسبوع المنتهي في الخامس عشر من كانون الثاني إلى 420 ألف طلب مقابل 445 ألف طلب، في حين من المحتمل أن ترتفع طلبات الإعانة المستمرة إلى 3985 ألف طلب مقابل 3879 ألف طلب.
كما سيصدر أيضا المؤشرات القائدة عن الاقتصاد الأمريكي تلك المؤشرات التي تعطي تطلعات المحللين حول الوضع الاقتصادي للفترة من ثلاث إلى ستة شهور مستقبلية، حيث من المتوقع أن يرتفع بأدنى من القراءة السابقة، إذ من المحتمل أن يرتفع بنسبة 0.6% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.1%.
وبالانتقال إلى قطاع المنازل الأمريكي فمن المتوقع أن يصدر اليوم عنه تقرير مبيعات المنازل القائمة التي من المتوقع أن ترتفع خلال كانون الأول بنسبة 4.1% أو بمعدل سنوي يصل إلى 4.87 مليون وحدة سكنية مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 5.6% أو 4.68 مليون وحدة سكنية.
ونسلط الضوء هنا عزيزي القارئ بأن قطاع المنازل لا يزال في مواجهة مع العقبات التي تقف أمام تقدمه بالشكل المنشود، متمثلة في معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني، ناهيك عن ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري، مضيفين إلى أن قطاع المنازل الأمريكي أظهر تباطؤ في الأنشطة الاقتصادية فيه خلال الفترة الأخيرة، حيث أن القطاع لا يزال يسير على خطى التعافي من أسوأ أزمة ركود منذ سبعة عقود.
مشيرين إلى أن مسألة الأسعار بالإجمالي مرتبطة بالعرض والطلب، حيث بارتفاع الطلب ترتفع الأسعار وبانخفاضها تنخفض الأسعار، وهنا نذكر بأن مستويات العرض على المنازل الأمريكية فاق مستويات الطلب، الأمر الذي انعكس على أسعار المنازل الأمريكية، وذلك في خضم التباطؤ الذي شهده قطاع المنازل بشكل خاص والاقتصاد الأمريكي بشكل عام.
مع العلم أن مستويات الطلب على المنازل الأمريكية ارتفعت خلال نهاية العام 2009 وحتى شهر حزيران للعام الماضي إثر البرنامج الذي أطلقته الحكومة الأمريكية مسبقا الذي تمثل بتقديم الدعم لقطاع المنازل عن طريق إعفاء مشتري المنازل لأول مرة من الرسوم الضريبية، حيث أن البرنامج لعب دورا هاما في تعزيز الأنشطة في القطاع، إلا أن ذلك البرنامج انتهى بحلول نهاية شهر حزيران من هذا العام.
ومن المرجح أن يواصل القطاع مرحلة تعافيه مع بداية العام المقبل، في حين من المحتمل أن تكون الأنشطة الاقتصادية بسيطة نوعا ما، وذلك وسط معدلات البطالة التي لا تزال عند المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، ناهيك عن أوضاع التشديد الائتماني، مما قد يحد من مستويات الطلب على المنازل من قبل المستهلكين، ناهيك عن مسألة ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري.
ولكن بالمقابل لم يتوانى الفدرالي الأمريكي عن تقديم يد العون إلى الاقتصاد الأمريكي وذلك إلى جانب الحكومة الأمريكية، حيث أطلق الفدرالي برنامجا خلال تشرين الثاني من العام الماضي تحفيزيا جديدا بقيمة 600 مليار دولار، هذا بالإضافة إلى برنامج تمديد الإعفاءات الضريبية الذي أعلن عنه أوباما منذ أسبوعين، الأمر الذي عزز ثقة المستهلكين نوعا ما بالتطلعات المستقبلية للاقتصاد الأمريكي.
هذا مع العلم أن السيد برنانكي أشار في خطاب ألقاه مع نهاية الأسبوع الماضي في حديثه عن قطاع المنازل الأمريكي، أن عملية الانتعاش والتعافي في قطاع المنازل لا تزال ضعيفة وبطيئة، مؤكداً على أن تعافي الاقتصاد الأمريكي بشكل تام لن يحدث بين عشية وضحاها، إلا أنه ركز على وجوب وجود توازن بين حذر البنوك وترددها في الإقراض من جهة، وبين عدم قدرة الشركات الصغيرة على الإقتراض من جهة أخرى.
في حين سيصدر عن قطاع الصناعة مؤشر فيلادلفيا الصناعي والذي من المتوقع أن يواصل توسعه واصلا إلى 20.8 وهنا ننوّه بأن التراجع الذي طرأ على الأنشطة الاقتصادية خلال النصف الثاني من العام الماضي أجبر البنك الفدرالي على التدخل، حيث أعلن الفدرالي خلال تشرين الثاني بأنه سيقوم بضخ ما يصل إلى 600 مليار دولار عن طريق شراء سندات جديدة مقسمة إلى 75 مليار دولار أمريكي شهريا، الأمر الذي قد يسعف الاقتصاد الأمريكي للعودة إلى المسار الصحيح نحو التعافي.
إلا أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بعيد نوعا ما عن التعافي التام من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، حيث أن الاقتصاد سيلزمه مزيدا من الوقت ليحقق التعافي والاستقرار من تلك الأزمة، مشيرين إلى أن الاقتصاد يسير على المسار الصحيح نحو الاستقرار التام والنمو على المدى البعيد والتي لن يصلها الاقتصاد قبل النصف الثاني من العام 2011...