«بلومبرج»: «الفالح» رجل المهمات الصعبة يكافح للحفاظ على توازن سوق البترول العالمى
امتلك خالد الفالح، منذ أن أصبح وزيرًا للطاقة فى المملكة العربية السعودية قبل عامين إدارة جيدة فقد أقنع منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» بخفض الإنتاج وأقنع روسيا بالانضمام إلى المنظمة فى قرار الحد من الإنتاج ليشهد خام برنت زيادة فى الأسعار بلغت نسبتها %75 تقريباً لتصل إلى 80 دولاراً للبرميل.
لكن اختباره الأصعب سيكون فى نهاية الأسبوع الجارى عندما تعقد منظمة «أوبك» ما قد يكون أصعب اجتماع لها منذ سنوات حيث أن استمرار النمو الاقتصادى وتجديد العقوبات المفروضة على إيران وانهيار صناعة البترول فى فنزويلا سيؤدى إلى توسيع سوق النفط العالمى ويحتاج إلى ضمان استراتيجية خروج سلسة من اتفاق التخفيضات دون التسبب فى انهيار الأسعار.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج» أنه فى الوقت الذى وافقت فيه الرياض وموسكو على زيادة الإنتاج ترغب طهران وكراكاس فى دفع الأسعار لتعويض تأثير العقوبات الأمريكية وهددت إيران بالاعتراض على أى مقترح سعودى لزيادة الإنتاج.
وقال روجر ديوان، المحلل لدى «آى إتش إس ماركيت»، إن الاجتماع أوشك على الانفجار، ولكن لا أرى كيف يمكن التوفيق بين مواقف روسيا والسعودية وفنزويلا وإيران حيث أن التناقضات أصبحت كثيرة للغاية.
وخلف الكواليس هناك الإدارة الأمريكية التى أصبحت قلقة بشأن تأثير ارتفاع أسعار الغاز وهو ما يدفعها بقوة من أجل زيادة الإنتاج.
ووصفت «امريتا سين»، رئيسة محللى شؤون البترول لدى الشركة الأمريكية لاستشارات الطاقة هذا الاجتماع بأنه أكثر اجتماع سياسى داخل منظمة «أوبك» منذ وقت طويل.
وعندما عين الفالح وزيراً للطاقة فى مايو 2016 ليحل محل المخضرم على النعيمى، بعد ما يقرب من 25 عاماً من العمل، لم تكن المملكة العربية السعودية المهيمن الأكبر على السوق، حيث سرق البترول الصخرى الأمريكى حصتها فى السوق والأسعار كانت تزيد قليلاً عن 45 دولاراً للبرميل وكانت المملكة تنزف احتياطيات أجنبية بمعدل 10 مليارات دولار شهرياً.
وسعى الفالح، لتحويل مسار سوق البترول وأوضح أن الرياض مستعدة لتغيير السياسة التى فرضها النعيمى على باقى منظمة «أوبك» فى عام 2014 وبمساعدة من الأمير محمد بن سلمان، وصل إلى روسيا مقنعاً موسكو للانضمام إلى اتفاق خفض الإنتاج لأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات.
وبنى وزير الطاقة السعودى علاقة عمل وثيقة مع نظيره الروسى الكسندر نوفاك، مما عزز التحالف بين أكبر مصدرين فى العالم وأصبحا يتحدثان بشكل منتظم سواء عن طريق الهاتف أو المقابلات الشخصية.
وقال محمد الشطى، ممثل الكويت فى منظمة «أوبك» إن الفالح، قدم شيئين جديدين إلى المنظمة يتمثل الأول فى تعاونه الجيد مع الدول غير الأعضاء فى «أوبك» وهذا أحد الأسباب وراء نجاح اتفاق خفض الإنتاج الحالى، والثانى قدرته على التفكير خارج الصندوق والبحث عن أفكار جديدة طوال الوقت.
وأوضحت الوكالة الأمريكية أنه بعد سنوات من النمو الباهت ازدهر الاقتصاد العالمى الأمر الذى دفع الطلب على البترول إلى ما هو أبعد من الاتجاهات المعتادة ولكن انهارت صناعة البترول الفنزويلية وتعرض قطاع النفط الإيرانى لعقوبات أمريكية جديدة.
وأضافت الوكالة أن نجاح استراتيجية الفالح، كان مزيجًا من العمل الشاق والحظ لكن النتائج كانت مثيرة للإعجاب ومع عودة خام برنت إلى ما دون 80 دولاراً للبرميل فإن المملكة أصبحت تتعافى من جديد وأضافت الرياض 13 مليار دولار من العملة الصعبة وهو أكبر تدفق للدولارات البترولية منذ أواخر عام 2013.
وأشارت «بلومبرج» إلى أنه لا يستطيع سوى عدد قليل إلقاء اللوم على إنجازات الفالح، داخل منظمة «أوبك» لكن المسؤولين والمندوبين بشكل خاص يشتكون من أساليبه وبالنسبة للبعض فإن الوزير السعودى مفرط فى التوجيه ويقترب أحياناً من الاساليب غير الدبلوماسية.
ومن المؤكد أن الفالح، جلب منهجًا شبيهاً بالأعمال التجارية إلى منظمة «أوبك» حيث أنشأ لوحات تحكم للتحقق من مدى التزام الدول بوعودهم.
وأصبح الفالح، الرئيس التنفيذى لشركة «أرامكو» السعودية فى عام 2009 ليحل محل عبد الله جمعة وخلال سنوات عمله وسعت الشركة من طاقتها الإنتاجية مما أدى إلى إنشاء حقول عملاقة وإضافة العديد من المصافى الجديدة.
وذكرت الوكالة الأمريكية أن هناك تحديات مزدوجة ما زالت تواجه الوزير السعودى تتمثل فى إصلاح سوق البترول وإعداد شركة «أرامكو» للاكتتاب العام.
وعلى الرغم من نجاح الفالح، فى رفع أسعار البترول فقد تم تأجيل الاكتتاب العام للشركة السعودية من 2018 إلى 2019 على أقرب تقدير.
وفى الوقت الراهن يعطى الفالح، سوق البترول الأولوية بعد زيارته لموسكو الأسبوع الماضى وسوف يحضر قمة «اوبك» فى فيينا نهاية الأسبوع الجارى فى محاولة لاستمرار تحالف المنظمة والحفاظ على حسن سير عمل سوق البترول العالمى.