الرباط/الجزائر، 9 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): ما زالت مدينة العيون، العاصمة الإدارية للصحراء الغربية، تعيش أجواء من التوتر الحاد في أعقاب المواجهات التي اندلعت الاثنين مع قوات الأمن المغربية خلال وعقب تفكيك مخيم "جديم إزيك" الاحتجاجي.
ويقول شهود عيان إن ثمة اشتباك جديد وقع صباح اليوم في الأحياء الواقعة وسط وشرقي العيون، على الرغم من مضي ليلة هادئة نسبيا.
وذكرت مصادر إسبانية بالمدينة في اتصال هاتفي مع (إفي) أن جماعات من عشرات الأشخاص المدنيين الموالين للمغرب يقومون بدوريات في الشوارع تحت مراقبة مشددة من قوات الأمن المغربية وأنهم اشتبكوا مع بعض الصحراويين في أحد الميادين الرئيسية.
وأضافت المصادر نفسها أن الموالين لحق تقرير المصير للشعب الصحراوي يرصدون بدورهم، الشوارع التي أغلق فيها عدد كبير من المتاجر أبوابها، فضلا عن المدارس والإدارات العامة.
وكانت جبهة البوليساريو قد رفعت في وقت سابق اليوم عدد الضحايا الصحراويين جراء تفكيك القوات المغربية مخيم جديم إزيك إلى 13 قتيلا و700 مصاب و150 مفقودا.
وقال وزير الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد سالك في تصريحاته لـ(إفي) إن المعلومة جاءت في إحصاء رسمي، مشيرا إلى أن الضحايا سقطوا خلال دخول القوات المغربية للمخيم والاحتجاجات اللاحقة في مدينة العيون على حد سواء.
وذكر الوزير الصحراوي "لا نعلم إذا كان هناك قتلى وجرحى أيضا ضمن المفقودين".
ويشار إلى أنه منذ صباح الاثنين عندما دخلت القوات المغربية المخيم بالقوة، بدت إدارة البوليساريو حريصة للغاية عند إعداد إحصاء للضحايا الصحراويين في جديم إزيك والاشتباكات التالية.
وكان أخر إحصاء قد كشف عنه الاثنين في بيان لوزارة الإعلام قد أشار إلى مصرع شخص وإصابة المئات.
وأعلنت الحكومة الصحراوية الحداد الوطني اليوم لـ"شهداء ما أسمته بالهجوم الجبان من جانب الجيش المغربي".
ومن المقرر أن ينكس العلم الصحراوي في مخيمات اللاجئين بالأراضي الواقعة تحت سيطرة الصحراء الغربية وفي الجهات الممثلة للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في الخارج.
كما دعا مجلس الوزراء الشعب الصحراوي للوقوف دقيقة حداد على الضحايا تضامنا مع أسرهم.
وناشدت الحكومة الصحراوية الأمم المتحدة "تحمل مسئولياتها في حماية المدنيين العزل في الأراضي المحتلة بالصحراء الغربية" وطالبتها بإرسال لجنة تحقيق إلى المنطقة "لإلقاء الضوء على هذه الجريمة المفزعة من جانب الحكومة المغربية".
كما طالبت الحكومة الصحراوية "كافة دول العالم بالضغط على الحكومة المغربية لإنهاء الهجمات التي تشنها على المواطنين العزل على الفور"، و"كافة الصحراويين بالاتحاد والترقب والجاهزية لأي فرضية".
وأعلنت المغرب رسميا مصرع خمسة من قواتها الأمنية، واثنين من قوات الدرك، وعضو بالقوات المساعدة وأخر بالحماية المدنية في مواجهات العيون، في حين أن أحد أفراد القوات المساعدة توفي في الهجوم على المخيم.
وجاء ذلك، فيما فتحت النيابة العامة بالعيون، تحقيقا حول مصرع المواطن الصحراوي جرجر براهيم ولد محمود حمادي في أحداث الشغب التي اندلعت الاثنين في المدينة.
ووفقا لبيان صادر عن النيابة العامة ونشرته وكالة الأنباء المغربية، فإنه "تم فتح تحقيق لكشف الملابسات التي لقي جرجر براهيم ولد محمود حمادي مصرعه فيها".
كما يشير البيان إلى أن التحقيق "يجرى في إطار الاحترام التام للضمانات التي يكفلها القانون".
ومن جانبها رحبت الأحزاب المغربية بتفكيك المخيم وأشادت بموقف الشرطة خلال العملية وتعاملها مع الاحتجاجات التي اندلعت في مدينة العيون، العاصمة الإدارية للصحراء الغربية.
وشدد حزب الاستقلال، الذي يقوده رئيس الوزراء المغربي، عباس الفاسي، في بيان نقلته وكالة (ماب) الرسمية الاثنين على أنه لا يمكن القبول في أي حال من الأحوال بـ"الابتزاز" والاستخدام السياسي للتحركات الاجتماعية.
يذكر أن آلاف الصحراويين يحتجون منذ العاشر من أكتوبر/تشرين أول الماضي في مخيم جديم إزيك، على بعد 18 كلم من العيون، للمطالبة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، والحصول على عمل ومسكن.
وقالت الحكومة المغربية إن شغب مجموعة من سكان "جديم إزيك" ضد قوات الأمن المغربية كان السبب في تفكيكه.
وكشفت وزارة الداخلية المغربية عن رؤيتها لأحداث الشغب التي وقعت في العيون وتفكيك المخيم في بيانين نشرتهما وكالة الأنباء المغربية.
وأشارت الوزارة إلى أن "مجموعة من الأشخاص الذين كانوا قد فروا مسبقا من المخيم، بدأوا بدعم من بعض المراهقين والشباب، أحداث شغب في حي ماتالا وشارع السمارة مما دفع قوات الأمن لإصدار أمر بدخول المخيم".
وأضافت أن "هؤلاء الأشخاص ألقوا الأحجار على قوات الأمن وأعاقوا حركة السير في الشارع والحي المذكورين بإشعالهم النيران في إطارات السيارات".
ويعود النزاع في الصحراء إلى عام 1975 عندما انسحبت القوات الإسبانية منها، وقام المغرب بعدها بضمها على الرغم من معارضة جبهة البوليساريو التي تطالب بحق تقرير المصير عن طريق إجراء استفتاء شعبي، في الوقت الذي تتمسك فيه الرباط بخطة للحكم الذاتي في إطار سيادتها.(إفي)