نقف على أعتاب الجلسة الثانية في الأسبوع بالنسبة للاقتصاد الأوروبي وذلك بعد انقضاء عيد الفصح، ولكن التوتر عاد منذ تداولات الأمس عزيزي القارئ، وعلى الرغم من خلو الساحة الأوروبية من البيانات الرئيسية الصادرة اليوم، إلا أننا نرى اليورو يتقلّب بشكل كبير إثر تجدد المخاوف بخصوص اسبانيا والتي أثارت قلق المستثمرين بأنها قد تلجأ إلى طلب الدعم كما فعلت من قبلها كل من اليونان والبرتغال وإيرلندا.
منذ تداولات الأمس والقلق يحوم في الأسواق العالمية وخاصة الأوروبية منها، حيث شهد كل من سوق الأسهم واليورو انخفاضاً حاداً خلال الجلسة الأوروبية، واضعين بعين الاعتبار أن نظرة المستثمرين كانت متشائمة بالأصل منذ انقضاء الأسبوع الماضي، وذلك عقب أن فشل تقرير الوظائف الأمريكي في الوصول إلى توقعات الأسواق، حيث على الرغم من انخفاض معدل البطالة الأمريكي إلا أن الاقتصاد أضاف وظائف خلال آذار/ مارس بأسوأ من التوقعات.
أما اليوم، فالأسواق لا تزال متقلّبة ومخاوف المديونية الأوروبية تسيطر على أذهان المستثمرين، واضعين بعين الاعتبار أن العوائد على السندات الاسبانية والإيطالية أنهت جلسة أمس على ارتفاع كبير، حيث ارتفعت عوائد السندات الاسبانية بنسبة 3.78% والإيطالية بنسبة 4.28%، مما أسهم في انخفاض قيم السندات لأمد استحقاق عشرة سنوات بنسبة 1.57% للإسبانية ونسبة 1.72% للإيطالية.
وبالإضافة إلى ذلك فإن بنك اسبانيا أشار يوم أمس بأنه يتحتم على بنوكها زيادة رأس المال في حال تدهورت الأوضاع الاقتصادية لأكثر من ذلك، وهذا بالتزامن مع تصاعد المخاوف في الأسواق من أن اسبانيا قد تسلك مسار اليونان، ولذلك فيجب على البنوك الاسبانية التحوّط لأزمة المديونية ومنع انهيار القطاع المالي.
ومن ناحية آخرى، ومن الطرف الآخر من المحيط الأطلسي حيث الاقتصاد الأكبر في العالم، تقدم السيد برنانكي رئيس الفدرالي الأمريكي أمس بمخاطبة القطاعات المصرفية لكبرى اقتصاديات العالم، خاصة الأوروبية منها، حيث دعاهم بأن ترفع حجم رؤوس أموالها لضمان استقرار وأمان النظام المالي العالمي.
وفي نفس الوقت أكّد بنك فرنسا يوم أمس الثلاثاء، خلال تقرير المسح الذي يجريه شهريًا بأن الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي لا يزال ضمن دائرة الانكماش خلال الربع الأول، هذا مع العلم أن الاقتصاد القرنسي نما خلال الربع الرابع من العام الماضي بنسبة 0.2%، متوقعاً البنك بأن فرنسا قد تنكمش اقتصادياً خلال الربع الأول من هذا العام.
وهنا نسلط الضوء عزيزي القارئ على مسألة بغاية الأهمية، وهي أن عملية التقشف التي تجري في جميع أنحاء أوروبا لمكافحة أزمة المديونية أثرت بشكل كبير على أنشطة الاقتصاديات نفسها، وذلك مع انخفاض حدة الإنفاق الحكومي الذي ينعكس على قابلية المستهلكين على الإنفاق.
واليوم، سيكون مزاد بيع السندات الإيطالية والألمانية اختباراً جيداً لتحديد حجم المخاوف بخصوص المديونية في منطقة اليورو خاصة مع قلق الأسواق بخصوص اسبانيا، حيث ستبدأ إيطاليا ببيع سندات بقيمة 3 مليار يورو وذلك ذات أمد استحقاق لثلاثة شهور، وبقيمة 8 مليارات يورو ذات أمد استحقاق لعام واحد، ومن ثم ستأتي ألمانيا ببيع خمسة مليارات يورو لأمد استحقاق عشرة سنوات.