مرّ على الاقتصاد الأمريكي أسبوعاً غريباً من حيث الأحداث التي أسهمت في رفع مستويات الثقة في بداية الأسبوع ومحوها مع نهاية الأسبوع، مشيرين عزيزي القارئ إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال ضمن مرحلة التعافي التي اتّسمت بالتباطؤ في الأونة الأخيرة وذلك وسط الضغوطات التي تقع على عاتقه سواءاً كانت ضغوطات داخلية أو خارجية، هذا مع العلم أن المستثمرين بدأوا تداولاتهم يوم الثلاثاء عقب انقضاء عطلة عيد الاستقلال الأمريكي يوم الإثنين الرابع من تموز/ يوليو.
وبداية الأسبوع كانت مع البيانات الاقتصادية الصادرة كانت مع قطاع الخدمات وبالتحديد مع صدور مؤشر معهد التزويد التقرير الغير صناعي للخدمات والذي أشار إلى انخفاض في التوسع نوعا ما ليصل المؤشر إلى 53.3 خلال أيار/ مايو وبأسوأ من التوقعات التي بلغت 53.7، واضعين بعين الاعتبار أن قطاع الخدمات لا يزال ضمن مرحلة التوسع التي يشهدها بشكل متواصل.
وهنا نشير بأنه بأن الأوضاع في قطاعي الصناعة والخدمات أخذت بالتباطؤ بعض الشيء خاصة خلال الربع الثاني من هذا العام، حيث أن الضغوطات لا تزال تثقل كاهل الأنشطة الاقتصادية في شتى القطاعات الأمريكية، وتتمثل الضغوطات بمعدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني بالإضافة إلى ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري، ناهيك عزيزي القارئ عن التأثيرات الخارجية التي أثرت على مستويات الثقة عالميا.
ومع بداية الأسبوع كانت الأسواق متفائلة نوعاً ما بخصوص الضغوطات الخارجية والتي تتمثل في الأزمة الأوروبية والديون السيادية، إلا أن منتصف الأسبوع أسهم في هبوط مستويات الثقة تلك، وذلك بعد قيام مؤسسة موديز بتخفيض التصنيف الائتماني للبرتغال، مما أعاد المخاوف إلى الأسواق، ولكن بقدوم يوم الخميس عادت بعضاً من نظرات الأمل في عيون المستثمرين.
حيث صدر تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص والذي أشارت إلى أن القطاع الخاص في الولايات المتحدة الامريكية تمكن من إضافة 157 ألف وظيفة خلال حزيران/ يونيو بأفضل من التوقعات التي بلغت 70 ألف وظيفة مضافة، مما رفع من توقعات المستثمرين لما سيأتي في تقرير الوظائف الأمريكي يوم الجمعة.
إذ أصدرت وزارة العمل الأمريكية يوم الجمعة تقرير العمالة المترقب باهتمام من قبل الأسواق والمستثمرين مغطيا شهر حزيران ليأتي التقرير منافيا للتوقعات ومهملاً نظرات الأمل التي بعثها تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص يوم الخميس والذي جاء بأفضل من التوقعات، إلا ان تقرير العمالة أظهر إضافة وظائف بأدنى من التوقعات بكثير، ناهيك عن ارتفاع معدل البطالة إلى 9.2%.
كما ونشير بأن عملية توظيف الأمريكيين في الاقتصاد الأمريكي ظهرت بشكل ضعيف في التقرير الصادر، وهذا ما يخالف التوقعات الإيجابية التي بعثها القطاع الخاص في تقرير ADP الذي صدر الخميس، إلا أن الأوضاع الراهنة في الاقتصاد الأمريكي لا تزال ضعيفة بشكل عام، الأمر الذي قد يؤثر في عملية توظيف الموظفين.
وهنا نشير بأن الأوضاع في قطاع العمالة الأمريكي لا تزال ضمن حالة ضعف نسبي، إذ هناك تراجع واضح في أنشطة القطاعات الرئيسية الأمريكية، ومن الجدير بالذكر أن المحللين توصلوا إلى اعتقاد يتمثل في أنه يتحتم على الاقتصاد الأمريكي إضافة ما يصل إلى 140 ألف وظيفة بالمعدل الشهري، وذلك حتى يتسنى لمعدلات البطالة أن تهبط بشكل ملحوظ، واضعين بعين الاعتبار أن معدل البطالة لا يزال ضمن المستويات العليا له منذ أعوام عدة.
مشيرين إلى ان قطاع العمالة اتسم خلال الفترات السابقة بالتباين بين الأفضل والأسوأ، مشيرين من الناحية الأخرى بأن الضغوطات التي تؤثر على النشاطات الاقتصادية في الولايات المتحدة لا تزال قائمة، ولا تزال مستويات الثقة مهزوزة عالمياً، مما يحد من قابلية المستهلكين على الإنفاق.
كما ولا تزال الأوضاع غير مستقرة في الاقتصاد الأمريكي وذلك في خضم حالة التباين التي تتسم بها المؤشرات الأمريكية، واضعين بعين الاعتبار أن مرحلة التعافي لا تزال قائمة، ويجب الإشارة أيضا بأن برنانكي والفدرالي الأمريكي أكدوا بأن النصف الثاني من هذا العام قد يشهد تحسناً في أداء الاقتصاد بعد التباطؤ الذي شهده الاقتصاد خلال النصف الأول من عامنا هذا.
كما أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يحاول جاهدا إظهار بوادر التحسن التدريجي، إلا أن العقبات تبقى عالقة أمام الاقتصاد الأمريكي وتقدمه، الأمر الذي قد يقودنا بأن الاقتصاد الأمريكي سيواصل تعافيه ضمن مرحلة صعبة وشاقّة، وذلك إلى أن تستقر الأوضاع بشكل تدريجي ونسبي.
وعقب صدور هذه البيانات السلبية انعكس الأثر على تداولات المستثمرين، إذ تلاشت كل نظرات الأمل في عيون المستثمرين، لنشهد انخفاض المؤشرات الأمريكية وارتفاع كل من الدولار الأمريكي والذهب باعتبارهم الاستثمارات الأمل في مثل هذه الظروف...