يواصل الاقتصاد الأمريكي إظهار بوادر التعافي التدريجي واليوم بالتحديد أتت هذه البوادر من قبل القطاع الصناعي الأمريكي، والذي شهد توسعا خلال شهر آب للعام 2009 والذي يعد لأول مرة منذ المرحلة الأسوأ من الركود التي تشكلت منذ الكساد العظيم مواصلة التقدم للاشهر الستة المتتالية.
حيث أصدر معهد التزويد التقرير الصناعي لديها اليوم الذي أتى بأفضل من التوقعات بشكل كبير، حيث ارتفع مؤشر معهد التزويد الصناعي خلال كانون الثاني إلى 58.4 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 55.9 وبأعلى من التوقعات عند 55.6، ليكمل قطاع الصناعة الأمريكي التوسع الذي شهده منذ آب الماضي لأول مرة منذ شهر شباط للعام 2008.
كما أظهر التقرير أن الأسعار المدفوعة لمعهد التزويد الصناعي ارتفعت إلى 70.0 خلال كانون الثاني مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 61.5 وبأفضل أيضا من التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع يصل إلى 62.4، إضافة إلى أن المؤشر أظهر ارتفاع مستويات الإنتاج خلال كانون الثاني إلى 66.2 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 63.3، بينما صعدت الطلبات الجديدة خلال الشهر نفسه إلى 65.9 مقابل 64.8 خلال الشهر الذي يسبقه، إضافة إلى ارتفاع توصيلات الموردين خلال كانون الثاني إلى 60.1 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 56.8 وذلك وسط ارتفاع المخزونات إلى 46.5 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 43.0، وأخيرا ارتفعت العمالة إلى 53.3 مقابل 50.2.
إلا أن المعضلة تكمن في مخزونات الزبائن فقط والتي واصلت تراجعها منذ أيار للعام 2009 لتصل خلال كانون الثاني إلى 32.0 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 35.0، واضعين بالاعتبار أن طلبات الصادرات الجديدة ارتفعت إلى 58.5 مقابل 54.5، الأمر الذي يشير إلى أن التحسن العالمي الذي شوهد في مستويات الطلب لا يزال ضعيفا بعض الشيء وبالتالي فإن المصنّعين يستمرّون في تقليص الطلبات لمجاراة الضعف في مستويات الطلب.
ولكن يجب أن لا ننسى بالمقابل أن معدل البطالة لا يزال ضمن المستويات الأعلى له منذ العام 1983 ليصل مؤخرا إلى 10.0%، إضافة إلى أوضاع التشديد الائتماني مصحوبة بضعف مستويات الطلب والتطلعات المرتبطة بمرحلة التعافي، الأمر الذي يظهر مؤشرات مختلطة حول أداء القطاع خلال الفترة الأخيرة، مشيرين أن قطاع الصناعة الأمريكي لا يزال ححذ بشأن توظيف أعداد جديدة وسط انتظار بوادر أكثر وضوحا للتعافي ومؤشرات استقرار الأوضاع بشكل عام أكثر دقة لتحقيق النمو على المدى البعيد.
وبالتالي فإن ضعف الأوضاع الاقتصادية نوعا ما، إضافة إلى معدلات البطالة التي لا تزال تحوم حول المستويات الأعلى لها منذ 26 عام وفشلها في التراجع قبل أن تستقر الأوضاع وتتحقق مرحلة التعافي، والتي من المتوقع أن تتشكل بحلول النصف الثاني من العام 2010.
وعلى ما يبدو أيضا أن قطاع الصناعة الأمريكي تعافي من المرحلة الأسوأ من الأزمة المالية منذ الثمانينات، حيث يتوقع المحللون أن قطاع الصناعة يكون الأسرع بين القطاعات الرئيسية الأخرى في التوسع والتقدم ليشكل القطاع دعما لمرحلة تعافي الاقتصاد الأمريكي ككل.
كما صدر عن الاقتصاد الأميركي أيضا تقرير الإنفاق على البناء والذي أظهر تراجعا في المؤشر خلال كانون الأول بنسبة 1.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.6% والتي تم تعديلها بتطابق مع القراءة الفعلية أي إلى 1.2% وبأعلى من التوقعات التي بلغت -0.5%.
مشيرين أن قطاع المنازل الأمريكي اكتسب مؤخرا الكثير من الدعم الحكومي متمثلا في برنامج الإعفاء الضريبي الذي هدف إلى تعزيز مبيعات القطاع عن طريق إعفاء المشترين للمنازل لأول مرة من الرسوم الضريبية والبالغة ثمانية آلاف دولار أمريكي، إضافة إلى المنازل الأمريكية التي أصبحت ذو أسعار أدنى من السابق، الأمر الذي عزز النشاط الاقتصادي في قطاع المنازل الأمريكي.
كما أن قطاع المنازل يواصل سيره نحو التعافي من أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم، إلا أن التحديات لا تزال تقف عائقا أمام تقدم القطاع بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام، والتي ستواصل إدلاء آثارها السلبية على الاقتصاد إلى جين الوصول إلى النمو واستقرار الأوضاع، حيث أن العوائق تكمن في معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني إضافة إلى التهديدات التضخمية التي قد تعرقل سير الاقتصاد الأمريكي نحو التعافي خلال الفترة القادمة.