تحرير دولي، 4 مارس/آذار (إفي): بين خمسة أفلام أجنبية بنفس القدر من الأهمية تتنافس لاقتناص جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنجليزية هذا العام، يبرز الألماني "الشريط الأبيض" الفيلم الاكثر حظا للفوز.
وعلى الرغم من أن "الشريط الأبيض" للمخرج النمساوي-الألماني مايكل هانيكيه هو الأكثر ترشيحا للفوز، إلا أن الأفلام الأربعة الأخرى المنافسة وهي الفرنسي "النبي" لجاك أوديار، والبيرواني "الصدر المرعوب" المعروف تجاريا باسم "حليب الأسى" لكلاوديا يوسا، والأرجنتيني "سر العيون" لخوان خوسيه كامبانييا، والإسرائيلي "عجمي" لاسكندر قبطي ويارون شاني، تعد من أفضل الأفلام غير الناطقة بالإنجليزية التي انتجت خلال الأعوام الأخيرة.
وتستحق الافلام الخمسة عن جدارة الفوز بجائزة الأوسكار في فئة أفضل فيلم أجنبي في دورته الـ82 والتي سيقام حفل توزيع جوائزها يوم الأحد القادم على استوديو كوداك في هوليوود.
حصد فيلم "الشريط الأبيض" للمخرج النمساوي-الألماني العديد من الجوائز افتتحها بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي الدولي، وقد فاز بنصيب الأسد في جوائز مهرجان أكاديمية السينما الأوروبية بحصوله على جوائز أحسن فيلم ومخرج وسيناريو، كما نال جائزة أفضل فيلم اجنبي في جوائز الجولدن جلوب وفي جوائز النقاد في شيكاغو ولوس أنجليس وتورونتو ونيويورك.
ويبدو أن ما يجعله الأكثر ترشيحا للفوز هو أن الافلام التي كانت تنافسه على أغلبية الجوائز التي نالها هي نفسها التي تنافسه على الاوسكار التي يتشرح به أيضا على جائزة افضل تصوير.
ويكشف الفيلم العلاقات المسمومة بين أعضاء مجتمع واحد تقترب صورته من الكمال في الظاهر فقط.
وتدور أحداثه حول مجموعة من الأطفال الذين ينشأون تحت تربية دينية صارمة بقرية ألمانية بروستانتية قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى وسلسلة من جرائم الخطف والقتل الاجرامية.
الحب والكراهية والحقد والحسد احاسيس تفصلها دراسة أنثروبولوجية لغريزة الشر لدى الإنسان يعرضها المخرج بحيادية دون أي تحيز تاركا للمشاهد وحده مواجهة وحشية تجعله يدرك معنى النازية.
وبرغم الجوائز الكثيرة التي حصدها "الشريط الأبيض"، اكتسحه فيلم "النبي" للمخرج الفرنسي جاك أوديار عندما فاز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان، غير تسع جوائز أخرى في حفل الأكاديمية الفرنسية للعلوم والفنون (سيزار) في نسخته الخامسة والعشرين، علاوة على جائزة أحسن فيلم أجنبي غير ناطق بالإنجليزية في حفل توزيع جوائز أكاديمية السينما والتليفزيون البريطاني (بافتا).
وتدور أحداث الفيلم حول شخصية فرنسية من أصول عربية كورسيكية، مرفوضة من المسلمين ومن الغرب ولكن طباعها البرجماتية وقدرتها على التكيف تمكنها من البقاء على قيد الحياة في ظل قسوة السجن.
ويلعب بطولة الفيلم الفنان الجزائري الأصل طاهر رحيم في أداء خرافي نال استحسان الجمهور والنقاد، ويتدرج أداؤه بين البراءة المفرطة في بداية دخوله السجن، وحتى يصبح قاتلا محترفا، يتحدى الجماعات المتطرفة وعصابات المافيا داخل وخارج السجن في صراع من أجل البقاء.
أما فيلم "الصدر المرعوب" أو "حليب الآسى" فيعد أول فيلم بيرواني يرشح للأوسكار، وقد بدأت مسيرته مع الجوائز في مهرجان برلين السينمائي الدولي (برلينالي 2009) عندما فاز بجائزة الدب الذهبي.
وحصل الفيلم الذي تكلف إنتاجه حوالي 1.2 مليون دولار أيضا على عدد من الجوائز الدولية مثل "الحلقة الذهبية" لمهرجان بوجوتا السينمائي وجائزة مهرجان هافانا للشباب في كوبا، بالإضافة إلى مهرجانات جوادالاخارا (المكسيك) وليما ومونتريال.
ويعكس الفيلم صورة العنف الممارس ضد المرأة البيروانية خلال سنوات الإرهاب، حيث يروي قصة فتاة تدعى (فاوستا) تعيش في خوف ورعب بعد تعرض والدتها للاغتصاب قبل ولادتها خلال عقود الحرب والإرهاب في بيرو في الفترة بين 1980 و2000 ، وتسبب حادث اغتصاب والدتها في نفور الفتاة من كل ما يتعلق بالجنس، خوفا من أن تتكرر هذه الأحداث معها.
ويشير اسم الفيلم إلى بعض الأمراض التي كانت تنتقل للأطفال الرضع من أمهاتهن المغتصبات أو اللاتي تعرضن لمعاملة قاسية أثناء الحمل، عن طريق الرضاعة.
وكانت هذه الظاهرة منتشرة في بيرو خلال حقبة العنف في الثمانينيات بسبب إرهاب حركة الدرب المضيء التي خلفت آلاف القتلى وعشرات الآلاف من الضحايا النازحين والمشردين حتى بداية التسعينيات.
حول قصة حب معقدة يتخللها تحقيق في جريمة قتل تدور أحداث الفيلم اللاتيني الثاني المرشح للأوسكار وهو الأرجنتيني "سر العيون" الفائز بـ12 جائزة في السينما الأرجنتينية، فضلا عن جائزة أفضل فيلم لاتيني في حفل توزيع جوائز الدورة الرابعة والعشرين لجوائز جويا لأكاديمية السينما الإسبانية متفوقا على ثلاثة افلام من بينها "الصدر المرعوب".
وقد سجل "سر العيون" أعلى إيرادات يسجلها شباك التذاكر في الأرجنتين منذ 34 عاما.
وعلى الرغم من أن فرص مخرج العمل كامبانييا في الفوز بفيلمه بجائزة الأوسكار هذا العام قد تكون قليلة أمام هانيكيه أو أوديار، إلا أن الدوارات السابقة اثبتت أن الأكثر ترشيحا لا يفوز دائما وهو ما حدث معه ذاته من قبل عام 2001 وقتما كان مرشحا فيلمه "ابن العروس".
ويعتبر الفيلم هو العمل الروائي الطويل السادس للمخرج الأرجنتيني ويحكى قصة شخصية تدعى بنيامين إسبوسيتو يجسد دورها ريكاردو دارين وهو موظف بالقضاء يخرج على المعاش مؤخرا ويرغب في كتابة رواية. ويستوحي أحداث روايته من قصة حقيقة كان بطلها وتتناول عمليات اغتيال وبحث وإيجاد المذنب.
وأخيرا يأتي فيلم "عجمي" الإسرائيلي-الفلسطيني الناطق بالعربية، فبعد تسع محاولات إسرائيلية فاشلة في الأوسكار وخاصة العام الماضي عندما انتزع الياباني "Okuribito" (النزوح) جائزة أفضل فيلم أجنبي من الإسرائيلي "والتز مع باشير"، ينافس هذا العام فيلم ربما يكون ليس معروف جماهيريا ولكنه لا يقل تشويقا واهمية عن الأفلام الأخرى المنافسة هذه السنة.
يفتح الفيلم أبواب هوليوود أمام مخرجين مبتدئين وهما يارون شاني، واسكندر قبطي، وهو من عرب 48 من الذين ولدوا ونشأوا في حي "عجمي" الذى اتى منه اسم الفيلم، فضلا عن فريق مكون من أكثر من 150 ممثلا هاويا تم اختيارهم من بين 300 شخص يقطنون بحي "عجمي" لم يقفوا مطلقا أمام الكاميرا.
ويطرح الفيلم قضاياه ومن بينها العداء بين العرب واليهود، وبين المسلمين والمسيحين، فضلا عن الذكورية وإزدراء الشعب الفلسطيني لعرب 48 من خلال الأحداث التي تقع في حي "عجمي" احد الأحياء الفقيرة جنوبي مدينة يافا والواقع على بعد أمتار قليلة من ساحل البحر المتوسط، ويعكس عن طريقها التوتر بين الشرطة والجيش والصدام بين الكبار والصغار أو النزاع الدائم بسبب احتلال الأراضي الفلسطينية الذي يعتبر وراء مآسي عديدة مثل الهجرة غير الشرعية والفقر والخوف.
وأوضح يارون شاني في حوار سابق مع (إفي) أن الفيلم لم يرتكز على جانب مظلم من حقيقة حي عجمي الذي لا يعكس جميع انماط الحياة في يافا، وإنما هو قصة واقعية للغاية وقائمة على وقائع تحدث بالفعل.
وقد حصل "عجمي" على العديد من الجوائز داخل إسرائيل، فضلا عن جائزة "أنتيجون الذهبية" أرفع جوائز مهرجان سينما البحر المتوسط، بالإضافة إلى ذهبية مهرجان سالونيك السينمائي الدولي. (إفي)