بغداد، 15 فبراير/شباط (إفي): مع بداية العد التنازلي لموعد فتح صناديق الاقتراع لتحديد برلمان وحكومة جديدتين في العراق تزدحم الساحة هناك بالكثير من التوقعات والتحليلات كما ينشغل الراي العام بالشخصية التي ستعتلي كرسي الحكومة الجديدة، لكن جميع العراقيين يتفقون على اختيار التكتلات الوطنية لضرب الاصطفافات الطائفية التي دفعوا ثمنها طيلة السنوات السبع الماضية.
ويواصل العراقيون في هذه المرحلة متابعة التطورات السياسية والأمنية في البلاد، والصراع السياسي وتبادل الاتهامات لكسب مودة الناخب من خلال ارتداء العباءة الوطنية واخفاء الرداء الطائفي ذي الطابع الديني.
ويتفق المحللون كما يقول خليفة هادي (استاذ جامعي) ان انتخابات 7 مارس/آذار المقبل "ستحدد ما إذا كان العراق سيتجه الى مرحلة بناء نظام سياسي مستقر لتحقيق التعايش السلمي، أم انه سيتراجع للدخول في نفق الاضطرابات والطائفية المقيتة"، مؤكدا تعثر مسيرة المصالحة الوطنية وبقاءها مقصورة الترتيبات الأمنية والاجتماعات الاستعراضية.
ولفت الى ان المجتمع العراقي يعاني بسبب الاخطاء السياسية من "التشرذم"، خصوصا في المشهد السياسي الذي طرحت فيه العشرات من الكيانات السياسية والاحزاب التي تتنافس حاليا بطريقة غريبة للظفر باكبر عدد من مقاعد البرلمان المقبل والبالغة 327 مقعدا.
واعرب عن اعتقاده بان التنافس سيكون على اشده بين "الأحزاب العلمانية والدينية".
وربط هادي صعوبة الموقف مع تزايد احساس العرب السنة بعدم ثقتهم في مشاركة فاعلة بصناعة القرار خصوصا وان المرحلة السابقة شهدت نقصان مشاركتهم، وقد تعززت هذه القضية بعد خطوة هيئة المساءلة والعدالة باستبعاد عدد من قياداتهم بتهمة العلاقة او الترويج لحزب البعث المنحل ومن بينهم صالح المطلق وظافر العاني واخرون.
والمح الى ضعف شعبية الحزب الاسلامي في الشارع العراقي الذي طرح نفسه منذ عام 2003 كممثل للعرب السنة في العملية السياسية، حيث خسر هذا الحزب الكثير من مقاعد مجالس المحافظات في انتخابات يناير/كانون ثان 2009 في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى وبغداد.
من جانبه قال المحلل السياسي عمار العبيدي "توجد صعوبة حقيقة في تحديد الشخصية التي ستتمكن من الحصول على منصب رئيس الحكومة المقبلة".
وأرجع ذلك "الى احتدام الصراع على الساحة العراقية، إضافة إلى عزوف عند الناخب، فضلا عن الاعتقاد الواسع بامكانية وقوع تزوير في نتائج الصناديق.
واضاف العبيدي "ان مايزيد من صعوبة رسم الشخصية المقبلة لرئيس الوزراء هو تقارب الخطاب المطروح من قبل الكتل المتنافسة، مستبعدا ان يحصل نوري المالكي رئيس الوزراء الحالي على ولاية ثانية".
كما أوضح ان المالكي غير منسجم مع الاتئلاف الشيعي (الائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم) وكذلك لا يحظى بقبول كردي فضلا عن خلافاته مع الادارة الامريكية التي ظهرت مؤخرا بعد انتقاده لدور السفير الامريكي ببغداد كريستوفر هيل"، مبينا في حالة فوز المالكي سيكون موقفه ضعيفا في البرلمان.
وذكر العبيدي ان الشخصيات التي يمكن القول بانها ستتنافس على موقع رئيس الحكومة هي "المالكي، وابراهيم الجعفري رئيس الوزراء السابق والذي انشق عن حزب الدعوة واصبح منافسا له بتحالفه مع الائتلاف الوطني العراقي بزعامة الحكيم".
واضاف ان اياد علاوي كتيار علماني وصاحب علاقات جيدة مع المحيط العربي يعد منافسا ثالثا، الى جانب عادل عبد المهدي نائب الرئيس العراقي الحالي والذي يتمتع بعلاقات جيدة مع طهران وعدد من الدول الاوربية.
واشار العبيدي الى ان جواد البولاني ظهر مؤخرا منافسا قويا "لكني لا اعتقد انه سيصل الى مستوى تولي قيادة الحكومة المقبلة، غير انه يتملك رصيدا جيدا في هذه المرحلة لموقفه المناهض للطائفية وتمتعه بعلاقات مع قوات الامن خصوصا الشرطة".
وفي السياق ذاته عبر عباس البياتي المتحالف مع المالكي عن اعتقاده بان الشيء الايجابي في الانتخابات المقبلة هو ان عدد المقاعد سيكون 325 بدلا من 275 مقعدا، وان البرلمان المقبل سياتي من اختيار الشعب وفقا لطريقة القائمة المفتوحة، بدلا من القائمة المغلقة.
ويتنافس حوالي 6500 مرشحا في الانتخابات، وأهم الكتل المتنافسة هي ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي، والائتلاف الوطني العراقي الذي يضم أغلب القوى والأحزاب الشيعية بزعامة الحكيم، وائتلاف العراقية الذي يتزعمه علاوي، وائتلاف وحدة العراق الذي يتزعمه البولاني، فضلا عن التحالف الكردستاني الذي يضم الحزبين الكرديين الرئيسيين بقيادة الرئيس الحالي جلال طالباني، ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني.
وفي ساحة التنافس الانتخابي يوجد ثلاثة من رؤساء الحكومات السابقة المالكي، والجعفري، وعلاوي، وجميهم يخطط للفوز بمنصب رئيس الحكومة المقبلة التي ستدير شؤون البلاد خلال السنوات الأربع المقبلة.
ويتوجب على رئيس الحكومة المقبلة الحصول على 163 صوتا في البرلمان المقبل الذي يأمل المواطن منه رؤية وجوه جديدة تحرص على الخدمات وتجتث الفساد الاداري والمالي بجدية، وليس الشركاء السياسيين.(افي)