نبدأ عزيزي القارئ يوم جديد يحمل بيانات مهمة للاقتصاد البريطاني، و ذلك قبل يوم من قرار البنك المركزي البريطاني حول سعر الفائدة المرجعي و سياسة التخفيف الكمي، أما بالنسبة لألمانيا فسنكون بانتظار بيانات مهمة تتعلق بمستويات التضخم التي ابتعدت عن مخاطر انكماشها.
سنبدأ بالاقتصاد الملكي، سنكون بانتظار صدور مؤشر الميزان التجاري لشهر تشرين الأول، تشير التوقعات إلى تقلص العجز من 7194 مليون جنيه إسترليني ليبلغ 6850 مليون جنيه، يشكل الميزان التجاري جزء مهم من ميزان المدفوعات، و بالتالي هو يعكس صورة عن وضع التجارة في البلاد، تراجع مقدار العجز يدل على تراجع الفرق بين الصادرات و الواردات في المملكة، على الرغم من استمرار تسجيل الميزان للعجز، إلا أن تراجعه يعكس بداية تعافي الصادرات في المملكة، الأمر الذي سيكون له الأثر الجيد في المستقبل على النمو في بريطانيا، مع المزيد من ارتفاع للصادرات.
سنكون اليوم بانتظار صدور التقرير المبدئي للميزانية العامة البريطانية، تشير التوقعات إلى قيام وزير الخزينة في وقت لاحق اليوم إلى رفع عمليات الإقراض المتعلقة بالخزينة، كما من المتوقع القيام برفع الضرائب على المكافآت التي سيحصل عليها موظفي البنوك، و ذلك من أجل أن تبدأ البنوك بسد بعض ديونها للحكومة و تحسين مستويات السيولة في الخزينة التي تراجعت بشكل حاد.
كما من المتوقع أن يقوم وزير المالية بتحديد سقف للمكافآت التي ستقوم بها البنوك، و التي إن تم تخطيها فسيتم دفع حوالي 50% منها كضريبة للحكومة، في الوقت الذي نرى فيه رئيس الوزراء البريطاني يبذل ما في وسعه من أجل تقليص العجز في الميزانية العامة البريطانية الذي وصل إلى أعلى مستوياته خلال الأشهر الماضية، خاصة مع قرب موعد انتخابات رئاسة الوزراء المحددة في حزيران القادم.
تتجه العديد من الأنظار خلال هذا الأسبوع ليوم غد حيث سيتم فيه الإعلان عن سعر الفائدة المرجعي، و من المرجح قيام البنك بتثبيت السعر عند مستويات 0.50% التي تعتبر الأدنى منذ تأسيس البنك، كما تتوقع الأسواق قيام البنك برفع المبلغ المخصص لتطبيق سياسة التخفيف الكمي ليبلغ 225 بليون جنيه إسترليني خاصة مع صدور البيانات التي أظهرت استمرار حالة الضعف في الاقتصاد الملكي، الأمر الذي أشار إلى حاجته للمزيد من الوقت من أجل الخروج من الركود الاقتصادي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
ننتقل إلى الاقتصاد الألماني، صدر اليوم مؤشر الميزان التجاري الذي يعتبر أكبر قسم في ميزانية ألمانيا، ارتفع الفائض في الميزان خلال تشرين الثاني ليبلغ 13.6 بليون يورو، بعد أن أظهر فائضاً بقيمة 9.3 بليون يورو، الأمر الذي دل على ارتفاع الصادرات في ألمانيا، يعتبر ذلك من الإشارات المهمة خاصة و أن ألمانيا تعتمد بشكل كبير على الصادرات، و بالتالي فإن ارتفاعها يشير إلى ارتفاع نسبة النمو في الاقتصاد الألماني خلال الربع الأخير من العام الحالي.
ارتفعت الصادرات بنسبة 2.5% خلال تشرين الأول، و كانت بالتالي أقل من نسبة الارتفاع التي شهدتها الصادرات خلال أيلول و التي بلغت 3.8%، إلا أنها كانت أفضل من التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع بنسبة 2.0%، لكننا نرى أن الواردات قد تراجعت بشكل ملحوظ، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الفرق بينها و بين الصادرات و بالتالي ارتفاع الفائض في الميزان التجاري، تراجعت الواردات بنسبة 2.4% بعد أن ارتفعت سابقاً بمقدار 5.8%.
كما رأينا ارتفاع الفائض في الحساب الجاري خلال الشهر نفسه ليصل إلى 11.0 بليون يورو، بعد أن حقق فائضاً بقيمة 10.4 بليون يورو خلال شهر أيلول، يدل ارتفاع الحساب الجاري على ارتفاع مستويات الإنفاق في البلاد، بعد ارتفاع التدفقات النقدية فيها، حيث رأينا أن مستويات السيولة في البلاد لاقت الكثير من الدعم من قبل الحكومة الألماني التي قامت بتخصيص مبلغ 85 بليون يورو من أجل دعم الأسواق، الأمر الذي ساهم في تحسين مستويات النمو في الاقتصاد الألماني خاصة و اقتصاد منطقة اليورو عامة.
فتكت حالة الركود الاقتصاد بمنطقة اليورو، و كان لها الأثر الكبير على مستويات الأسعار التي تراجعت في منطقة اليورو خاصة الدول الكبرى فيها، قاد النقص الحاد في سيولة الشركات إلى لجوءهن إلى تقليص عدد الموظفين كوسيلة لتخفيض التكاليف، أدى ذلك إلى ارتفاع معدات البطالة في البلاد، و بالتالي تشكيل ضغوطات للأسفل على مستويات الأسعار بعد التراجع الذي شهدته مستويات الثقة و الإنفاق في البلاد و بعد تدهور مستويات الطلب أيضاً.
رأينا اليوم تراجع حدة التراجع في مؤشر أسعار المستهلكين الألماني الذي يعتبر من أهم المقاييس لمستويات التضخم، لاقت مستويات الأسعار العديد من الضغوطات للأسفل أيضاً، تراجع المؤشر بنسبة 0.1% و كان بالتالي أفضل مقارنة بالقراءة السابقة التي أظهرت تراجعاً بنسبة 0.2%، يدل ذلك على أن الاقتصاد الألماني بالفعل في طريق التعافي من آثار الأزمة المالية العالمية على جميع الأصعدة.
كان تراجع مستويات التضخم و مخاطر انكماشها من أكبر التحديات التي واجهت الحكومات خلال تعافي اقتصادياتها، إلا أن ارتفاع مستويات الأسعار في ألمانيا يدل على ابتعاد الأسعار عن الانكماش في ألمانيا و منطقة اليورو، خاصة و أن الاقتصاد الألماني له التأثير الكبير على اقتصاد منطقة اليورو باعتباره من أكثر الاقتصاد تأثيراً في الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي.
قام البنك المركزي الأوروبي خلال اجتماعه الأخير بتثبيت أسعار الفائدة عند 1.00%، كما لم يقم بإجراء أي تغيير على المبلغ المخصص لشراء السندات طويلة الأمد و الذي بلغ 60 بليون يورو، إلا أنه تطرق في تصريحاته إلى مستويات الأسعار و التضخم في البلاد، أكد على ابتعاد احتمالية انكماشها، كما بين أنه على الرغم من بقاء مستويات الأسعار أقل من الأهداف التي حددها البنك إلى أن تريشيه توقع دخولها المناطق الموجبة خلال الأشهر القادمة.