بكين، 15 يوليو/تموز (إفي): في الوقت الذي تحاول فيه مدينة أورومكي الصينية التعافي من موجة الاضطرابات التي عصفت بها بداية من الخامس من الشهر الجاري، ارتفعت وتيرة التوتر بين الصين والعالم الاسلامي، الحليف التقليدي لبكين، ذلك ان أصواتا من المسلمين تعالت لمناصرة اخوانهم من مسلمي عرق اليوجور.
يشار الى ان العلاقات الوطيدة ما بين الصين والعالم الاسلامي بدأت منذ عقود طويلة تعود الى حقبة تصفية الاستعمار وحركة دول عدم الانحياز، الا انها تشهد في الوقت الحالي بداية توتر غير مسبوق على خلفية المواجهات بين الصينيين الهان واليوجور الذين يمثلون الاقلية المسلمة.
في هذا السياق طالبت بكين العالم الاسلامي بتفهم الاجراءات المتخذة حاليا في مدينة أورومكي على خلفية المواجهات الدائرة، والا يتم فهمها على أنها "صراع ديني"، ردا على ما دعا اليه بعض المسلمين الراديكاليين من "شن حرب جهادية" على الصين.
فيما أشار المتحدث الرسمي باسم الخارجية الصينية كين جانج الثلاثاء الى أن الدول الاسلامية لن تعتبر الاحداث الجارية التي تشهدها مدينة أورومكي صراعا دينيا اذا ما تكونت لديها "رؤية واضحة" عن الوضع الحقيقي، مضيفا ان المواجهات بين الجماعات العرقية او الدينية تضر بالسلام واستقرار البلاد.
في سياق متصل أكد المسئول الصيني على العلاقات الطيبة بين الصين والعالم الاسلامي، والتي تأسست على مبادىء الاحترام والمنفعة المتبادلة وعدم التدخل في الشأن الداخلي.
يشار الى ان العلاقات بين الصين والدول الاسلامية على مدار عشرات السنوات كانت طيبة للغاية، ومثال على ذلك ادانة بكين لغزو العراق عام 2003.
وبالمثل فإن النظام الشيوعي الصيني يعطي السلطة الوطنية الفلسطينية وضع الدولة المستقلة في تعامله معها، كما انه لم يقم اية علاقات دبلوماسية مع اسرائيل حتى عام 1992.
وفيما يتعلق بمجال الطاقة تعتبر الصين أحد أهم مستوردي النفط من دول أغلبها اسلامية مثل العراق، وايران، والهند، ونيجيريا، والسودان، كما تقدر حجم استثماراتها في هذه الدول بالملايين، فضلا عن مشروعات التنقيب عن البترول في اراضيها.
الا أن هذه الوشائج الوطيدة بين الصين والعالم الاسلامي لم تحل دون قيام بعض الاقليات الراديكالية الاسلامية في الخارج من وصف الصراعات الدائرة بأنها " قمع يمارس بحق المسلمين الصينيين"، والبالغ عددهم 20 مليون مسلم في البلد الاسيوي.
وكان من تبعات ما سبق قيام بعض رجال الدين في إيران بتوجيه نداء الى العالم الاسلامي ليتحد ويدين الصين، وبالمثل انتفاض نظرائهم في اندونيسيا للمطالبة بشن "حرب جهادية" ضد البلد الاسيوي، وذلك من خلال الاحتجاجات التي نظمت في جاكارتا أمام مقر السفارة الصينية.
ولفتت احتجاجات الراديكاليين الاسلاميين انتباه القاعدة صوب الصين، وهي الدولة التي لم تتلق قبلا اي نوع من تهديدات القاعدة، على الرغم من الاتهامات التي وجهتها الصين في وقت سابق للانفصاليين اليوجور بشأن اتصالهم بالتنظيم الذي يتزعمه أسامة بن لادن.
وفي سياق متصل تفاقمت الاوضاع اثر قيام جريدة "ساوس شينا مورنينج بوست" الصينية بنشر تقرير للاستخبارات البريطانية يؤكد تهديدات وجهها تنظيم القاعدة في دول المغرب الاسلامي لشركات ومشروعات صينية في دول المغرب.
وقام المتحدث الرسمي باسم الخارجية الصينية بالرد على التقرير، مشيرا الى ان بكين "يقظة"، وانها اتخذت بالفعل الاجراءات اللازمة لحماية مؤسساتها ورعاياها في الخارج.
يشار الى ان مئات الالاف من الصينيين يعملون في شمال أفريقيا، والشرق الاوسط، بينهم 50 ألف في الجزائر.
وكانت بعض المؤسسات والجمعيات الناشطة في مجال حقوق الانسان قد نددت في وقت سابق بالقمع الذي يمارسه نظام بكين في اشارة الى منع المسلمين من اداء شعائرهم، كما ان منظمة العفو الدولية نددت قبلا بقيام الصين باجبار العلماء المسلمين على الخضوع للحزب الشيوعي، فضلا عن رفض نشر مطبوعات القرآن في البلاد دون تصريح من السلطة المركزية.
ويشكو المسلمون في الصين ايضا من منع دخول القصّر للمساجد، وذلك لان السلطات ترى ان أية ممارسات دينية يجب ان تتم في اطار محدود للغاية بزعم المحافظة على استقرار البلاد.
يشار الى ان أغلبية مسلمي الصين يتركزون في المناطق الشمالية الشرقية للبلاد، وهي المناطق التي كان يمر بها "طريق الحرير" في العصور القديمة، والذي كان يصدر منه نسيج الصين الشهير الى كافة دول العالم. (إفي)