اختتمت الاقتصاد الأمريكي أسبوعاً مهماً من حيث إصدار البيانات والأخبار الاقتصادية، وذلك بالمقارنة مع الأسابيع الماضية، حيث تركزت بيانات الأسبوع الماضي على بيانات الناتج المحلي الإجمالي وتقرير الدخل في الولايات المتحدة الأمريكية، مع الإشارة إلى أن بيانات الأسبوع الماضي أكدت جميعها على اعتدال عجلة التعافي والانتعاش، الأمر الذي يوضح مدى أهمية الأسبوع.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن بيانات الأسبوع الماضي أشارت إلى ارتفاع طلبات البضائع المعمرة خلال شباط/فبراير الماضي، ولكن بأدنى من التوقعات، كما وأظهرت تلك الطلبات والمستثنى منها المواصلات ارتفاعاً خلال الفترة ذاتها وبأسوأ من التوقعات، الأمر الذي يؤكد على أن طلبات البضائع المعمرة لا تزال تبحث عن استقرارها المفقود، في حين أظهر المؤشر أن الطلبات على المنتجات التي تعكس قابلية إنفاق المستهلكين لا تزال ضعيفة هي الأخرى، بسبب ضعف مستويات الإنفاق، علماً بأن الإنفاق يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي تقريباً.
أما وزارة التجارة الأمريكية فقد كانت على موعد مع إصدار بيانات الناتج المحلي الإجمالي والخاصة بالربع الرابع من العام الماضي 2011 وفي القراءة النهائية، حيث أظهر التقرير بأن الاقتصاد الأمريكي نما بنسبة 3.0% خلال الربع الرابع، وبتطابق مع التوقعات التي أشارت إلى أن الاقتصاد الأمريكي نما بنسبة 3.0% خلال الربع الرابع، أما مستويات الإنفاق الشخصي فقد ارتفعت بنسبة 2.1 بالمئة بتطابق مع التوقعات، إلا أن تلك القراءات لا تزال تؤكد على أن الاقتصاد الأمريكي يواصل تحسنه تدريجياً وبشكل "معتدل".
وعلى الرغم من كون الاقتصاد الأمريكي لا زال يواجه الكثير من التحديات في الوقت الحالي، إلا أن البنك الفدرالي الأمريكي كان قد أكد في آخر تصريحاته على أن البنك يبقي على خيار "إقرار جولة ثالثة من التخفيف الكمي" على الطاولة، في حال استدعت الحاجة لذلك.
وقد شهد الأسبوع الماضي أيضاً إصدار القراءة النهائية لمؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك الأمريكي والخاصة بشهر آذار/مارس، لنشهد ارتفاع القراءة النهائية لآذار وبأعلى من التوقعات، علماً بأن مستويات الثقة تعد لاعباً أساسياً في مستويات الثقة في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن ناحية أخرى فقد صدر عن الاقتصاد الأمريكي في الأسبوع الماضي تقرير الدخل، والذي جاء ببيانات متباينة بعض الشيء، حيث صدر التقرير عن وزارة التجارة الأمريكية في قراءته الخاصة بشهر شباط/فبراير الماضي، لنشهد ارتفاع مستويات الدخل بأدنى من التوقعات، في حين ارتفعت مستويات الإنفاق بأعلى من التوقعات خلال الفترة ذاتها، إلا أننا لا نستطيع القول بأن مستويات الدخل قد تعافت بشكل تام، وخير ما يمكننا وصف مستويات الدخل والإنفاق به في الولايات المتحدة الأمريكية بأنها لا تزال "ضعيفة"، ولا ترتقي إلى المستويات المطلوبة، الأمر الذي يؤكد فعلاً على أن أنشطة الاقتصاد الأمريكي تنمو بوتيرة معتدلة خلال الوقت الراهن.
حيث أكد التقرير الصادر على ارتفاع الدخل الشخصي خلال شباط/فبراير وبنسبة بلغت 0.2 بالمئة، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.2 بالمئة، وبأدنى من التوقعات التي بلغت 0.4%، في حين أظهرت مستويات الإنفاق الشخصي نمواً جيداً خلال الشهر ذاته بنسبة بلغت 0.8 بالمئة، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.4% وبأعلى من التوقعات التي بلغت 0.6 بالمئة، علماً بأن مستويات الإنفاق تشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
في حين أشار التقرير إلى ارتفاع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي المثبط السنوي خلال شباط/فبراير بنسبة 2.3%، بالمقارنة مع القراءة السابقة التي بلغت 2.4%، وبتطابق مع التوقعات، في حين أن المقياس المفضل لدى البنك الفدرالي لقياس التضخم - مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري - ارتفع خلال شباط/فبراير على الصعيدين الشهري والسنوي بتطابق مع التوقعات.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن البنك الفدرالي الأمريكي أشار مؤخراً إلى أن معدلات التضخم ستشهد ارتفاعاً "مؤقتاً" في الفترة المقبلة، بسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز، إلا أن ذلك لا ينفي بقاء مستويات التضخم تحت السيطرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وسط ضعف الأوضاع الاقتصادية، لذا فالتضخم لا يعد تهديداً لعجلة التعافي والانتعاش ضمن الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة المقبلة...