تراجع أزمات الدول النامية يدفعها لتحقيق أفضل مكاسب خلال 8 سنوات
من المتوقع أن ينقضى عام 2017 فى وقت تحقق فيه السياسة النقدية السهلة والنمو العالمى الناشئ عوائد كبيرة للأسواق الناشئة حول العالم.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج» أن العملات والأسهم فى الاقتصادات النامية تسير على المسار الصحيح لتحقيق أكبر انتعاش خلال 8 سنوات فى وقت تصدت فيه الأسواق الأكثر خطورة للأزمات والتهديدات المختلفة لتحقيق مكاسب للمستثمرين.
وكانت عائدات السندات جيدة أيضاً حيث عادت ديون العملة المحلية إلى تسجيل أعلى مستوياتها منذ عام 2012 وسط بيئة سياسة فضفاضة.
وقالت الوكالة إن عام 2017 كان مليئاً بالأحداث المقلقة فى الأسواق الناشئة بداية من الخطاب التجارى الحمائى للرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى قذائف كوريا الشمالية الصاروخية وعجز فنزويلا عن سداد ديونها.
ولكن المستثمرين نظروا خلف التوترات ليركزوا على الإيجابيات فى هذا العام مع صورة النمو القوية التى غيرت مسار معظم الصدمات.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن استمرار القدرة على الصمود فى عام 2018 أصبح أقل وضوحاً مع عزم مجلس الاحتياطى الفيدرالى توسيع تشديد سياسته النقدية والمخاطر السياسية المستمرة التى تلوح فى الأفق.
وشهدت المنطقة الآسيوية التى تعد موطنا لأكبر اقتصادات الدول النامية نصيبها العادل من أحداث التحول فى السوق هذا العام.
ففى الصين أثرت حملة خفض الديون التى قادها الرئيس شى جين بينغ، خلال المؤتمر الشيوعى التاسع عشر أكتوبر الماضى والتى عززت مكانته كأقوى زعيم فى البلاد منذ عقود، على معنويات السوق طوال العام.
ويجرى حالياً تكثيف الحملة الرامية إلى خفض مستويات الديون والتصدى للمخاطر النظامية.
وبالنسبة لشبه الجزيرة الكورية فقد أثار «الرجل الصاروح» – زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ – كما سماه ترامب، غضب العالم مع أكثر من 12 اختباراً للصواريخ فى 2017.
وأفادت الوكالة بأن أفعال كيم، أطلقت حربا كلامية مع الرئيس الأمريكى، الذى أعرب عن سخطه من النظام والسعى للقضاء على الأسلحة النووية من خلال الجزاءات والإدانة العالمية ومن المرجح استمرار التوتر فى 2018.
وكشفت «بلومبرج» عن وجود تحسينات بمؤشر «إم إس سى آى» للأسواق الناشئة حيث فازت الأسهم المحلية فى الصين بنصيب الأسد على المؤشر بعد أن أعطت السوق مصداقية وجعلته ينفتح أمام شريحة من المستثمرين الذين لم يكن لديهم سوى القليل من التعرض لثانى أكبر اقتصاد فى العالم.
يأتى ذلك فى الوقت الذى استعادت فيه باكستان مكانتها على المؤشر بعد أن تراجعت بسبب فضيحة الفساد السياسى.
الهند وتعزيز التقييمات
بدأت الدفعات الإصلاحية التى قام بها رئيس الوزراء ناريندرا مودى، تؤتى ثمارها فى عام 2017.
ففى نوفمبر الماضى رفعت وكالة «موديز» التصنيف الائتمانى للهند للمرة الأولى منذ 14 عاماً بعد أن أجرى مودى، إصلاحاً لنظام الضرائب بعد فرضه ضريبة السلع والخدمات فى يوليو.
وأعلنت الحكومة الهندية أنها ستضخ مبلغاً غير مسبوق قدره 2.11 تريليون روبية وهو ما يعادل 32 مليار دولار لبنوكها الحكومية خلال العامين المقبلين لإحياء النمو.
وفى أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا كانت قصة النمو فى عام 2017 تهيمن عليها الأزمات السياسية إلى حد كبير.
جنوب أفريقيا وهروب الأجانب
كان رد الفعل فى أصول جنوب أفريقيا مفاجئاً عندما أقال الرئيس جاكوب زوما، وزير المالية برافين غوردهان، مارس الماضى حيث قام المستثمرون الأجانب بالتخلى عن شراء «الراند» سريعاً ليمحو مكاسبه لهذا العام فى حوالى أسبوع.
جاء ذلك بعد أن فقدت الدولة درجاتها الاستثمارية بالعملة الأجنبية بعد خفض تصنيفها من قبل العديد من وكالات التصنيف مثل «فيتش» و«ستاندرد آند بورز» وتوقف نموها الاقتصادى.
السعودية وصدمة الاعتقالات
لقد كان عام 2017 مزدحماً فى المملكة العربية السعودية حيث لم يكن عام الإصلاح الاقتصادى فقط ولكن شاهدنا أيضاً عدداً كبيراً من المليارديرات والأمراء الذين تم اعتقالهم كجزء من حملة التطهير ضد الفساد فى وقت قطعت فيه الممكلة علاقتاتها مع جارتها الخليجية قطر.
وتجاوزت المخاطر السياسية المتزايدة فى المنطقة محاولات الحكومة لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب إلى سوق أسهمها وهو الوضع الذى من المرجح أن يستمر فى 2018.
تركيا والتدخل السياسى
بعد فوز الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فى استفتاء التصديق على سيادة حكمه أبريل الماضى تدهورت العلاقات المضطربة فى الأساس مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وهو الأمر الذى أثر سلبا على العملة المحلية.
وانتقد أردوغان البنك المركزى فى نوفمبر الماضى قائلاً إنه يسير على الطريق الخاطئ فى معالجة التضخم المتزايد ما أدى إلى تراجع الليرة لمستوى قياسى لتكون الاسوأ أداء فى السوق الناشئة هذا العام.
جمهورية التشيك ومكاسب العملة
أنهى البنك المركزى التشيكى «سقف العملة» المطُبق على عملتها المحلية «الكرونا» بعد تطبيقه لثلاث سنوات ونصف فى أبريل الماضى مما سمح بارتفاع قيمة العملة أكثر من 5% مقابل اليورو و18% مقابل الدولار هذا العام وهى القيمة الأكبر بين العملات الناشئة بدعم الاقتصاد القوى واحتمال زيادة أسعار الفائدة فى عام 2018.
نيجيريا وإصلاح نظام الصرف الأجنبى
أصبحت نيجيريا، أكبر اقتصاد فى أفريقيا على مقربة من تعويم عملتها المحلية خلال الوقت الراهن.
وكان البنك المركزى قدّم فى أبريل الماضى سعر صرف بديل للمستثمرين حيث سمح للعملة المحلية «نيارا» أن تنخفض إلى مستويات السوق السوداء وقد أجريت حوالى 18 مليار دولار من الصفقات عبر هذا النظام حتى نهاية أكتوبر الماضى.
بولندا والحالة الجديدة
رفعت شركة «فتس راسل» بولندا إلى سوق الأسهم المتقدمة فى سبتمبر الماضى ولكن السياسة قد اتخذت مركز الصدارة فى عام 2017.
منذ تولى الأحزاب اليمينية السلطة قبل عامين أججت العلاقات مع ألمانيا وفرنسا وتحدت سيادة القانون للاتحاد الأوروبى وطالبت بإصلاح النظام القضائى فى البلاد.
وفى الوقت نفسه، شهد الطلب المحلى نمواً اقتصادياً سريعاً فى بولندا ليتوسع بأسرع وتيرة منذ عام 2011 فى الربع الثالث الأمر الذى عزز الأسهم.
روسيا ولدغة العقوبات
مع اقتراب عائدات السندات لتسجيل أدنى مستوياتها منذ مايو الماضى فإن التهديد بفرض عقوبات جديدة على روسيا قد يهدد أسواق الديون.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تقوم فيه وزارة الخزانة الأمريكية حاليا بإعداد تقرير حول التأثير المحتمل لتوسيع العقوبات على سندات الروبل السيادية.
وكانت الأسواق قد شهدت حالة من التوتر فى يوليو بعد أن شددت الولايات المتحدة العقوبات الحالية ضد موسكو التى وقعها ترامب أغسطس الماضى.
وبالنسبة لأمريكا اللاتينية على الرغم من أن عام 2017 كان له أكثر من حقيبة مختلطة فإن العديد من تهديدات ترامب على التجارة قد فشلت فى التحقق ولكن أزمة تعثر فنزويلا عن سداد ديونها تردد صداها فى السوق الناشئة.
وبالنسبة للبرازيل فإن التركيز حاليا على إجراء الانتخابات حيث استمرت جهود الرئيس ميشيل تامر، لخفض العجز فى الميزانية تدفع الأسهم البرازيلية إلى مستويات قياسية جديدة.
وبعد إصدار قوانين العمل الجديدة بنجاح يحاول الرئيس البرازيلى فى الوقت الراهن جمع الدعم لإصلاح نظام التقاعد قبل نهاية العام الجارى.
المكسيك وتهديدات ترامب لاتفاقية «نافتا»
مع استمرار التهديدات التجارية لترامب فى النصف الأول من عام 2017 بدأ المستثمرون يقللون من خطر تفكيك اتفاقية التجارة الحرة فى أمريكا الشمالية «نافتا» ما دفع البيزو المكسيكى إلى تحقيق مكاسب فى الأسواق الناشئة.
ورغم تراجع البيزو منذ ذلك الحين بسبب المخاوف من التحول الشعبوى فى الانتخابات الرئاسية 2018 ظلت العملة فى المراكز العشرة الأولى فى التصنيف العام حتى الآن.
وتجرى محادثات حول تجديد اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية فى واشنطن هذا الأسبوع مع مجموعة «جولدمان ساكس» المصرفية التى أعلنت أن الانسحاب الأمريكى من الصفقة يبدو أكثر احتمالاً.
فنزويلا وكارثة الديون
بعد أشهر من الاحتجاجات وعدم الاستقرار أدى قرار الحكومة بإعادة هيكلة ديونها إلى تعثر السندات المحلية وسندات شركة «بيتروليوس دى فنزويلا» فى أوائل نوفمبر.
وسيشكل الوضع تحدياً بسبب العقوبات الامريكية التى تمنع المستثمرين من التعامل مع بعض كبار المسؤولين وشراء ديون جديدة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تشهد العملة الفنزويلية تحرراً مجانياً مما دفع الرئيس نيكولاس مادورو، إلى فكرة إنشاء «عملات نقدية» للتغلب على الحصار المالى.
الأرجنتين وظهور بعض التعافى
تعافت الأصول الأرجنتينية هذا العام بعد أن قدم الرئيس موريسيو ماكرى، خططاً لتضييق العجز المالى كما تعهد بتعديل بعض السياسات الحمائية للحكومة السابقة ويخطط لإصلاح أنظمة الضرائب والمعاشات التقاعدية.