القاهرة، 18 فبراير/شباط (إفي): احتفل مئات الآلاف من المصريين اليوم بالثورة في ميدان التحرير بالقاهرة عبر أكبر مظاهرة منذ 25 من يناير/كانون ثان الماضي، بعد أسبوع من الإطاحة بالرئيس حسني مبارك.
ودعا الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في خطبة ألقاها أمام المصريين الذين تجمعوا في الميدان، الحكام العرب إلى التحاور مع شعوبهم، في إشارة إلى الإحتجاجات التي اندلعت في عدة دول عربية للمطالبة بإصلاحات، فيما طالب المصريين بمواصلة ثورتهم والحفاظ عليها حتى تتحقق مطالبهم في الديمقراطية والإصلاح.
كما أشاد القرضاوي بـ"شهداء الثورة"، وطالب باجتثاث الفساد والعمل على إعادة الأموال "المنهوبة" خلال ثلاثة عقود من حكم الرئيس المتنحي حسني مبارك، والتي قدرها بنحو ثلاثة تريليونات دولار.
وأكد على ضرورة تغيير الحكومة التي شكلها مبارك قبل تنحيه، برئاسة أحمد شفيق، والتي قال إنها "تذكر الناس بما حدث لهم من عنف أثناء الثورة"، وتشكيل حكومة مدنية، داعيا القوات المسلحة إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين والمدنيين الذين أدينوا بجرائم من قبل المحاكم العسكرية.
ومن جانب آخر، أشاد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بوحدة المسلمين والأقباط في مصر أثناء الثورة، وأكد على أهمية استمرارها، داعيا الأقباط إلى "السجود مع إخوانهم المسلمين شكرا لله".
كما أشاد بتعامل الجيش مع الشعب المصري خلال الاحتجاجات التي اندلعت ضد نظام الرئيس المتنحي حسني مبارك في 25 يناير/كانون ثان الماضي واستمرت 18 يوما، وطالب المصريين بـ"الصبر"، وتجنب الاحتجاجات الفئوية والتركيز على بناء الدولة، فيما دعا القرضاوي الجيش إلى طمأنة أصحاب المطالب.
ومن ناحية أخرى، دعا الشيخ القرضاوي إلى فتح معبر رفح لإيصال المساعدات إلى سكان قطاع غزة، وطالب الفلسطينين بـ"الثقة في النصر"، معبرا عن أمله في الصلاة بالمسجد الأقصى.
وكان القرضاوي، الممنوع من إلقاء دروس في مصر منذ عام 1981 ، قد وصل ليل الخميس إلى القاهرة، قادما من قطر، للمشاركة في المظاهرة المليونية التي دعا اليها شباب ثورة 25 يناير فى ميدان التحرير للاحتفال بما أطلقوا عليه "يوم الوفاء" تكريما لشهداء الثورة، التي تقدرهم وزارة الصحة المصرية بـ365 قتيلا فيما تؤكد مصادر مستقلة أن العدد أكبر من ذلك.
كما أطلق شباب الثورة أيضا على المسيرة اسم "جمعة النصر"، مؤكدين أنها تسعى إلى جانب الاحتفال بالإطاحة بمبارك، لتذكير قادة الجيش، الذين يتولون السلطة منذ الجمعة الماضية، بقوة الشارع.
وأم القرضاوي المجتمعين في صلاة الجمعة، ثم صلاة الغائب ترحما على شهداء الثورة، وتلت الصلاة نداءات وهتافات تحث على اجتثاث كامل لنظام مبارك ومحاربة الفساد، مثل: "ولا حزبه ولا أعوانه" في إشارة للحزب الوطني، و"الشعب يريد تطهير البلاد".
وكانت قوات الجيش قد قامت بإغلاق جميع الطرق المؤدية إلى ميدان التحرير لتأمين الشباب وتجنب أعمال شغب محتملة، وتم تحويل خطوط سير السيارات القادمة من شارع القصر العيني بداية من مجلسي الشعب والشورى، بالإضافة إلى انتشار عدد كبير من الجنود في الشوارع الرئيسية والفرعية حول المتحف المصري وميدان عبد المنعم رياض.
وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تسلم السلطة بعد تنحي مبارك قد تعهد بنقل السلطة إلى المدنيين خلال مرحلة انتقالية، وإلغاء حالة الطوارئ وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمعة في غضون ستة أشهر.
يذكر أن شباب الثورة، الذين يطالبون بتشكيل حكومة تكنوقراط، أعلنوا مؤخرا عن تأسيس حزب جديد يحمل اسم "حزب ثوار التحرير"، مشيرين إلى أنه لن يضم في عضويته إلا الشباب تحت سن الخمسين عاما، ويحمل شعار "حرية عدالة تنمية".
وتمثل استعادة ما وصفت بأنها أموال مصر المنهوبة أحد أهم القضايا التي سيتبناها الحزب، إضافة إلى ملاحقة المسئولين عن سقوط الشهداء، والمساهمة في بناء الدولة الجديدة.
وفي المقابل، احتشد ما يزيد عن عشرة آلاف من أنصار مبارك في ميدان مصطفى محمود لتكريم الرئيس السابق، وفقا لما ذكرته مصادر أمنية.
وعلى الصعيد السياسي، تلقت السلطات المصرية طلبا من مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة للسماح بمرور سفن حربية إيرانية عبر قناة السويس.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية نقلا عن مصادر بوزارة الدفاع أن الطلب يشمل عبور سفينتين "لا تحملان أية معدات عسكرية أو مواد نووية أو كيميائية".
وتتواجد السفينتان حاليا بالمياه الدولية بالبحر الأحمر، وتدرس وزارة الدفاع إمكانية السماح لهما بعبور القناة.
وكان مسئول بالبحرية الإيرانية قد أكد الخميس عزم السفينتين المرور بالقناة ونفى أن تكون السلطات المصرية قد منعت ذلك.
ومن جانبه، اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان أن مرور السفينتين من القناة في طريقهما إلى سوريا يعتبر "عملا استفزازيا"، مشددا على أن حكومته "لا يمكنها غض الطرف إلى الأبد عن مثل هذه الأعمال".
يذكر أن الحكومة الإسرائيلية كانت قد أعربت في وقت سابق عن قلقها إزاء سقوط نظام مبارك ودعت المجتمع الدولي لإلزام أي حكومة جديدة في القاهرة بالحفاظ على اتفاقية السلام الموقعة عام 1978.
ومن جانبه، أكد المجلس العسكري الحاكم في مصر أنه ملتزم بكافة الاتفاقيات الدولية الموقعة من قبل النظام السابق. (إفي)