نحن بصدد افتتاح ثاني جلسات الأسبوع عزيزي القارئ، واضعين بعين الاعتبار أن جلسة اليوم ستكون مزيجا بين بيانات الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الكندي معا، إذ سيصدر عن الاقتصاد الأكبر في العالم - الاقتصاد الأمريكي - مؤشر معهد التزويد الصناعي عن شهر شباط بالإضافة إلى مؤشر الإنفاق على البناء عن شهر كانون الثاني، بينما سيكون موعدنا مع قرار البنك المركزي الكندي بخصوص أسعار الفائدة.
والبداية ستكون مع الاقتصاد الكندي وقرار الفائدة الذي من المتوقع أن يبقى على ما هو عليه عند نسبة 1.00%، وذلك بعد أن قاموا برفعها في الثامن من أيلول الماضي من 0.75% إلى 1.00%، مشيرين إلى أن البنك المركزي الكندي أشار سابقا أن الاقتصاد الكندي يواصل تعافيه من الأزمة المالية الأسوأ منذ عقود، كما ويسير على خطى التقدم معتمدا الاقتصاد على تحسن الأوضاع على مستوى العالم، موضحا البنك أن التوتر في الأوضاع الأمريكية بشكل خاص والعالم بشكل عام كان له الأثر السلبي على الاقتصاد الكندي حيث أثقل كاهل أسعار السلع الأساسية وعدا عن ذلك فقد أسهم ذلك التوتر في زيادة التشديد في الأوضاع الائتمانية أيضا.
حيث أن كندا تعتبر ثاني أكبر احتياطي نفط في العالم بعد المملكة العربية السعودية، لذا فقد استفادت كندا من الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط الخام خلال الأشهر الأولى من العام الجاري، وذلك في خضم التوترات السياسية التي واجهتها منطقة الشرق الأوسط والتي لا تزال مستمرة، مما أثر على مستويات الطلب على النفط الخام بالإيجاب.
أما بالنسبة للاقتصاد الأمريكي فسيصدر عنه اليوم مؤشر معهد التزويد الصناعي عن شهر شباط والذي من المتوقع أن يصل إلى 61.0 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 60.8، والتي تعد الوتيرة الأسرع للمؤشر منذ شهر أيار للعام 2004.
مشيرين إلى أن قطاع الصناعة الأمريكي كان الداعم الأكبر لنمو الاقتصاد الأمريكي خلال نهاية العام 2009 ومع بداية العام 2010 ليواصل توسعه، ولكنه واجه تراجعا في هذا التوسع خلال النصف الثاني من العام الذي انقضى، وذلك في ظل معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني، ناهيك عن مستويات الطلب الضعيفة وذلك ليس على مستوى الولايات المتحدة فحسب إنما على مستوى العالم أجمع، إلا أن قطاع الصناعة بقي ضمن حالة التوسع التي بدأها مسبقا، واضعين بعين الاعتبار أن قطاع الصناعة يعد من أسرع القطاعات التي خلّفت المرحلة الأسوأ من الركود.
وذلك مع العلم أن قطاع الصناعة الامريكي تمكن من النمو للمرة الأولى منذ الأزمة خلال آب للعام 2009 ليواصل توسعه حتى هذه اللحظة، حيث أن مرحلة تعافي القطاع كانت ملحوظة نوعا ما، إلا أن الاقتصاد الأمريكي بدا وأنه فقد البعض من العزم الذي حققه خلال النصف الثاني، ليعود مع نهاية العام 2010 محاولا استرجاع بعضا من العزم الذي فقده بما يخص مرحلة التعافي.
ومن الناحية الأخرى، فيجدر بنا الإشارة بأن قطاع الصناعة تمكن من ترك المرحلة الأسوأ من الأزمة خلفه، وذلك خلال النصف الثاني من العام 2009 بالتحديد، ولكن الأوضاع الحالية تشير بأن قطاع الصناعة الأمريكي يحاول جاهدا السير على خطى التعافي ضمن وتيرة ثابتة ومستقرة، كما وتبدو أفضل مما سبق.
حيث على الرغم من التحسن الذي يمر به الاقتصاد الأمريكي إلا أن الأوضاع لا تزال ضعيفة نسبيا، وهذا ما يشير بأن مسألة الحديث عن خروج الاقتصاد الأمريكي من الركود بشكل تام تعد مبكرة نوعا ما، حيث أن العوائق لا تزال تحد من تقدم الانشطة الاقتصادية، الأمر الذي يتطلب المزيد من الوقت، حيث يتوقع المحللون بأن الاقتصاد الأمريكي سيصل إلى مرحلة الاستقرار الجزئي مع نهاية النصف الثاني من العام الحالي 2011...