يبدأ الاقتصاد الأمريكي بداية هادئة لتتركز البيانات الرئيسية مع حلول نهاية الأسبوع الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن البيانات التي سيطرت على الأسواق الأسبوع المنصرم تمحورت حول قطاع الصناعة والمنازل والعمالة الأمريكي، اذ جاء التأثير الاكبر على الاسواق من قبل قطاع العمالة الامريكي حيث اظهر تقرير التغير في الوظائف الامريكي بأن نسبة تسريح الشركات للعمال قد تراجعت بشكل كبير جدا بالاضافة الى تراجع معدلات البطالة الامريكية.
ونشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي حقق انتصارات في حربه مع الأزمة المالية منذ الكساد العظيم، إنما يبقى أمام تحديات تقف عائقا في مرحلة تعافي الاقتصاد الأميركي، حيث سيتم تعزيز الأسواق خلال الأسبوع نتيجة لدلائل التعافي التي ظهرت خلال الأشهر القليلة الماضية في مختلف القطاعات الرئيسية في الاقتصاد الأمريكي حيث من المتوقع ان يستمر التحسن في الأسواق من خلال البيانات التي ستصدر هذا الأسبوع.
وتبدأ الأسواق استقبال البيانات بتقرير ائتمان المستهلك حيث من المتوقع أن تتقلص خلال شهر تشرين الأول لتصل إلى -9.3 مليار دولار أمريكي مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -14.8 مليار دولار، الأمر الذي سيساهم في دعم مستويات الإنفاق لدى المستهلك ويساعد في تعزيز مرحلة التعافي.
في حين من المتوقع أن تتراجع مخزونات الجملة خلال تشرين الأول لتصل إلى -0.6% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.9%، حيث يواصل القطاع الصناعي الأمريكي رفع سعة الطاقة الإنتاجية بالاضافة الى تخفيض مستويات المخزونات وذلك لملاقاة مستويات الطلب الضعيفة.
علما أن مستويات الطلب المحلية والعالمية تبقى العائق الاكبر في الاقتصاديات الرئيسية العالمية، وذلك وسط معاناة الاقتصاد العالمي من أعقاب الأزمة الائتمانية، وان استطاعت اقتصاديات العالم تحقيق مستويات نمو أفضل خلال الربع الثالث من هذا العام، حيث من المفترض أن يشير الميزان التجاري أن مستويات الطلب على مستوى العالم لا يزال ضعيفا وسط التحديات التي تقف أمام النشاط الاقتصادي في العالم، وبالتالي من المتوقع أن يتوسع العجز في الميزان التجاري الأمريكي ليصل إلى 37.1 مليار دولار مقارنة بالعجز السابق البالغ 36.5 مليار دولار.
وأشار برنانكي رئيس البنك الفدرالي في شهادته امام لجنة النواب, و التي تأتي لترشيحه لفترة رئاسية اخري كرئيس للبنك الفدرالي الامريكي, الى أن العجز الضخم في ميزانية الخزينة ستبقى تهديدا للاقتصاد الأمريكي وذلك في ظل توسع الديون المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى ضرورة استحداث أدوات فعالة تعمل بشكل سريع لتقليص العجز، ولكن تتوقع الأسواق بأن الميزانية العمومية ستظهر تحسن طفيف خلال شهر تشرين الثاني ليتقلص العجز إلى 135.0 مليار دولار مقارنة بالعجز السابق والذي بلغ 176.4 مليار دولار.
وسيصدر في وقت لاحق هذا الأسبوع عن وزارة العمل الأمريكية طلبات الإعانة الأمريكية والتي تراجعت بشكل طفيف خلال الأسبوع الماضي لتصل إلى 457 ألف وظيفة، بينما طلبات الإعانة المستمرة والتي تشير إلى عدد الأمريكيين الذين يتقدمون للحصول على مساعدات حكومية شهدت ارتفاعا خلال الأسبوع الماضي، حيث من المتوقع أن تكمل طلبات الاعانة ارتفاعها هذا الاسبوع بشكل بسيط مع العلم بأن طلبات الاعانة تقبع عند مستويات ايلول من العام 2008 اي قبيل بدء الازمة المالية العالمية.
وسيحمل اليوم الأخير في الأسبوع القادم بيانات مهمة صادرة عن الاقتصاد الأمريكي، حيث سيصدر مؤشر أسعار الواردات والذي يعد مؤشر لقياس معدلات التضخم، حيث من المتوقع أن يرتفع المؤشر ليصل إلى 1.2% خلال تشرين الثاني مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.7% بينما على الصعيد السنوي فمن المتوقع أن يرتفع المؤشر ليصل إلى 3.1% مقارنة بالقراءة السابقة والبالغة 5.7%.
مع العلم أن معدلات التضخم تهديد بشكل كبير عملية التعافي الاقتصادي التي يمر بها اقتصاد الولايات المتحدة الامريكية، ولكن صرح البنك الفدرالي مسبقا أن مستويات التضخم لا تعتبر تهديدا على المدى القريب عدا عن كونه تهديدا على المدى البعيد، بينما عبّر برنانكي في شهادته عن مستويات التضخم بأنها "تحت السيطرة"، مضيفا أن سياساتالبنك الفدرالي الامريكي ملتزمة بتأمين الاستقرار للأسعار.
و سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي أيضا مبيعات التجزئة والتي من المتوقع أن تتراجع بالرغم من بدء موسم الأعياد، حيث تتوقع الأسواق أن المبيعات ستتراجع خلال تشرين الثاني لتصل إلى 0.6% مقارنة بالقراءة السابقة والتي بلغت 1.4%، ولكن بالمقابل من المتوقع أن ترتفع مبيعات التجزئة المستثنى منها اسعار النقل لتصل إلى 0.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.3% إلى جانب ارتفاع مبيعات التجزئة المستثنى منها اسعار النقل والطاقة لتصل ايضا إلى 0.5% مقارنة بالقارءة السابقة التي بلغت 0.3%.
والجدير بالذكر أن البرنامج الحكومي "Cash for Clunker" كان قد عزز مبيعات المركبات إلى جانب الخطط التحفيزية الأخرى والتي هدفت لدعم مستويات إنفاق المستهلكين، علما أن بعض هذه الخطط كانت قد اقتربت من الانتهاء خلال شهر تشرين الثاني لولا تمديد الحكومة لفترة عملها و نتيجة لهذا السبب تتوقع الاسواق تراجع المبيعات.
وهنا نذكّر بأن الاقتصاد الأمريكي بحاجة إلى تعزيز مستويات الإنفاق وذلك لدعم مرحلة التعافي وذلك وسط اقتراب انتهاء البرامج والخطط التحفيزية على مستوى العالم، والتي من المحتمل أن تؤثر سلبا على الاقتصاد، ويجب أن لا ننسى بأن معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب الأوضاع الائتمانية الصعبة والتي تقف عائقا على مستويات الإنفاق في الولايات المتحدة الأمريكية باعتبار أن إنفاق المستهلك يشكل حوالي ثلثي نمو الاقتصاد الأمريكي.
وبالإضافة إلى ذلك سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي خلال الأسبوع مؤشر مخزونات الأعمال عن شهر تشرين الأول حيث من المتوقع أن يتقلص ليصل إلى -0.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.4% وذلك وسط محاولة المصنعين في تخفيض مستويات المخزونات لديهم لملاقاة الضعف في مستويات الطلب.
أخيرا وليس آخرا يأتي مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك في قراءته التمهيدية عن شهر كانون الأول والذي من المتوقع أن يرتفع وسط التحسن الذي طرأ على الاقتصاد الأمريكي، مما عزز ثقة المستهلكين، والذي سيعطي أيضا تطلعات حول مستويات التضخم لعام واحد ولخمسة أعوام قادمة.