بعد يوم حماسي جدا ألقى بظلاله على القارة الأوروبية قام به البنك المركزي الأوروبي بإبقاء السياسة النقدية كما هي دون تعديل ، وثم جاء دراغي و لم يضف شيئا جديدا للأسواق المالية. اليوم جميع الأنظار تترقب تقرير الوظائف الأمريكي مع بعض الاهتمام على مؤشر مدراء الممتشريات الخدمي و الذي سوف يزيد من التأكيدات بأن منطقة اليورو ذاهبة ذاهبة لركود اقتصادي خلال الفترة القادمة.
لا تزال الأسواق المالية تعاني من حالة من التخبط و الحيرة بين قدرة الاقتصاديات العالمية على الخروج من المرحلة الراهنة، و وسط تفاقم أزمة الديون السيادية التي بدأت بالانتشار لاقتصاديات أوروبية عملاقة و تهدد مستقبل الانتعاش الاقتصادي في المنطقة، و هذا ما اكده دراغي أمس، إذ أن الاشارات التي صدرت مؤخراً تُشير إلى أن الاقتصاديات الأوروبية على حافة الدخول في دائرة الركود وسط تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو.
أكدت القراءات النهائية لمؤشر مدراء المشتريات الصناعي خلال تعاملات الأسبوع الجاري انكماش أدائه بوتيرة أسوا من التوقعات و الأشهر الماضية، و هذا بعد الانخفاض الحاد جدا في الصادرات وسط تداعيات أزمة الديون السيادية في المنطقة الأوروبية، و من المعلوم بأن الأقتصاديات الأوروبية تعتمد بشكل كبير جدا على الصادرات في مسيرة النمو، و اليوم اننا على موعد مع بيانات قطاع الخدمات.
يتوقع أن تبقى القراءة النهائية لمؤشر مدراء الخدمات في منطقة اليورو خلال نيسان عند 47.9، و في ألمانيا من المقرر أن تبقى عند 52.6، و لكننا لا بد من الاستعداد لتعديل سلبي لهذه البيانات و هذا مع المعطيات المحبطة الموجودة في الساحة الأوروبية و التي لا تبشر بالخير.
أن أساس هذا الضعف في أداء الأنشطة الاقتصادية السياسات التقشفية الصارمة التي أقرتها الحكومات الأوروبية لمحاربة العجز في الميزانيات العامة، و منع تكرار ما حصل في اليونان، و هذه التخفيضات العميقة في الإنفاق العام كان لها الأثر السلبي المباشر على مستويات النمو في المنطقة بل وضع المنطقة أمام صعاب أقوى.
تشهد المنطقة الأوروبية ارتفاعا كبيرا في معدلات البطالة، إذ ارتفع معدل البطالة في منطقة اليورو خلال الشهر الماضي لمستويات 10.9% الأعلى منذ 15 عاما، و هذا ما يؤكد على الضعف الكبير الذي تعاني منه الاقتصاديات، و هذا أيضا ما سوف يعرقل مسيرة التعافي و العودة للمسار الصحيح، فمستويات التوظيف هي حجر الأساس في انتعاش و نمو الاقتصاديات.
لا يقتصر الأمر على معدلات البطالة المرتفعة بل لا تزال المنطفة تعاني من الضغوط التضخمية المرتعفة و هذا ما سوف يمنع أي تخفيضات قريبة في سعر الفائدة، و هذا ما أشار له دراغي أمس عند ما رفض التعليق أو الحديث عن تخفيض أسعار الفائدة خلال الفترة الراهنة، و هذا مع وجود المخاطر التصاعدية التي تسيطر على المستويات العامة للأسعار خلال العام الجاري، مع المخاطر السلبية على النمو وسط تفاقم ازمة الديون و ضعف أداء القطاعات الاقتصادية حيث أصبحت النظرة المستقبلية لاقتصاد المنطقة غير مستقرة على الإطلاق.
يتوقع البنك المركزي الأوروبي بأن يبقى معدل التضخم في المنطقة فوق المستويات المستهدفة 2% خلال 2012 إلا أن هذه التوقعات المسقبلية للتضخم تبقى ضمن المستويات المسيطرة عليها، و هذا مع بلوغ معدلات التضخم في المنطقة 2.6% خلال الشهر الماضي.
اليوم العيون تترقب بشعف تقرير الوظائف الأمريكي و الذي من المتوقع أن يظهر تراجعا في أعداد الوظائف المضافة للاقتصاد، و هذا ما سوف يصيب الأسواق بصدمة جديدة ، خاصة و أن الآمال كانت معلقة على الاقتصاد الأمريكي لانتشال الاقتصاديات العالمية من الوضع الراهن.