من كرسيتين كيم وجوش سميث
سول (رويترز) - أثارت كوريا الشمالية الشكوك يوم الأربعاء حول امكانية انعقاد قمة غير مسبوقة الشهر المقبل بين زعيمها كيم جونج أون والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقالت بيونجيانج إنها قد تعيد النظر في عقد القمة إذا أصرت واشنطن على نزع السلاح النووي من جانب واحد وهو ما يهدد التقدم الدبلوماسي الذي جرى إحرازه على مدى أسابيع.
وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية في وقت سابق يوم الأربعاء أن بيونجيانج ألغت محادثات رفيعة المستوى مع سول في أول مؤشر على مشكلات تواجه ما كان يعتقد أنه تحسن في العلاقات.
ونقلت الوكالة أيضا عن النائب الأول لوزير الشؤون الخارجية كيم كاي جوان قوله إن مصير القمة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وكذلك العلاقات الثنائية "سيتحدد" إذا تحدثت واشنطن عن نزع سلاح الشمال النووي على غرار ما حدث مع ليبيا.
وأضاف أنه إذا حاولت الولايات المتحدة الضغط على كوريا الشمالية للتخلي عن برنامجها النووي من جانب واحد "فلن نكون مهتمين بإجراء مثل هذا الحوار ولا يسعنا إلا إعادة النظر في عقد القمة بين جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية والولايات المتحدة".
وخص كيم بالنقد جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي الذي دعا كوريا الشمالية إلى سرعة التخلص من ترسانتها النووية في إطار اتفاق يشبه ذلك الذي تخلت ليبيا بموجبه عن أسلحة الدمار الشامل.
وانتقدت كوريا الشمالية بولتون في السابق عندما كان يعمل في إدارة بوش ووصفته بأنه من "حثالة الناس" و"مصاص دماء".
وقال كيم "ألقينا الضوء على خصال بولتون بالفعل في السابق ولا نخفي شعورنا بمقته".
وتمثل هذه التصريحات بالإضافة إلى التدريبات العسكرية المشتركة التي تنفذها طائرات حربية كورية جنوبية وأمريكية تغيرا حادا في نبرة الحديث عما كان عليه الحال في الأشهر القليلة الماضية عندما رحب الجانبان بجهود التفاوض.
وأعلنت كوريا الشمالية إنها ستغلق علنا موقع تجارب نووية الأسبوع المقبل. ومن المقرر أن يجتمع ترامب وكيم في سنغافورة يوم 12 يونيو حزيران.
* الحوافز الاقتصادية
قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يوم الأحد إن الولايات المتحدة ستوافق على رفع العقوبات على كوريا الشمالية إذا وافقت على تفكيك برنامجها للأسلحة النووية بالكامل.
إلا أن تصريح كيم كاي جوان يبدو أنه يرفض هذا الترتيب إذ قال أن كوريا الشمالية لن تتخلى قط عن برنامجها النووي مقابل تجارة مع الولايات المتحدة.
وقال "لقد أوضحنا بالفعل نيتنا نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية وأوضحنا في عدة مناسبات أن الشرط المسبق لنزع السلاح النووي هو إنهاء السياسة العدائية ضد جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية والتهديدات النووية والابتزاز من جانب الولايات المتحدة".
وتدافع كوريا الشمالية دائما عن برامجها النووية والصاروخية باعتبارها ضرورية لردع ما تتصور أنه عداء أمريكي لها. وتنشر الولايات المتحدة قوات قوامها 28500 جندي في كوريا الجنوبية منذ الحرب بين الكوريتين في الفترة من 1950 إلى 1953.
وتراجعت أسواق الأسهم الآسيوية بعد أن ألغت بيونجيانج المحادثات مع كوريا الجنوبية والتي كانت مقررة يوم الأربعاء. وإلغاء قمة 12 يونيو في سنغافورة بين كيم وترامب قد تؤجج التوترات مجددا في الوقت الذي يشعر فيه المستثمرون بالقلق إزاء خلافات تجارية بين الصين والولايات المتحدة.
وقال محللون من جيه.بي مورجان في مذكرة "سيؤثر ذلك على المستفيدين من إعادة إعمار (DU:EMAR) كوريا الذين علقوا آمالا كبيرة على السلام وكذلك على الوحدة في الفترة الأخيرة".
وقالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية في بيان إن وزيرة الخارجية كانج كيونج-وا تحدثت هاتفيا مع بومبيو في وقت سابق يوم الأربعاء وبحثا تأجيل كوريا الشمالية المحادثات مع الجنوب.
وأضافت أن بومبيو أبلغ كانج أن واشنطن ستستمر في الاعداد للقمة الأمريكية الكورية الشمالية مع الأخذ في الاعتبار خطوة بيونجيانج الأخيرة.
وجاءت تصريحات كيم كاي جوان قبل بضع ساعات فقط من شجب كوريا الشمالية للتدريبات العسكرية الكورية الجنوبية الأمريكية المشتركة باعتبارها استفزاز وانسحابها من محادثات مع الجنوب.
وانتقدت كوريا الشمالية في تقرير سابق تدريبات (ماكس ثاندر) الجوية التي قالت إنها تشمل مقاتلات شبح وبي-52 الأمريكية.
وقال مسؤول من وزارة الدفاع الكورية الجنوبية إن طائرات بي-52 وبي-1بي المقاتلة لم تشارك في تدريبات العام الماضي.
* ضربة كبيرة
من شأن إلغاء قمة 12 يونيو في سنغافورة، وهي أول اجتماع بين رئيس أمريكي في السلطة وزعيم كوري شمالي، توجيه ضربة كبيرة لما كان يمكن أن يكون أكبر إنجاز دبلوماسي خلال رئاسة ترامب.
وكان ترامب أثار توقعات بعقد اجتماع ناجح رغم أن كثيرا من المحللين تشككوا في فرص تقريب وجهات النظر بين الجانبين جراء تساؤلات عن مدى استعداد كوريا الشمالية التخلي عن ترسانتها النووية التي تقول إن بإمكانها ضرب الولايات المتحدة.
وركز كيم كاي جوان على تصريحات بولتون التي أشار إلى ما وصفه بالنموذج الليبي.
وقال كيم "العالم يدرك تماما أن بلادنا ليست ليبيا أو العراق اللتين واجهتا مصيرا بائسا... من السخيف تمام مقارنة جهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، دولة السلاح النووي، بليبيا التي كانت في المرحلة الأولى من التطوير النووي".
وربما تهدف خطوة كيم جونج أون الأخيرة إلى اختبار مدى استعداد ترامب لتقديم تنازلات قبل القمة التي ستسبقها زيارة لواشنطن يقوم بها الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه-إن الأسبوع المقبل.
وقال خبير حكومي أمريكي في شؤون كوريا الشمالية إن كيم ربما يحاول أيضا قياس مدى استعداد ترامب للانسحاب من القمة.
وقال جوشوا بولاك من معهد ميدلبري للدراسات الدولية في كاليفورنيا إن بيونجيانج تبدو منزعجة من تعهد الولايات المتحدة بالإبقاء على العقوبات رغم تقديم كوريا الشمالية لتنازلات.
وتثار الشكوك حول انعقاد قمة ترامب وكيم بعد أسبوع من تخلى ترامب عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية والذي تقلص إيران بموجبه برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها.
وقالت الصين يوم الأربعاء إنه يتعين على كل الأطراف إبداء حسن النية والصدق لتهيئة الأجواء المواتية لنزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية.
(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير سها جادو)