من بيروني وودال
ديربورن (ميشيجان) (رويترز) - رفع عقيل أسدي الشريك في مطعم كبوب عراقي وصاحب وجه لا تفارقه البشاشة منشفة المطبخ المسدلة على كتفه الأيسر ومسح دمعة فرت من عينه عقب حديثه عن الطفل السوري الذي غرق الأسبوع الماضي في محاولة يائسة من أسرته للعبور إلى اليونان.
كان الأسدي نفسه في وقت من الأوقات لاجئا عندما هرب من حكم صدام حسين في العراق في أوائل التسعينات وعاش في خيمة في صحراء السعودية لأكثر من عامين قبل أن تنقله وكالة مسيحية إلى الولايات المتحدة.
وقال إن قوة صورة الطفل الغريق تساعد في التوعية بمحنة اللاجئين السوريين في معظم أنحاء العالم.
ويقول الأسدي إن مناقشات مفعمة بالحيوية تدور دائما عن العنف في الشرق الأوسط وما يخلفه من لاجئين فيما بين الامريكيين من أصول عربية من مرتادي مطاعم الكبوب العراقي في ديربورن بولاية ميشيجان.
ويوم الاثنين قال الأسدي بلغته الانجليزية الفصيحة التي اكتسبها خلال 22 عاما قضاها في الولايات المتحدة "نحن نتابع الوضع السياسي يوما بيوم. نحن نعيش بالسياسة. بقية العالم استيقظ عندما غرق الطفل صاحب الأعوام الثلاثة."
والأسدي (47 عاما) شريك في المطعم الواقع في شارع وارن أفينيو الذي لا تهدأ فيه الحركة وتنتشر على جانبيه مطاعم ومخابز تقدم أكلات من الشرق الأوسط ومتاجر السوبر ماركت ومحلات اللحوم وغيرها.
وهذا الشارع هو القلب التجاري للجالية العربية في ديربورن مدينة صناعة السيارات التي تعيش فيها نسبة عالية من ذوي الأصول الشرق أوسطية في الولايات المتحدة.
وأحد الطباخين في مطعم الكبوب العراقي هو عمر دوشة (38 عاما) الذي انتقل مع زوجته وأولاده الأربعة إلى الولايات المتحدة قبل أربعة أعوام بعد أن قضى ثلاثة أعوام في العاصمة السورية دمشق قبل الانتفاضة على حكم بشار الاسد وما تلاها من أعمال عنف.
وقال دوشة إن على وطنه الجديد أن يزيد عدد اللاجئين السوريين الذين يستقبلهم.
وأضاف متحدثا باللغة العربية مع ترجمة قام بها الأسدي "نحن نتطلع لمكان آمن نعيش فيه لأن وطننا ليس آمنا."
وتابع "هذا كل ما نتطلع إليه. فقدنا أماكننا في بلدنا. وأنا أحب الولايات المتحدة. ففيها مجال كاف وفرص كافية لاستقبال عدد أكبر من اللاجئين الذين لا يتطلعون سوى لمكان هاديء يعيشون فيه."
* عقبات سياسية
منذ بداية الحرب السورية عام 2011 قبلت واشنطن 1500 لاجيء سوري أغلبهم خلال العام الجاري وهو رقم ضئيل في ضوء أزمة اللاجئين التي تعاني منها أوروبا واستعداد ألمانيا لاستقبال 800 ألف لاجيء هذا العام.
ويبلغ عدد اللاجئين الذين خرجوا من سوريا نحو أربعة ملايين لاجيء.
لكن حقائق الواقع السياسي في واشنطن قد تتعارض مع الجهود الرامية لزيادة الأعداد التي تقبلها الولايات المتحدة. وقد قال بعض الجمهوريين من أعضاء الكونجرس إن السماح بدخول اللاجئين السوريين سيمثل منفذا لدخول الارهابيين.
وأجمع عشرة من ذوي الأصول الشرق أوسطية من مواطني الولايات المتحدة والحاصلين على حق الإقامة فيها - كانوا كلهم كبارا عندما غادروا بلادهم - على ضرورة أن تقبل الولايات المتحدة المزيد من اللاجئين السوريين.
وأجريت مقابلات مع هؤلاء العشرة في مطاعم عراقية وسورية في ديربورن وفي مطعم يمني في هامترامك القريبة أيضا من ديترويت.
وبدون استثناءات قال الرجال العشرة إن على الولايات المتحدة أن تبذل جهدا لضمان عدم تسلل متطرفين يميلون للعنف بين الوافدين الجدد. ولم توافق أي إمرأة على إجراء مقابلة معها.
وقالت السلطات الأمريكية الأسبوع الماضي إن لديها تدابير يعتد بها لفرز القادمين من سوريا وفحصهم وإنها تريد منع المتشددين من تنظيمي الدولة الاسلامية والقاعدة من التسلل إلى البلاد متخفين كلاجئين.
وقال شامو بركات (46 عاما) صاحب مطعم الشباب السوري في وارن أفينيو "على الولايات المتحدة أن تساعد المحتاجين لكن يجب أن تساعد فقط من لا يخلقون المشاكل ويسهمون بطريقة ايجابية."
وصل بركات إلى الولايات المتحدة قبل نحو عشر سنوات ويأمل أن يلحق به أخواه اللذان يعيشون في تركيا. وأضاف أن تنظيم الدولة الاسلامية دمر منزلي أخويه في حلب.