القاهرة (رويترز) - تراجعت محكمة مصرية يوم السبت عن إصدار حكمها كما كان مقررا في قضية متهم فيها الرئيس الأسبق حسني مبارك بقتل متظاهرين إبان الانتفاضة الشعبية التي أزاحته من السلطة عام 2011 متعللة بكبر حجم القضية وحاجتها لوقت أطول لاستيفاء الإجراءات الخاصة بالقضية.
وأرجأت محكمة جنايات القاهرة برئاسة القاضي محمود الرشيدي النطق بالحكم لجلسة 29 نوفمبر تشرين المقبل. ويحق للقاضي مد أجل النطق بالحكم مرتين وفقا للقانون.
وقالت لجنة لتقصي الحقائق شكلتها الحكومة في عام 2011 إن عدد القتلى خلال الانتفاضة يصل إلى نحو 850 قتيلا فضلا عن آلاف الجرحى على مستوى محافظات الجمهورية أغلبهم من المتظاهرين وبينهم عدد من رجال الشرطة وسجناء قتلوا خلال اقتحام عدد من السجون.
وسبق صدور حكم بالسجن المؤبد على مبارك (86 عاما) في نفس القضية عام 2012 بعد إدانته بتهم تتصل بقتل متظاهرين وتعاد محاكمته حاليا بعد قبول الطعن على الحكم.
وبدا مبارك متجهما وهو يجلس على مقعد طبي خلال جلسة يوم السبت وكان يرتدي نظارة شمسية وملابس السجن الزرقاء. ونفى في الجلسة السابقة التي عقدت في أغسطس آب إصدار أي أوامر بقتل المتظاهرين وقال إنه مرتاح الضمير.
ويحاكم في القضية أيضا وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه. وكان حكم على العادلي بالمؤبد ونال مساعدوه البراءة في المحاكمة الأولى التي نظرتها دائرة أخرى بمحكمة جنايات القاهرة برئاسة القاضي أحمد رفعت.
ودفع المتهمون جميعا ببراءتهم ووصفوا الانتفاضة على مبارك بأنها كانت "مؤامرة" تورطت فيها عناصر خارجية.
وتتضمن القضية اتهامات منفصلة بالفساد لمبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال المصري الهارب حسين سالم. وكانت المحكمة السابقة قضت بانقضاء الدعوى الجنائية في الاتهامات وقالت إن الوقت القانوني لمحاكمتهم بتلك التهم انتهى.
والحكم المتوقع في نوفمبر تشرين الثاني قابل للطعن أيضا أمام محكمة النقض التي ستقرر إما تأييده ليصبح حكما نهائيا أو إعادة المحاكمة مرة ثانية على أن تنظرها بنفسها وتصدر حكما نهائيا بشأنها.
وفي بداية الجلسة يوم السبت أمر القاضي بعرض فيلم وثائقي قصير يظهر العدد الهائل لملفات القضية والتي قال إنها تتألف من نحو 160 ألف ورقة.
وقال إن المحكمة لا تزال بحاجة لوقت أطول لدراسة القضية لأنها تعلم "أنها قضية وطن وليست خلافا عاديا".
ولم يرض هذا القرار أي من مؤيدي مبارك أو معارضيه.
وقال محمد فاضل وهو واحد من عشرات مؤيدي مبارك الذين تجمعوا أمام مقر انعقاد المحاكمة بأكاديمة الشرطة في القاهرة "قرار تأجيل الحكم برأيي سيؤدي إلى إدانة مبارك".
لكن والدة كمال سيد أحد القتلى خلال الانتفاضة قالت بعد جلسة يوم السبت "الحكم هيكون براءة لمبارك إحنا حسينا أن حقنا ضاع خلاص."
وعقب الجلسة اندلعت مناوشات محدودة بين عدد من مؤيدي مبارك وآخرين مناهضين له وسيطرت عليها الشرطة في غضون دقائق معدودة.
ويرتدي مبارك ملابس السجن بعدما عاقبته محكمة جنايات في مايو أيار الماضي بالسجن المشدد ثلاث سنوات بعد إدانته بالاستيلاء على أموال عامة خلال حكمه الذي امتد ثلاثة عقود.
وحكم على نجليه جمال وعلاء بالسجن المشدد أربع سنوات في نفس القضية المتعلقة بالاستيلاء على جانب من أموال خصصت من المال العام للقصور الرئاسية.
ويحتجز مبارك في مستشفى عسكري بالقاهرة نظرا لحالته الصحية.
ويعتبر كثير من المصريين الذين عاشوا عهد مبارك أن مشاهدته خلف القضبان انتصار. وبعد الإطاحة به القي القبض على أغلب رموز نظامه لكن أفرج عن الكثير منهم فيما بعد مما أثار غضب قطاع واسع من المصريين وأثار مخاوف من عودة النظام القديم.
(تغطية صحفية للنشرة العربية محمود رضا مراد - تحرير علا شوقي)