القاهرة، 8 نوفمبر/تشرين ثان (إفي): تنتظر مصر الكشف عن نسخة طبق الأصل من مقبرة أشهر ملوكها، توت عنخ آمون، التي بدى انها تضررت منذ اكتشافها قبل نحو 90 عاما، بفعل الزيارات المتكررة واحتكاك الجمهور، مما دفع باتجاه اتخاذ قرار باغلاقها، في الوقت الذي تناضل فيه القاهرة من اجل اعادة تنشيط قطاع السياحة لدعم الاقتصاد المصري المتعثر.
النسخة مهداة من مؤسسة فاكتوم آرت، ومقرها مدريد، بالتعاون مع جمعية أصدقاء المقابر الملكية المصرية بزيورخ، و جامعة بازل، ومن المقرر ان يتم عرضها للمرة الاولى بالعاصمة المصرية خلال فعاليات المؤتمر الذي سيعقده فريق عمل تابع للاتحاد الأوروبي حول السياحة المستدامة يومى 13 و14 من الشهر الجارى بالقاهرة، وبالتزامن مع الاحتفال بمرور 90 عاما على اكتشاف مقبرة الملك الشاب.
ويعد النموذج، الذي يزن أكثر من ثلاثة أطنان، اللبنة الأولى في مشروع أكبر يسعى الى بناء مقابر طبق الأصل لأشهر ملوك الأقصر أو طيبة القديمة، والعمل على جذب الانتباه الى آثار ملوك اخرين على قدر من الأهمية رغم كونهم لا يحظون بنفس الشهرة التي حظى بها غيرهم.
وكانت النسخة المشابهة لمقبرة الملك الشاب، الذي توفي في الـ19 من عمره، قد سافرت من إسبانيا في 31 من الشهر الماضي لتصل الى مصر في الخامس من نوفمبر/تشرين ثان الجاري، بمساعدة وتعاون بين الاتحاد الأوروبي ووزارة السياحة المصرية.
ويحتوي النموذج على المقبرة وتشمل السقف، بابعاد 405×640×330 سنتيمتر، ووزن يبلغ 3.330 كجم، فيما يصل حجم التابوت الحجري الى 276×162×148 بوزن يصل الى 300 كيلوجرام، بالإضافة الى غطاء التابوت (250×125×25 سنتيمتر)، ويصل وزنه الى 80 كيلوجرام تقريبا.
ويشير بيان لـ"فاكتوم آرت" الى ان فكرة بناء مقبرة مطابقة تماما لمقبرة الملك توت عنخ آمون التي ظلت مخبأة ومحفوظة بشكل مذهل طوال ثلاثة آلاف عام، بدأت في الظهور منذ نهاية الثمانينات في محاولة للحفاظ على المقبرة الأصلية.
وتجسدت الفكرة في النهاية في نموذج "فاكتوم آرت" الذي استغرق العمل عليه ثلاثة أعوام باستخدام تكنولوجيات متطورة ثلاثية الابعاد تسمح بنقل اصغر الدقائق من الاصل الى الصورة، وهو ما يجعلها أكبر مشروع من نوعه على المستوى العالمي.
وكان المجلس الأعلى للآثار بمصر قد نوه في 2011 الى امكانية اغلاق المقبرة الاصلية امام الجمهور، بعد عام من قيامه بتحديد مكان دائم لوضع النموذج، بمدخل وادي الملوك الشهير بمدينة الاقصر، وعلى مقربة من بيت هوارد كارتر، مكتشف المقبرة الأصلية، في إطار السعي نحو الحفاظ على الآثار من التلف، والعمل على وضع اسس لسياحة مستدامة في بلد يضم آثار عدد كبير من الحضارات المتعاقبة.
ويؤكد بيان "فاكتوم آرت" ان المشروع بداية لعمل أشمل، ويهدف الى وضع مصر على طريق الريادة على مستوى العالم من حيث استخدام التكنولوجيا للحفاظ على الآثار، وامتلاك المعرفة والايدي العاملة المدربة، في الوقت الذي يسمح فيه للزائرين بالتعرف على محتويات وتاريخ المقابر الملكية وفهم ما يحيط بها منذ اكتشافها، مع الحفاظ على المواقع الاصلية.
كما يهدف الى التوعية بالسياحة كقوة ايجابية للحفاظ على التراث الثقافي المصري، وتسهيل عملية نقل التكنولوجيا والمعرفة من أجل اقامة ورش على الضفة الغربية للاقصر لبناء نماذج مشابهة لمقابر الملك سيتي الأول والملكة نفرتاري، بما يعمل على خلق فرص عمل مستدامة بالمدينة العامرة بالآثار الفرعونية بصعيد مصر.
ويشدد آدم لوي، مؤسس ورئيس "فاكتوم آرت"، على أهمية التوسع في بناء نماذج طبق الأصل للقطع الاثرية الكبيرة في وقت يتعاظم فيه الاهتمام على مستوى العالم بالحضارات الإنسانية القديمة، بما يؤدي الى تحويل الزيارة اليها الى عمل ايجابي سواء للسائح أو للأثر نفسه، على اعتبار ان "زيارة الاماكن التي تعتبر إرثا ثقافيا للإنسانية يلحق الضرر بها بشكل أو بآخر، بما يرقى الى مستوى "تدنيسها".
كما اعتبر ان الهدف من ذلك لا ينحصر في الحفاظ على مقابر توت عنخ آمون وسيتي الأول ونفرتاري، وهى أهم مواقع أثرية بطيبة القديمة، وانما يتعدى ذلك الى ضمان تحويل نسبة من الدخل المتحصل عليه من زيارة المتحف المصري الجديد، للإستمرار في توثيق مقابر اخرى تحظى بأهمية كبيرة، ولكنها غير معروفة بنفس قدر مقابر الملوك الثلاثة.
يشار الى ان مؤسسة "فاكتوم آرت" لها مقرات في مدريد وزيورخ، وتعمل على بناء الجسور بين التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الفنية التقليدية في مجال الآثار. (إفي)