بوجوتا، 10 أبريل/نيسان (إفي): تترقب حكومات أمريكا اللاتينية بقلق نتائج الانتخابات الرئاسية الفنزويلية بين مرشح المعارضة إنريكي كابريليس والقائم بأعمال الرئيس نيكولاس مادورو، الذي أوصى سلفه الراحل هوجو شافيز أنصاره أن يدعموه بعد وفاته لقيادة البلاد.
ولا يقتصر سبب الترقب على الاختلاف الكبير في وجهات النظر القيادية والسياسية بين كابريليس ومادورو، بل لأن غياب شافيز الذي رحل في الخامس من مارس/آذار الماضي، يغير البانوراما الجيوسياسية لأمريكا اللاتينية.
لا يمكن إنكار الدور الذي لعبه شافيز في أمريكا اللاتينية، مثل دفعه لإنشاء هيئات تكاملية بالمنطقة، كتكتل دول أمريكا الجنوبية (أوناسور) وتجمع دول أمريكا اللاتينية والكاريبي (سيلاك) والتحالف البوليفاري (ألبا)، حيث لعب في كل هذه المنظمات دورا محوريا.
هذا كله إضافة لإنشائه برنامج (بتروكاريبي)، الذي يعمل على توفير النفط لدول الكاريبي وأمريكا الوسطى بامتيازات في الأسعار، فضلا عن تمويله مشروعات بكل الأشكال والألوان من مستشفيات في أوروجواي وحتى مد كابل اتصالات من فنزويلا لكوبا.
ووفقا للمعارضة الفنزويلية فإن الزعيم البوليفاري "أهدى" ما يقرب من 170 مليار دولار لدول أخرى، بمعدل سبع مليارات دولار سنويا، هذا فضلا عن تمويل حملات انتخابية لسياسيين موالين له.
وقبل مواجهة الرابع عشر من الشهر الجاري بين كابريليس ومادورو المرتقبة، تجد أمريكا اللاتينية أنفسها بسبب كل العوامل السابق ذكرها والتي تبرز مدى تأثير فنزويلا أمام عدة أسئلة: هل يرغب ويقدر الفائز على الحفاظ على كل هذه الأشياء؟ وهل تستطيع فنزويلا دون شافيز لعب نفس الدور القيادي بالمنطقة؟
فعلى سبيل المثال إذا ما توقفت المساعدة الفنزويلية لكوبا، أي إذا ما وصلت المعارضة ممثلة في كابريليس، فإن هذا الأمر ربما ينتج عنه شيء أشبه بما حدث حينما سقط الاتحاد السوفييتي.
وفي نفس الوقت إذا ما فاز مادورو كما ظهر في استطلاعات الرأي، فإن الوضع الاقتصادي الفنزويلي بنسبة التضخم المرتفعة وتراجع العملة أمام الدولار، ربما يفرض عليه الإقلال من "الكرم" الذي كان يميز سلفه مع الدول الأخرى.
ولكن الاقلال من "الكرم" لا يعني انعدامه، خاصة وأن مادورو وعد بـ"وحدة أبدية" مع الجزيرة، وهو ما تم تفسيره على أنه وعد منه بمواصلة إرسال مساعدات النفط اليومية لكوبا، مقابل توظيف العمالة الطبية والتعليمية والرياضية الكوبية في فنزويلا.
كابريليس من ناحيته كان واضحا، ربما أكثر من اللازم، حيث تعهد بأنه لن يهدي "أي قطرة إضافية" من النفط الفنزويلي لدول أخرى، ولكنه قال في نفس الوقت إنه لن ينهي الخطط الاجتماعية ومن ضمنها بعثات العمالة الكوبية في فنزويلا.
الأمر لا يتعلق فقط بكوبا، فهي ليست الدولة الوحيدة التي يرتبط جزء من مصيرها بنتيجة الانتخابات الرئاسية الفنزويلية، فنيكاراجوا على سبيل المثال تحصل من هيئة التعاون الفنزويلية على 500 مليون دولار في سنويا، غير مدرجة في ميزانية الدولة.
ووفقا للبيانات الرسمية فإن نيكاراجوا حصلت منذ 2007 ، حينما تولى دانييل أورتيجا الرئاسة حتى الربع الأول من 2012 ، على مليارين و599 مليون و400 ألف دولار.
ولأسباب اقتصادية وأيديولوجية أو لكلاهما، بات واضحا أن عددا من حكومات أمريكا اللاتينية، وليست فقط التي تنتمي لمجموعة (ألبا)، قررت تأييد مادورو في هذه المعركة الانتخابية.
على سبيل المثال فإن الرئيس البرازيلي السابق إناسيو لولا دا سيلفا، الذي كان يعتبره البعض في وقت ما منافسا لشافيز على قيادة أمريكا اللاتينية، دعم بشكل علني مادورو، على الرغم من أنه قال إنه "لا يرغب في التدخل بالشئون الداخلية لفنزويلا".
وأرسلت رئيسة الأرجنتين كريستينا فرناندث، التي كانت تعتبر شافيز صديقا وحليفا استراتيجيا لها وأثيرت أقاويل بشأن تلقيها 800 ألف دولار منه لتمويل حملتها الانتخابية الأولى، لاجتماع منتدى ساو باولو في كاراكاس ممثلين عنها أكدوا دعمهم لمادورو.
ولكن ليست أمريكا اللاتينية بأكملها تقف إلى جانب مادورو، وخير مثال على هذا باراجواي التي يرى رئيسها فدريكو فرانكو أن مادورو ليس له أي "شرعية"، وفقا لما قاله في حوار مع (إفي) كان أكد خلاله أن "التاريخ سيعترف في يوم من الأيام بأن باراجواي كانت الدولة التي نجحت في هزيمة المحور البوليفاري ومنع توسعه في أمريكا اللاتينية".
وجاءت هذه التصريحات العدائية عقب تجميد عضوية حكومة فرانكو في (أوناسور) وتكتل دول سوق الجنوب المشترك (ميركوسور) بإيعاز من فنزويلا، التي كانت لا تعترف بها خاصة وأنها جاءت عقب أن أقال البرلمان سلفه في رئاسة البلاد فرناندو لوجو.
ومن ضمن الدول الأخرى التي تنتظر نتائج الانتخابات الفنزويلية، كولومبيا، خاصة وأن كاراكاس تصحب بوجوتا في عملية السلام مع جماعة القوات المسلحة الكولومبية الثورية (فارك)، والتي تعتبر مقربة من منهج الـ(شافيزم)، مع الأخذ في الاعتبار بوعد مادورو أنه سيبذل كل ما في وسعه لإحلال السلام بكولومبيا إذا ما وصل للحكم. (إفي)