يرصد الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا” المعروفة سابقًا بفيسبوك، مارك زوكربيرغ، إمكانيات مالية وبشرية لتنفيذ مشروعه الجديد الميتافيرس Metaverse، الذي تبلغ تكلفته 10 مليارات دولار خلال هذا العام 2021، وفقًا لتقرير فيسبوك المالي للربع الثالث المنتهي في 30 سبتمبر.
ويرى خبراء اقتصاديون ومتخصصون في مجال التكنولوجيا أن هذا المشروع سيسهم في تغير كبير في منصات التواصل الاجتماعي، لينقلها إلى مرحلة جديدة معززة بالإمكانيات الهائلة للعالم الافتراضي، واستثمارات ستتكلف المليارات ومن المتوقع أن تدر مبالغ هائلة.
واعتبر الباحثون في مجال التكنولوجيا أن مؤسس فيسبوك يتخذ خطوة استباقية للحفاظ على مستخدمي التطبيق، وجعلهم أكثر تعلقًا به، بعد كثير من التحديات التي واجهها فيسبوك خلال الفترة الأخيرة.
وسجلت شركة فيسبوك (NASDAQ:FB) إيرادات بلغت 29 مليار دولار، وأرباحًا بنحو 9.1 مليار دولار، مقابل توقعات للمحللين بتسجيل إيرادات بنحو 29.6 مليار دولار، وذلك في الربع الثالث من العام الحالي المنتهي في 30 سبتمبر 2021، وذلك في ظل ما تواجهه فيسبوك من صعوبات مع تغيير برامج شركة آبل (NASDAQ:AAPL) التي تؤثر في عائدات إعلاناتها.
ووصل سعر سهم شركة فيسبوك إلى 340.89 دولار في تعاملات اليوم، لتصل القيمة السوقية للشركة التي تم تأسيسها عام 2004 إلى 948.27 مليار دولار.
الآليات اللازمة لتحقيق عالم الميتافيرس
يقول رئيس وحدة التحولات التكنولوجية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبوظبي، إيهاب خليفة، في تصريح لفوربس، إن عالم الميتافيرس يقوم على ثلاثة عناصر رئيسية هي الواقع الافتراضي VR والواقع المعزز AR، تدعمهما تطبيقات وبرمجيات الميتافيرس.
وهذه الثلاثية تمثل مفاتيح الدخول إلى عالم الميتافيرس، من يستطيع تطويرها سوف يكون له السبق في دخول هذا العالم.
ويضيف خليفة، لأن جميع التفاعلات الإنسانية التي ستتم خلال عالم الميتافيرس هي ثلاثية الأبعاد، أي تتم في بيئة صناعية تحاكي تمامًا البيئة الطبيعية، إذ يوجد الأفراد بأنفسهم داخلها ويصنعون الأحداث بتحركاتهم الفعلية داخلها، وليس فقط عبر لوحات المفاتيح وكاميرات الفيديو. فكان من الضروري إيجاد وسيط قوي للغاية يسمح بنقل كافة هذه البيانات العملاقة في زمنها الحقيقي وبسرعة عالية جدًا، وهنا تأتي أهمية الجيل الخامس للاتصالات اللاسلكية أو ما يعرف بالـ 5G، الذي يعتبر الوسيط الذي يضمن خلق هذا العالم الجديد، ومن دونه لا يمكن إنشاؤه.
كشفت فيسبوك في شهر أكتوبر الماضي، عن خطط لتوظيف 10 آلاف شخص في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي لتنفيذ مشروع ميتافيرس، واستعدادها لدفع مليارات الدولارات لتنفيذه، وفقًا لرئيس الشؤون المالية في فيسبوك، ديفيد وينر.
المكاسب المالية المتوقعة من وراء الميتافيرس
يقول المحلل في شؤون الاقتصاد والتكنولوجيا، باسل الخطيب: “إن مشروع ميتافيرس استثمار في الاتجاه الصحيح، وهو أمر يتميز به مارك زوكربيرغ، ما يعيدنا بالذاكرة إلى الخطوة التي قام بها زوكربيرج عندما اشترى تطبيق واتساب عام 2014 بصفقة بلغت قيمتها حينها 19 مليار دولار، واعتبر كثيرون أن ذلك المبلغ يفوق قيمة التطبيق الفعلية، في حين أظهرت السنوات اللاحقة صواب الخطوة مع سيطرة واتساب على سوق المراسلة الإلكترونية في العالم، وبالتالي حال نجحت خطة ميتافيرس كما نجحت صفقة واتساب ، فإن زوكبيرغ سيحقق أرباحًا ضخمة ونجاحًا مبهرًا يدفعه نحو تأسيس تكتل رقمي ضخم أكثر فأكثر”.
ويقدم مارك زوكربيرغ مشروعه الجديد ميتا، كمشروع طويل المدى، قائلًا في تصريحاته للمحللين: “إذا كنت في عالم الميتافيرس، فستحتاج إلى ملابس رقمية وأدوات رقمية وتجارب مختلفة.. هدفنا هو توصيل هذا العالم إلى مليار شخص وتحقيق مليارات الدولارات في العقد المقبل”.
وتبحث ميتا ، فتح متاجر حقيقية في جميع أنحاء العالم لتعريف الأشخاص بالأجهزة التي طورها قسم Reality Labs التابع للشركة، الذي يبني منتجات الواقع المعزز والافتراضي، وفقًا لمصادر مطلعة على الخطط والوثائق التي راجعتها صحيفة نيويورك تايمز.
التشريعات الأمريكية التحدي الأكبر
يوضح باسل الخطيب أن الخطر الأكبر على مشروع ميتافيرس قد ينتج من القوانين التي ستفرضها السلطات الأمريكية حال لاحظت أن الشركة تفرض سيطرتها بشكل أكبر على البيانات في العالم، كما شهدنا مؤخرًا تحركات في الكونغرس الأمريكي لمواجهة فيسبوك.
وسبق أن تعرضت فيسبوك لأزمة كبيرة خلال شهر أكتوبر، بعدما كشفت المبلغة عن المخالفات فرانسيس هوغن، علنًا في شهادة أمام الكونغرس، وعبر وثائق داخلية مسربة، أن فيسبوك تكافح لاحتواء معلومات مضللة ومحتويات ضارة أخرى على تطبيقاتها، كما تعطلت تطبيقات فيسبوك وإنستجرام وواتساب في 4 أكتوبر 2021، لأكثر من 5 ساعات في أنحاء العالم كافة،وهو ما أثر في نحو 2.7 مليار مستخدم.
منافسة شرسة لدخول عالم الميتافيرس
قدم عملاق التكنولوجيا فيسبوك حتى الآن ما يقارب 1500 براءة اختراع متعلقة بالواقع المعزز والواقع الافتراضي، في حين قدمت شركات مثل سامسونج ومايكروسوفت وسوني نحو 2000 براءة اختراع لكل منهما في المجال نفسه.
وعن المنافسة في دخول عالم الميتافيرس يؤكد محلل شؤون الاقتصاد والتكنولوجيا، باسل الخطيب، أن عدة شركات سبق أن تطرقت لهذا المجال ومعظمها شركات ألعاب إلكترونية، ما يجعل المنافسة شرسة.
ولكن بعدما أعلنت شركة ميتا استعدادها للتعاون مع شركة مايكروسوفت (NASDAQ:MSFT) المنافسة لها، في تطبيقات مخصصة للمؤسسات، فإن ذلك يعد مؤشرًا على تغيير آلية المنافسة بينهما.
كما فتح الباب أمام احتمالية تعاون مستقبلي في مشروع ميتافيرس، من خلال التكامل بالأفكار والمشاريع والخطط للوصول إلى تقديم خدمات تجذب المستخدمين سواء أفراد أو شركات.
وسبق أن أعلنت شركة ميتا، المعروفة سابقًا باسم فيسبوك الأربعاء 10 نوفمبر، عن شراكة مع مايكروسوفت، ستسمح للعملاء بدمج البرنامج المخصص للمؤسسات Meta’s Workplace مع شبكة نظيرتها Microsoft teams ، وهو ما يسمح للعملاء بالوصول إلى محتوى البرنامجين، كما يمكن للمستخدمين عرض اجتماعات فيديو تيمز في تطبيق Workplace.
ويصل عدد المستخدمين لتطبيق “ميتا” المعروف بفيسبوك سابقًا إلى 1.9 مليار مستخدم يوميًا، قي حين يبلغ عدد الأشخاص النشطين شهريًا 3.58 مليار مستخدم حول العالم، اعتبارًا من 30 سبتمبر2021، بزيادة قدرها 12٪ على أساس سنوي، بحسب التقرير المالي للربع الثالث من العالم الحالي.