ريادة الأعمال تترقب مزيدا من النمو.. وتحسين التواصل يعود بالنفع على اقتصاديات القارة
المنطقة مرشحة للتفوق على الولايات المتحدة وأوروبا في مبيعات التجارة الإلكترونية
تواجه آسيا لحظة حاسمة، إذ يبدو المستقبل مشرقًا بعد أعوام من الاضطرابات الاقتصادية.
يتوقع كثيرون أن تصبح آسيا المنطقة الأكثر ديناميكية من الناحية الاقتصادية في العالم خلال 2023، لتستفيد البلدان من ميزتها التنافسية.
وقد برزت ريادة الأعمال في آسيا كمحرك للنمو الوطني في ظل تزايد مستوى ترابط العالم.
ووفقًا لمؤشر شركة شوبيفاي (NYSE:SHOP)لريادة الأعمال، الذي يقيس مساهمات رواد الأعمال في خلق فرص العمل والصادرات والناتج المحلي الإجمالي في 40 دولة، تأتي أستراليا واليابان والصين وهونج كونج ضمن المراكز العشرة الأولى من حيث تأثير رواد الأعمال على النشاط التجاري.
خلال العام الحالي، ووسط توقع صندوق النقد الدولي أن تسهم آسيا بأكثر من 70% من النمو العالمي، يرجح المحللون أن تتفوق المنطقة على الولايات المتحدة وأوروبا في مبيعات التجارة الإلكترونية، فهم يرون أن إجمالي النمو الآسيوي يتجاوز الـ2 تريليون دولار.
ومع ذلك، فإن القصة ليست إيجابية بشكل عام، فقلة الاستثمار في استراتيجيات التصدير والبنية التحتية الرقمية، فضلاً عن المواقف الثقافية السلبية تجاه ريادة الأعمال، تعيق البلدان الرئيسية.
أفادت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” أن القدرة على الاتصال عبر الحدود، والشراء والبيع، والتعاون والمشاركة، هي السحر الذي جعل آسيا محرك نمو مذهل.
ولا شك أن آسيا بحاجة إلى زيادة إنعاش صادراتها للمضي قدمًا في ريادة الأعمال.
شهدت القوى الاقتصادية ومنها الهند وإندونيسيا، بجانب الاقتصادات التي تركز على التصدير ومنها الصين وفيتنام وكوريا الجنوبية، انخفاضًا في التجارة عبر الحدود.
وهذه الدول تضم عددًا كبيرًا من السكان والشباب والذكاء على الصعيد الرقمي، لكن لا يزال يتعين عليهم الاستفادة بشكل كامل من إمكاناتهم في مجال ريادة الأعمال.
كما تظهر مبادرات مثل “صُنع في الهند” بوادر واعدة، إذ سجلت نيودلهي مؤخرًا رقمًا قياسيًا بلغ 400 مليار دولار في الصادرات.
ورغم أن جزءًا كبيرًا من هذا الرقم يخُص إنتاج شركات أجنبية، إلا أن رواد الأعمال الهنود يجدون طرقًا لنقل علاماتهم التجارية الخاصة إلى الخارج.
في الوقت نفسه، تحتاج آسيا إلى الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، خصوصاً في المناطق الريفية، لدفع التحول الاقتصادي الرقمى.
فما يقرب من 40% من سكان المنطقة يفتقرون إلى الاتصال، ولا ينبغي أن يعني كونك بعيدًا أنه لا يمكن الوصول إليها.
تشير أبحاث “شوبيفاي” إلى أن نصف رواد الأعمال الذين درسوا في الهند وفيتنام، وأكثر من 80% من رواد التجارة الإلكترونية الإندونيسيين يعملون خارج المدن الكبرى.
يجري إحراز تقدم، إذ تبنت إندونيسيا نماذج مختلفة لتمويل الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز مكانتها الاقتصادية العالمية، كما يسهل الاتصال الرقمي التعليم والوصول إلى الرعاية الصحية والتجارة الإلكترونية، وكلها قد تلعب دورًا مهمًا في تقدم السكان.
ولتعزيز هذا التطور، يجب أن تعمل تلك المحاور معًا بروح الجهد المشترك لتغيير تصورات ريادة الأعمال في آسيا.
غالبًا ما يستشهد الباحثون بالثقافة باعتبارها العامل الأكثر تأثيرًا في تعزيز ريادة الأعمال نظرًا لتأثيرها على القيم الأساسية حول الابتكار والمخاطرة، وقد أُحرز بعض التقدم عبر الاستثمار الحكومي في مبادرات التدريب على ريادة الأعمال للشباب ورائدات الأعمال.
ومع ذلك، لا يمكن ترك هذه المهمة بالكامل للحكومات أو الشركات، ويجب إجرائها بشكل طبيعي.
ونظرًا لتعرض المجتمعات لتأثيرات ووجهات نظر متنوعة، يجب على الدول تشجيع الأجيال الجديدة على تبني مفهوم ريادة الأعمال.
وفي الواقع، هناك مشهد جديد لريادة الأعمال آخذ في البلور.
ففي شرق آسيا وأستراليا ، تتمتع الطبقة الوسطى الآخذة في الاتساع والشباب المولعون بالتكنولوجيا، بوصول أفضل إلى رأس المال والمواهب والتعليم والابتكار.
تبرز اليابان كلاعب قوي بسبب سياساتها المؤيدة للأعمال التجارية، بجانب التركيز على الفرص عبر الحدود ودعم رواد الأعمال.
تُظهر ريادة الأعمال اليابانية نموًا ملحوظًا، إذ أظهر مؤشر “شوبيفاي” أن تأثيرها على الصادرات ارتفع بنسبة 29% خلال 2022، كما أن الآثار على النشاط التجاري والوظائف مدعومة بنسبة 24% لكل منهما وتأثيرها على الناتج المحلي الإجمالي بلغت نسبته 23%.
في الوقت نفسه، تدفع الأجندات المؤيدة للأعمال التجارية النمو الاقتصادي خارج اليابان، فقد اقترحت الحكومة الأسترالية، في ميزانيتها الأخيرة، حوافز ضريبية جديدة للشركات الصغيرة، والتي ستعزز تأثير الاستثمار المستمر في منح الشركات الناشئة وبرامج ريادة الأعمال لتعزيز اقتصاد البلاد.
يواجه رواد الأعمال تحديات في التعامل مع اللوائح المعقدة والأعمال الورقية، ويمكن للحكومات تخفيف هذا العبء عبر تبسيط عملية إنشاء الأعمال التجارية وإدارتها.
يذكر أن سنغافورة تعتبر واحدة من أفضل الأماكن لبدء الأعمال التجارية، إذ يسمح نهجها الملائم لأصحاب المشاريع، والذي يتجلى في نظام تسجيل الأعمال عبر الإنترنت، لأصحاب المشاريع بإنشاء شركة في غضون بضع ساعات فقط.