اشتدت وتيرة تهريب الأموال الروسية إلى الخارج منذ تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زمام السلطة، فبحسب إحصاءات رسمية كشف عنها مستشارون اقتصاديون مقربون من بوتين، تحتضن سويسرا اليوم أكثر من 70% من أموال الأغنياء الروس السرية، التي تبلغ نحو تريليون دولار، أي نحو 78% من الناتج القومي الروسي.
ومنذ بدأت روسيا فرض قوتها غير العسكرية، أي تلك المتعلقة بأعمال النفط والغاز، على العالم، لاسيما على القارة الأوروبية، أدى ذلك إلى نشوء جيل جديد من الأغنياء الذين تراكمت ثرواتهم سريعاً، ولم تكن العلاقات بينهم وبين السلطة في موسكو على ما يرام، لذلك برزت ظاهرة تهريب الأموال إلى الخارج، خوفاً من بوتين واللوبي المحيط به، الذي استثمر بدوره بلايين الدولارات في الخارج.
ويُعتـقـد أن ما يملكه الأثـرياء الروس من أموال خارج وطنهم، والمعروفة أيضاً باسم “ثروات الأوف شور”، تعادل ما تملكه الأسر الروسية داخل روسيا.
ولم تبدأ هذه الثروات بالتراكم في السنوات الأخيرة، بل وضع حجر الأساس لها في تسعينات القرن الماضي، ولكن مع تفتت أجهزة المخابرات التابعة للاتحاد السوفياتي، وجد رجال الأعمال العاملين في المعادن والنفط أنفسهم أمام ضرورة ترحيل أموالهم سراً إلى الخارج، كي لا تطاولهم يد الحكومة.
وكانت في هذا الوقت سويسرا ضمن لائحة “الجنات الضريبية” في العالم، ما أطلق العنان أمام إقبال جماعي للأغنياء الروس على فتح حسابات مصرفية سويسرية، بما أن اتفاق تبادل المعلومات المالية بين سويسرا وروسيا كان غائباً تماماً، ولا يزال.
ويعادل إجمالي قيمة الأموال الروسية التي نقلت من بريطانيا إلى سويسرا ثلاث مرات الاحتياط الروسي الصافي من العملات الأجنبية.
ولم تتوقف منذ عام 1999، رؤوس الأموال الروسية عن الهروب إلى الخارج، إلى أن وصلت نسبتها اليوم إلى نحو 75% من إجمالي الدخل القومي الروسي، ما يعادل قيمة الإنتاج المتعلق بكل النشاطات التجارية داخل روسيا.
وتستوطن الثروات المالية للأغنياء الروس في الخارج في كل من بريطانيا وسويسرا وقبرص، علماً أن نسبة الأغنياء الروس تبلغ نحو 1% فقط من إجمالي عدد سكان روسيا، ولكن هذه النسبة المئوية المتدنية تسيطر على 25% من الثروات المالية الروسية، ما يجعل روسيا بين الدول الأكثر معاناة من عدم المساواة الاجتماعية.