بعد أن فاجأنا الاقتصاد البريطاني خلال الربع الثاني بالنمو بأسرع وتيرة منذ احد عشر عاما فأننا اليوم ننتظر التأكيدات من القراءة النهائية بأن الاقتصاد يسير بخطى ثابتة لمواصلة مسيرة التعافي التام من الركود الاقتصادي.
جاءت القراءة التمهيدية للناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا عن الربع الثاني بنسبة 1.2%و بأعلى من القراءة الأولية التي كانت بنسبة 1.1% فيما كان المفاجئ للاسواق هو تحقيق نمو بمقدار ثلاثة اضعاف عن الربع الأول و الذي أظهر فيه نمو متواضع بنسبة 0.3% بعد فترة استمرت ستة أرباع من الإنكماش.
أظهرت البيانات التي صدرت مع القراءة التمهيدية أن النمو تحقق بفعل تحسن أداء قطاع البناء و ارتفاع مستويات الإنفاق الإستهلاكي وكذا ارتفاع الانفاق الحكومي و إن كان ذو تأثير ضعيف على قراءة المؤشر,فلقد صعد إنفاق القطاع العائلي بنسبة 0.7% مقارنة بانكماش 0.1% في الربع الأول من العام الحالي، فيما حقق الإنفاق الحكومي نمو بنسبة 0.3% على الجانب الآخر و ما يظهر استمرار ضعف النمو على الرغم من تلك القراءة أن حجم الإستثمار و الإنفاق الرأسمالي انكمش بنسبة 2.4% في الربع الثاني. وصعدت الصادرات بنسبة 1.1% و كذا الورادات ارتفعت بنسبة 0.9%. و إن كان ضعف الجنيه الإسترليني في النصف الأول من العام كان من أحد دعائم تحسن الصادرات.
حقق قطاع البناء نمو كبير بلغ 8.5% بعد إنكماش بلغ 1.5% في الربع الأول ولا يعني ذلك استقرار قطاع البناء لأن الربع الأول شهد أسوأ موجة برد قارصة منذ ثلاثون عاما ومن ثم تم تأجيل عمليات الإنشاء حتى الربع الثاني وهذا ما انعكس ايجابيا على أداء القطاع, على الجانب الآخر فإن القطاع الخدمي إنكمش بنسبة 0.7%..
استطاعت المملكة النمو خلال الربع الثاني على الرغم العديد من الصعاب التي من المتوقع أن تقف دون ذلك خلال الفترة القادمة, فالحكومة أقرت أكبر تخفيضات في الانفاق العام لتخفيض العجز في الميزانية العامة و التي يرى بأنها ستكون أكبر حاجز لمواصلة مسيرة النمو بنفس الوتيرة خاصة بعد ارتفاع العجز في الميزانية العامة لمستويات 11.1% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي.
من ناحية آخرى أزمة الديون السيادية التي سيطرت على منطقة اليورو التي تعد الشريك التجاري الأول للممكلة, فعلى ما يبدو فأن العدوى بدأت بالانتشار في بلدان أخر غير اليونان فها هي ايرلندا تحاول جاهدة تجنب الحصول على خطة انقاذ من الاتحاد الأوروبي
الخلاف بين اعضاء السياسة النقدية بعد ان ارتفعت الضغوظ التضخمية في البلاد , فلقد صعدت أسعار المستهلكين فوق الحد الذي وضعته الحكومة عند 3% , و هذا سيكون عائقا كبيرا خاصة و أن سنتانس يرى للشهر الثالث على التوالي بضرورة البدء بتثبيت سعر الفائدة المرجعي و سياسة شراء السندات.
ارتفاع معدلات البطالة الأمر الذي سيؤثر سلبا على مستويات الانفاق الاستهلاكي, تراجع مستويات الثقة لمستويات متدنية , مع تباطؤ وتيرة النمو في أداء القطاعين الخدمي و الصناعي خلال الأشهر الماضية.
من الجهة العالمية , فاطهرت الاقتصاديات العالمية العديد من الاشارات لاحتمالية تباطؤ وتيرة النمو خلال النصف الثاني من العام الحالي, فالولايات المتحدة و الصين قدمت العديد من الاشارات المختلطة التي تؤكد يوم بعد يوم احتمالية تباطؤ هذه الاقتصاديات و هذا سيكون له الاثر السلبي على مستويات الطلب العالمية خاصة مع بداية أرتفاع قيمة الجنيه الاسترليني.
عزيزي القارئ, ان جميع المعطيات الراهنة مختلطة و اننا بحاجة للتأكيدات على قدرة الاقتصاد الملكي على مسيرة الانتعاش و لكننا نميل بشكل أكبر لاحتمالية تباطؤ وتيرة النمو في المملكة خلال النصف الثاني.