أجمع أعضاء لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي البريطاني خلال الاجتماع الماضي في السادس من الشهر الجاري على تثبيت سعر الفائدة المرجعي عند مستويات 0.50% الأدنى منذ تأسيس البنك، و توسيع نطاق برنامج شراء الأصول بقيمة 75 مليار جنيه بهدف دعم مستويات النمو المتباطئة وسط تفاقم أزمة الديون الأوروبية و تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي.
أن نتيجة التصويت مفاجأة للأسواق بالإجماع على توسيع نطاق برنامج شراء الأصول ليصل لمستويات 275 مليار جنيه، بعد أن تم التعديل السلبي على مستويات النمو خلال الربع الثاني من العام الماضي فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي مستويات النمو 0.1% مقارنة بمستويات النمو في الربع الأول بنسبة 0.4%، فقد تباطأت وتيرة النمو بعد التراجع الحاد في الصادرات المتأثرة من تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو و تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي.
أشارت لجنة السياسة النقدية إلى احتمالية توسيع البرنامج بشكل أكبر إذا احتاج الاقتصاد لذلك، أن هذا الإيماء مع التصويت الجماعي اليوم يشير لحقيقة واحدة و هي الضعف الذي يواجهه الاقتصاد الملكي في الوقت الراهن، من احتمالية العودة إلى دائرة الركود الاقتصادي من جديد، و ارتفاع معدلات التضخم في البلاد فوق المستويات المقبولة مع الارتفاع الكبير في الديون العامة و التي دفعت الحكومة لإقرار تخفيضات عميقة في الإنفاق العام.
أفادت لجنة السياسة النقدية بأنها قد ناقشت توسيع برنامج شراء الأصول ما بين 50 و حتى 100 مليار جنيه، و أكدت اللجنة بأن برنامج شراء الأصول سيكون تحت المراجعة و في ضوء المعطيات الاقتصادية، و لا بد من الإشارة إلى أن عمر هذا التوسيع في البرنامج سيكون على مر الأربعة أشهر القادمة.
أكدت بيانات التضخم البريطانية أمس ارتفاع المستويات العامة للأسعار عند مستويات 5.2% مقتربة من أعلى مستويات قياسية في أيلول 2008، و هذا ما ينطبق مع توقعات البنك المركزي بارتفاع أسعار المستهلكين لمستويات 5.0% ، إلا آن البنك يرى بأن معدلات التضخم ستعاود الهبوط خلال العام القادم.
يتوقع أن يكون هنالك أثر تصاعدي من توسيع برنامج شراء الأصول على معدلات التضخم في البلاد، و هذا بدوره سوف يضعف من مصدقيه البنك في حال لم تعاود معدلات التضخم الهبوط كما هو متوقع من البنك المركزي البريطاني خاصة مع ضعف مستويات التوظيف في البلاد و التخفيضات العميقة في الإنفاق العام.
أقرت الحكومة الائتلافية سياسة تقشفية صارمة لتخفيض العجز في الميزانية العامة متضمنة رفع الضرائب و تخفيض أجور العاملين في القطاع العام، فقد رفعت ضريبة المبيعات لمستويات 20% ابتدءا من العام الجاري ، و سيتم تسريح ما يقارب 300 ألف موظف من القطاع العام على مر الأربعة سنوات التي تمثل عمر خطة تخفيضات الإنفاق العام، و هذا سيكون له التأثير السلبي على مستويات النمو في البلاد.
يبقى تركيز المستثمرين اليوم على تطورات أزمة الديون السيادية، فقد عم التفاؤل اليوم مع الشائعات الرائجة في الأسواق عن أتفاق ألمانيا و فرنسا حول خطة إنقاذ منطقة اليورو، و هذا قبيل أيام معدودة من قمة الاتحاد الأوروبي، و التي من المقرر أن ترفع النقاب عن حلول ناجعة للأزمة على الرغم من التشكيك الألماني من حصول ذلك.
ضمن حديثينا عن أزمة الديون السيادية فقد قامت مؤسسة موديز بتخفيض التصنيف الائتماني للديون طويلة الأمد في أسبانيا للمرة الثالثة منذ حزيران العام الماضي، فقد تم التخفيض لمستويات A1 من Aa2 مع توقعات مستقبلية سالبة، و لم يحظ هذا التخفيض باهتمام كبير من الأسواق لأن كلا من فيتش و ستاندر اند بورز قد خفضت التصنيف الأسباني بوقت سابق من الشهر الجاري.
قامت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أمس بتحذير فرنسا أنها قد تضع تصنيفها الائتماني تحت المراجعة السلبية في غضون الثلاثة أشهر القادمة نظراً للتحديات التي قد تواجه فرنسا في الفترة القادمة من مشاركتها في خطة إنقاذ البنوك و إعادة رسملتهم إلى جانب حزم الإنقاذ التي يقدمها الاتحاد للدول الأوروبية المتعثرة و التي تشترك فرنسا فيها بحصة كبيرة نظراً لحجمها الاقتصادي الضخم وسط تأثيرات تفاقم أزمة الديون السيادية في المنطقة.
عزيزي القارئ، من المتوقع أن تبقى نظرة المستثمرين مختلطة، بين الآمال بحل أزمة الديون و المخاوف من انتشار الأزمة لبلدان أوروبية أخرى خاصة مع تركيز وكالات التصنيف الائتماني على البلدان الأوروبية العملاقة ، و بين نتائج الشركات و البيانات الاقتصادية التي تؤكد استمرار تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي.