أضافت شركة موديز مزيدا ً من التقلّب في الأسواق المالية بحسب مقياس مراقبة الديون السيادية ( Aaa ) و هذا التقييم الأعلى منح لدول عديدة أهمها الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة و ألمانيا و كذلك فرنسا . الأزمة الائتمانية ضربت في تلك الاقتصاديات بشكل عنيف جدا ً و نجحت الأزمة الائتمانية في أن تضرب في القطاعات المصرفية فيها مجبرة الحكومات على تمديد سياسات التحفيز الاقتصادي بل نجحت الأزمة في أن تجبر تلك الحكومات على أن ترفع من مقدار هذه الخطط و هذا جعل العجز في الموازنات العامة يتضخم إلى حد كبير جدا ً .
القلق الأكبر الذي يدور في الأسواق المالية اتجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية كالعادة و اتجه كذلك إلى المملكة المتحدة و هذا ما شكك بشكل آو بآخر بتقييم الوضع الائتماني لكل من هاتين الدولتين . أشار تقرير شركة موديز ليست منيعة تجاه حدود تقييم Aaa و هذه النقطة تعرف أيضا ً بنقطة الـ " لا عودة "
بالرغم من أن كل من الأربع أمم تأثرت و ضرتها الأزمة الائتمانية بشكل كبير , إلا أن هذه الدول ما زالت تمتلك تقييم " مستقر " بصيغة Aaa فيما دول مثل فرنسا و ألمانيا تمتلك تقييم " مقاوم " عكس ما تمتلكه الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و الذين تم نقلهم إلى تقييم أقل هو تقييم " دول مرنة " و الولايات المتحدة و كذلك المملكة المتحدة مهددتان في أن يتم تخفيض تقييمهما إلى " ضعيف " بسبب استمرارية ارتفاع العجز و اتساعه في الموازنة العامة بعيدا ً فوق الحد المنطقي المسموح لنسبة العجز مقابل الناتج المحلي الإجمالي , لا يجب أن ننسى بأن الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول تأثر حقا ً و في الأصل انخفض بشكل كبير بل و تأثرت قيمته الظاهرة عن القيمة الحقيقية له بسبب قدرة الحكومة على توسيع عمليات الاقتراض .
حتى نفهم عمق معنى التقييم الائتماني , كل من الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة ما زالت ضمن الدول التي تتمتّع في تقييم Aaa لدى شركة موديز إلا أن هذا التقييم تم تقسيمه . هذه الأقسام هي ( من الأفضل إلى الأسوأ ) : مقاوم , مرن , إلى جانب الأخير و هو ضعيف .( (“resistant”, “resilient”, “vulnerable”و بلهجة أخرى نستطيع أن نقول : اقتصاد يقاوم المشاكل بشكل جيد , اقتصاد يتجاوب مع المتغيرات بشكل لا بأس به و أخيرا ً اقتصاد ضعيف قابل لأن يقع في مشاكل .كما ذكرنا سابقا ً فأن فرنسا و ألمانيا ما زالتا في تقييم " مقاوم " فيما الدولتان الأخرى تتمتعان الآن في تقييم " مرن " و تواجه الدولتين ( الولايات المتحدة و المملكة المتحدة ) خطر أن يتم تخفيض وضعهما الائتماني إلى نقطة الـ " لاعودة " !
ما زالت مشاكل الاقتصاد الملكي تتوسع خصوصا ً في ظل البيانات الاقتصادية التي تصدر مؤكدة ذلك مشيرة إلى استمرارية الضعف الاقتصادي في المملكة المتحدة و تأخره عن اللحاق في موكب الاقتصاديات الأخرى المجاورة . نضيف إلى ذلك المشاكل العالقة حاليا ً في الاقتصاد الدولي و المتمثلة في مشاكل ديون دبي الائتمانية و التي أثرت على المملكة المتحدة كثيرا ً حيث أن أكبر أربعة بنوك في المملكة المتحدة متورّطة بعمق في هذه الأزمة تضيف مزيدا ً من المشاكل للازمة الائتمانية و الضعف في القطاع المصرفي الملكي و من هنا جاء تحذير شركة موديز الذي تم الإشارة فيه إلى أن المملكة المتحدة بالرغم من أنها حاصلة على تقييم Aaa إلا أنها ليست منيعة ضد أي تخفيضات في هذا التقييم !
انتشرت المخاوف في الأسواق المالية بعد تقرير شركة موديز يسبق في يوم واحد لشهادة السيد دارلينج قبل إصدار الميزانية العامة يوم غد , و بعد أن كرر لهجته إلى تفضيل أن يتم تحفيز الاقتصاد أكثر من اللازم عن أن يتم تحفيزه أقل من ما ينبغي و ذلك حتى يساعد الاقتصاد على وصول بر الأمان كانت لهجته بمثابة .تلميح عن احتمال اتخاذ مزيد من الإجراءات من أجل تحفيز الاقتصاد في وقت الأعين تتجه فيه إلى العجز الذي يتفجّر في الموازنة العامة إلا أنه قد يؤجّل علاج ذلك في الوقت الراهن في سبيل إنقاذ الاقتصاد رغم حقيقة وصول العجز إلى أعلى مستوى له منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية , أشار السيد دارلينج إلى ذلك بقوله : " أنا لا أعتقد بأننا بحاجة إلى بذل جهود حثيثة من أجل تخفيض ديوننا " !
نسبة العجز الإجمالي في الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي تضخّمت بشكل حاد منذ بداية الأزمة و قدرّت حتى نهاية العام بــ 69% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ 44% في نهاية عام 2007 . كذلك الأمر العجز في الميزانية فاق المستوى 3.0% في أوروبا و هذا المستوى اعتبرته المفوضية الأوروبية المستوى الذهبي لكن نرى بان العجز وصل إلى ما نسبته 10% من الناتج المحلي الإجمالي.