من ستيفن كالين
الرياض (رويترز) - مثلت مجموعة من الناشطات السعوديات المدافعات عن حقوق المرأة أمام المحكمة يوم الأربعاء لأول مرة منذ اعتقالهن قبل أكثر من تسعة أشهر في قضية كثفت التدقيق في سجل السعودية الخاص بحقوق الإنسان بعد مقتل صحفي بارز.
وقال إبراهيم السياري رئيس المحكمة الجزائية بالرياض إن عشر نساء، منهن لجين الهذلول وعزيزة اليوسف وإيمان النفجان وهتون الفاسي، مثلن أمام المحكمة حيث وجهت لهن اتهامات.
كان السياري يتحدث لصحفيين وأكثر من 12 دبلوماسيا من الولايات المتحدة وأوروبا منعوا من حضور الجلسة بعدما لم يتلقوا ردا على طالباتهم السابقة للحضور. وأشار السياري إلى اعتبارات تتعلق بالخصوصية لعدم جعل الجلسة علنية.
والنساء ضمن مجموعة تضم نحو 12 من النشطاء اعتقلوا في الأسابيع التي سبقت رفع الحظر على قيادة النساء للسيارات في المملكة في يونيو حزيران. وأفرجت السلطات عن عدد قليل في وقت سابق بدون محاكمة.
وقال النائب العام السعودي وقت الاعتقالات إن خمسة رجال وأربع نساء اعتقلوا للاشتباه في إضرارهم بمصالح البلاد وتقديم الدعم لعناصر معادية في الخارج. ونددت بهم وسائل الإعلام الرسمية ووصفتهم بالخونة و"عملاء السفارات" مما أغضب دبلوماسيين أجانب لدى المملكة المتحالفة مع الولايات المتحدة.
وظهرت بعض النساء معا في قاعة المحكمة يوم الأربعاء لكن يبدو أن قضاياهن كانت منفصلة، ولم يحضر أقاربهن سوى أجزاء معينة من الجلسة.
وقالت منظمة القسط، وهي منظمة حقوقية سعودية مقرها لندن، إن النساء وجهت لهن اتهامات بموجب قانون جرائم الإنترنت والذي يتضمن أحكاما بالسجن من عام إلى عشرة أعوام. وكتبت المنظمة على تويتر تقول إن الاتهامات تتعلق بأنشطة حقوق الإنسان واتصالات مع "كيانات معادية".
ولم يتضح وضع التمثيل القانوني للنشطاء. وقالت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان في وقت سابق إنه لم يتسن للنشطاء الاتصال بمحامين على مدى أكثر من تسعة أشهر من الاحتجاز والتحقيق معهم.
وقال أقاربهم إنهم أبلغوا في اللحظة الأخيرة أن المحاكمة انتقلت من المحكمة الجزائية المتخصصة، التي تشكلت للفصل في قضايا الإرهاب لكن كثيرا ما تستخدم في القضايا السياسية.
ولم يتضح سبب هذا القرار لكن دبلوماسيين قالوا إنهم يأملون أن يشير ذلك إلى تعامل أقل صرامة مع القضايا بعد ضغوط استمرت شهورا مارستها الحكومات الغربية.
ودعت أكثر من 30 دولة، منها جميع دول الاتحاد الأوروبي وعددها 28 دولة، السعودية الأسبوع الماضي إلى إطلاق سراح النشطاء. وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ونظيره البريطاني إنهما أثارا المسألة مع السلطات السعودية خلال زيارات في الفترة الأخيرة.
* ضغط غربي
لم يتضح بعد ما إذا كانت الرياض ستذعن للضغوط- وتحصل النساء على أحكام محتملة بالبراءة أو العفو- أم تسعى لفرض عقوبات قاسية في قضية يقول معارضون إنها تكشف حدود وعود ولي العهد الأمير محمد بن سلام بتحديث المملكة.
وسعى ولي العهد لاستمالة الغرب لدعم إصلاحاته الاقتصادية والاجتماعية الطموحة لكن صورته تضررت بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، الذي كان مواليا للعائلة الحاكمة ثم تحول إلى معارض، في القنصلية السعودية في اسطنبول في أكتوبر تشرين الأول الماضي.
وقالت جماعات حقوقية إن موجة الغضب بسبب قتل الصحفي زادت التدقيق بشأن اعتقال النشطاء المدافعين عن حقوق المرأة ومن بينهم أيضا نوف عبد العزيز ومياء الزهراني وسمر بدوي ونسيمة السادة وشدن العنزي ومحمد الربيعة.
وتقول الجماعات إن بعض النساء، ومن بينهن لجين الهذلول، احتجزوا في حبس انفرادي وتعرضن لسوء المعاملة والتعذيب بما في ذلك الصعق بالكهرباء والجلد والاعتداء الجنسي. ونفى مسؤولون سعوديون هذه المزاعم.
وكانت لجين، التي دعت إلى رفع الحظر على قيادة النساء للسيارات وإنهاء نظام ولاية الرجال في المملكة، قد اعتقلت مرتين من قبل مرة منهما لمدة 73 يوما في عام 2014 بعد أن حاولت قيادة سيارتها من الإمارات إلى السعودية.
وشاركت إيمان النفجان وعزيزة اليوسف في احتجاجات على حظر قيادة السيارات في 2013. وكتبت اليوسف التماسا وقعت عليه النفجان والهذلول في 2016 يطالب بإنهاء ولاية الرجل.
وتكهن نشطاء ودبلوماسيون بأن الاعتقالات ربما تكون محاولة لاسترضاء عناصر محافظة معارضة للإصلاحات الاجتماعية. وربما كان المقصود منها أيضا توجيه رسالة للنشطاء لعدم الدفع بمطالب لا تتسق مع جدول أعمال الحكومة.
واعتقل عشرات النشطاء والمثقفين ورجال الدين على مدى العامين الماضيين في إطار مسعى فيما يبدو للقضاء على أي معارضة محتملة.
(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)