لندن، 9 أغسطس/آب(إفي): في واحدة من أكبر الخطط الأمنية التي تنفذ في بريطانيا، أعلن رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون عن نشر 16 ألف شرطي في العاصمة لندن وضواحيها من أجل احتواء أعمال الشغب التي شهدتها وغيرها من المدن على مدار الأيام الثلاثة الماضية.
وأكد كاميرون أن حكومته ستقوم بكل ما يلزم للسيطرة على أعمال الشغب التي وصفها بأنها "جريمة محضة" يتعين القضاء عليها.
وجاء ذلك في الوقت الذي كشفت فيه شرطة سكوتلاند يارد عن سقوط اول قتيل في موجة العنف التي أسفرت عن إصابة العشرات، معظمهم من رجال الشرطة.
وأوضحت الشرطة في بيان لها أن القتيل هو شاب في السادسة والعشرين من عمره توفي متأثرا بجروح أصيب بها جراء تعرضه لإطلاق نار يوم السبت الماضي بينما كان مستقلا سيارة في حي كرويدون اللندني، مشيرة إلى أن ملابسات الحادث لم تعرف بعد.
وفي سياق متصل، أعلن رئيس الوزراء بعد مشاركته في اجتماع لما يعرف بـ"لجنة كوبرا"، المجلس الحكومي المصغر المعني بإدارة الأزمات في البلاد، أن البرلمان سيعقد جلسة استثنائية بعد غد الخميس من أجل بحث هذه الأزمة.
ووجه المسئول البريطاني انتقادات حادة للمشاهد التي مرت بها لندن خلال الأيام الثلاثة الماضية، والتي "قام خلالها بعض الأفراد بأعمال عنف وشغب وسطو وسرقة كما هاجموا عناصر الشرطة، بل ورجال الإطفاء خلال قيامهم بعملهم في إخماد الحرائق التي أشعلها مثيرو الشغب".
وأعرب كذلك عن مواساته وتضامنه من الأشخاص الذين تعرضت ممتلكاتهم للسلب او التخريب خلال الأحداث وهؤلاء الذين يعيشون في رعب بسببها.
وأشاد كاميرون أيضا بالشجاعة التي أبداها رجال الشرطة في التعامل مع الموقف، على الرغم من تشديده على ضرورة وجود انتشار أمني أكبر في الشارع.
وبحسب سكوتلاند يارد فإنه تم حتى الان اعتقال 450 شخصا على صلة بالأحداث، وقال كاميرون إنه من المتوقع ان تجرى المزيد من الاعتقالات خلال الأيام القادمة.
وأكد قائلا:"إننا عازمون على تحقيق العدالة.. وهؤلاء الأشخاص يتعين عليهم أن يشعروا بعواقب ما ارتكبوه".
وكان كاميرون قد قطع أجازته التي كان يقضيها في إيطاليا وعاد الليلة الماضية للبلاد بعد تعرضه لانتقادات حادة بسبب غيابه في خضم هذه المشكلة.
ومن جانبها، قالت سكوتلاند يارد إن العاصمة لندن عاشت أسوأ لياليها بعد ان أدت أعمال الشغب التي وقعت في العديد من أحيائها إلى اندلاع العديد من الحرائق وأعمال سلب واسعة النطاق، إلى جانب إصابة 14 مدنيا و44 من عناصر الشرطة.
وأوضحت أن درجة العنف التي شهدتها أحياء لندن خلال الليلة الماضية "غير مقبولة على الإطلاق"، مشيرة إلى أنها ستنشر المئات من عناصرها للعمل على إقرار الأمن والسيطرة على الأوضاع.
وكانت الشرطة البريطانية قد نفذت الاثنين أكبر عملية انتشار لها في العاصمة بعد نشر 2500 شرطي، ليصل عدد عناصر الأمن الذين يتعاملون مع أحداث الشغب إلى ستة آلاف عنصر، مدعومين بعدد من المركبات المدرعة.
وأوضحت سكوتلاند يارد في بيان أنها بصدد دراسة جميع الأدلة والقرائن، بما في ذلك الصور والأشرطة التي سجلتها كاميرات المراقبة الموجودة في الشوارع من اجل تحديد المسئولين عن إثارة هذه الموجة غير المسبوقة من أحداث العنف وتقديمهم للمحاكمة.
ونددت الشرطة مجددا بما وصفته بـ"مستويات عنف غير مقبولة" موجهة بشكل خاص ضد عناصرها.
وفي السياق ذاته، قالت خدمة الطوارئ في العاصمة، إنها تلقت اتصالات استغاثة خلال الليلة الماضية بما يفوق الرقم المعتاد بنسبة 400%، في الوقت الذي أعلن فيه جهاز المطافئ أنه مر بواحدة من أصعب الليالي في تاريخه بعد أن تلقى كذلك استغاثات بنسبة تفوق المعتاد بـ15 مرة.
وكانت الأحداث قد بدأت عندما احتشد 300 شخص منذ ليلة السبت أمام قسم شرطة توتنهام للمطالبة بتحقيق العدالة في قضية مقتل الشاب الأسود مارك دوجان (29 عاما) الذي لقي مصرعه جراء تعرضه لإطلاق نار من جانب أحد رجال الشرطة بينما كان مستقلا سيارة أجرة، في واقعة أصيب فيها أحد رجال الشرطة ولا تزال ملابساتها غير معروفة حتى الآن، رغم ان الحكومة أعلنت عن بدء التحقيق فيها.
وما لبثت المظاهرة أن تحولت فجرا لأعمال شغب جرى خلالها إضرام النيران في عدد كبير من المباني والسيارات في المنطقة، إلى جانب السطو على عدد كبير من المتاجر وتحطيم واجهاتها.
وامتدت اعمال الشغب خلال الأيام التالية إلى العديد من أحياء العاصمة مثل، هاكني (شرق) وبيكهام ولويسشام (جنوب) وأنفيلد (شمال) وبريكستون (جنوب)، ووالثامستو (شمال)، ووالثام فورست (شرق)، وإسلينتون (شمال). (إفي)