تأثرت معدلات التضخم بمنطقة اليورو خلال الشهر الماضي بارتفاع معدلات البطالة لأعلى مستويات منذ 11 عاما، و بعد أن تباطأ النمو في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الماضي مما قلص مستويات الأنفاق و الاستهلاك التي انعكست بشكل مباشر على المستويات العامة للأسعار في المنطقة.
سجلت التوقعات الأولية لأسعار المستهلكين السنوية في منطقة اليورو ارتفاع عند ما نسبته 0.9% مقارنة بالقراءة السابقة بنسبة 1%، جاء هذا التراجع بعد أن ارتفعت معدلات البطالة بمنطقة اليورو خلال الشهر الماضي لتسجل أعلى مستويات منذ 1990 عند ما نسبته 9.9%، و هذا ما قلص من مستويات الإنفاق و الاستهلاك التي بدوره انعكست سلبا على مستويات الطلب و منها على المستويات العامة للأسعار التي لا تزال بمنطقة اليورو دون المستويات المستهدفة للبنك المركزي.
تم تعديل قراءة الناتج المحلي الإجمالي بمنطقة اليورو خلال الربع الماضي لتسجل ما نسبته 0.1% بعد أن كانت القراءة بنسبة 0.4%، وهذا ما أكد بأن أداء الأنشطة الاقتصادية بمنطقة اليورو خلال الثلاثة أشهر الماضية لا يزال ضعيفا و هذا بشكل مؤكد ينعكس بشكل مباشر على المستويات العامة للأسعار.
ارتفع مؤشر أسعار المنتجين لأعلى من التوقعات في كانون الثاني مسجلا 0.7% بينما كانت التوقعات تشير إلى 0.6% بينما كانت القراءة السابقة بنسبة 0.1%, وتقلص انكماش المؤشر على المستوى السنوي إلى -1.0% من -2.9% للقراءة السابقة فيما كانت التوقعات تشير إلى -1.1%.
دعمت أسعار المنتجات الأوروبية على أبواب المصانع بارتفاع أسعار النفط الخام، يلاحظ أن النفط الخام يتداول خلال الثمانية الأشهر الماضية بين مستويات 70-80 $ للبرميل مقارنة بالارتفاع بأكثر من الضعف خلال العام الماضي بعد أن سجلت العقود ببداية 2009 مستويات قريبة من 34$ للبرميل، هذا الارتفاع في النفط الخام كونة المادة الأساسية الداخلة بكافة الصناعات سيترجم بقيام الشركات برفع التكلفة و منها إلى سعر المنتج.
قام البنك المركزي الأوروبي خلال الأزمة الائتمانية بالعديد من الخطوات لدعم مستويات الأسعار التي انهارت بشكل حاد خلال العام الماضي، فقد قرر البنك المركزي تخفيض سعر الفائدة المرجعي عند 1.0% الأدنى منذ تأسيس البنك، و تتزايد التوقعات ببقاء أسعار الفائدة عند هذه المستويات خلال العام الحالي فلا تزال أزمة المديونية في اليونان تضغط بشكل كبير على صانعي القرار بالاتحاد الأوروبي لاتخاذ ما يلزم لقيام اليونان بأجراء ما يلزم لتقلص العجز في الموازنة العامة.
قرر البنك المركزي ضمن مساعيه لدعم مستويات السيولة بضخ السيولة للأسواق المالية عن طريق إقرار سياسة التخفيف الكمي المتضمنة شراء السندات الحكومية المقدرة بقيمة 60 بليون يورو، أن تعديلات السياسة المالية و النقدية تلعب دورا أساسيا بمستويات التضخم، قام البنك ببدء سحب السيولة من الأسواق فلقد توقفت القروض ذات أمد 12 شهر و يسير البنك ضمن إجراءات سحب القروض ذات أمد 6 أشهر.
لا بد للإشارة لتصريحات السيد تريشيه بمناسبات سابقة بأن معدلات التضخم لا تزال ضمن المستويات المسيطر عليها، إضافة لتوقعات البنك المركزي الأوروبي بمعاودة الأسعار للارتفاع خلال عام 2010 ضمن المستويات المقبولة.
عزيزي القارئ، لا تزال البيانات الاقتصادية الصادرة عن منطقة اليورو تشير لاستمرار ضعف الاقتصاد الأوروبي المتأثر من الأزمة الائتمانية الأسوا منذ الكساد العظيم، و لا يزال الاقتصاد بحاجة لمزيد من الوقت لكي يتحقق التعافي التام من الركود الاقتصادي، خاصة و أن أزمة المديونية اليونانية تظهر لا تزال تلوح بالأفق.