لانزال مع البيانات الخاصة بالمنطقة الأوروبية و لكن هذه المرة يحتل قرار البنك المركزي البريطاني أهم البيانات التي ستصدر خلال هذا الأسبوع، هذا في الوقت الذي توسع فيه نمو الاقتصاد البريطاني في الربع الثاني بمقدار الضعف و إن كانت النظرة المستقبلية لإستمرار زخم النمو تعد ضعيفة للغاية.
في الربع الثاني سجلت القراءة المعدلة للناتج المحلي الإجمالي نمو بنسبة 1.2% من 0.3% للربع الأول، و على المستوى السنوي حقق توسعا للنمو ليصل إلى 1.7% من 1.6% للقراءة السابقة، و هذا ما يشير إلى مدى قوة وتيرة النمو في الربع الثاني و التي ربما قد وصلت إلى ذروتها و في الطريق مرة أخرى إلى التراجع للعديد من الأسباب.
فعلى المستوى المحلي لاتزال عمليات الإئتمان يغلب عليها الضعف بجانب أن البنوك لاتزال في إطار معاودة هيكلة رأس المال، و في نفس الوقت تشهد البلاد ارتفاع للمستوى العام للاسعار بجانب ضعف سوق العمل و انخفاض مستوى الدخل بشكل عام. جدير بالذكر السيد كينج أشار في وقت سابق إلى أنه يجب اتخاذ الحذر بشأن بيانات النمو التي صدرت مؤخراً، في ظل ما تواجهه الاقتصاديات العالمية من تباطؤ اقتصادي و ضعف في مستويات الطلب.
أضف إلى ذلك أحد أهم القرارات الحكومية و الذي يتمثل في الإعلان عن أكبر خطة لخفض الإنفاق العام بداية من العام الحالي و على مدار السنوات الخمس المقلبة من أجل تقليص عجز الموازنة الذي يعد من ضمن أعلى المستويات في الاتحاد الأوروبي، لذا فإن لذلك الإجراء التبعية السلبية على الاقتصاد البريطاني و هو ما قد يؤخر تحقيق النمو القوي و قد يرجع بالبلاد إلى دائرة الإنكماش من جديد.
و على المستوى العالمي فإن منطقة اليورو الشريك التجاري الاول لبريطانيا و الولايات المتحدة الامريكية و كذا الاقتصاديات العالمية الناشيئة مثل الصين باتت تشهد تباطؤ النمو الاقتصادي وهذا بدوره ما يؤثر سلبا على وتيرة نمو الاقتصاد البريطاني.
وفي تقرير التضخم الأخير للبنك البريطاني حيث قام فيه بخفض توقعات النمو على المستوى السنوي لتصل إلى 3% مقارنة بما كان متوقعا في تقرير شهر مايو/أيار لنسبة 3.6%. ويأتي ذلك في الوقت الذي تتقلص فيه قوة وتيرة نمو الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من العام الحالي. هذا فضلا عن أن الأوضاع الاقتصادية لم تستقر بالشكل الكامل بعد في البلاد. على الجانب الآخر فإن غرفة التجارة البريطانية قامت برفع توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد البريطاني خلال العام الحالي ليسجل نمو بنسبة 1.7% بنهاية عام 2010، و تأتي تلك التوقعات بدعم من بيانات النمو التي حققها الاقتصاد في الربع الثاني.
وحتى الآن لايزال البنك مبقيا على نفس سياسته النقدية منذ مارس/آذار من عام 2009 إذ لايزال سعر الفائدة عند أدنى مستوياته منذ تأسيس البنك بنسبة 0.50%، فيما لايزال برنامج شراء الأصول عند مبلغ مبلغ 200 بليون جنيه إسترليني دون تغير حتى الإجتماع السابق للبنك.
السيد أندرو سانتنس أحد أعضاء لجنة السياسة النقدية لايزال مصرا على موقفه من حيث رفع سعر الفائدة و البدء في سحب خطط التحفيز من الأسواق لمواجهة المخاطر التصاعدية للتضخم ، إلا أن الإتجاه العام للبنك هو دعم النمو بل و قد يتوسع في سياسات التخفيف الكمي إذا استدعى الأمر ذلك.
ووفقا لتصريحات كينج فإن البنك أمامه المزيد من الوقت حتى يعود بأسعار الفائدة إلى المستويات العادية التي كانت عليها قبل الأزمة، ولن يتم تقييد السياسة المالية إلا عندما يحين الوقت لذلك وهذا ما يؤكد على أن الاقتصاد البريطاني لايزال يحتاج المزيد من المساندة و الاستمرار في تخفيف السياسة النقدية.
وفي منطقة اليورو من المقرر يصدر التقرير الشهري للبنك المركزي الأوروبي و الذي عادة يكون المستند الرسمي لحديث السيد تريشيه في المؤتمر الصحفي الذي عقد الاسبوع السابق عقب قرار سعر الفائدة و الذي قام فيه البنك بالابقاء على سعر الفائدة دون تغير عند مستوى 1%. ويرى البنك المركزي أن سعر الفائدة الحالي يعد مناسبا في تلميح منه بعدم رفع سعر الفائدة في القريب العاجل.
هذا بالإضافة إلى إعلانه عن مد العمل بتقديم القروض و التسهيلات إلى البنوك حتى أول العام القادم و ذلك ضمن محاولة البنك في توفير السيولة اللازمة للقطاع المصرفي عن تقديم قروض لأجل سبعة ايام وشهر و ثلاثة أشهر.
أيضا قام البنك برفع توقعات النمو و التضخم بعد الأداء الجيد الذي تحقق في النصف الأول من العام الحالي، ليصل نمو منطقة اليورو إلى 1.6% في نهاية العام الحالي مقارنة بالتوقعات السابقة التي كانت بنسبة 1% لشهر يونيو/حزيران.و بالنسبة للعام القادم 2011 فإن البنك يتوقع تحقيق نمو بنسبة 1.4% لترتفع بذلك عن التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى 1.2%.
أما بالنسبة للتضخم فإن البنك يتوقع أن يحقق لما بين 1.5% و 1.7% للعام الحالي 2010 و بالنسبة للعام القادم فيتوقع أن يحقق لما بين مستوى 1.2% و 2.2% في 2011. و يتوقع البنك ان تشهد الأسعار ارتفاعا حتى نهاية هذا العام و يرى البنك أن التضخم من المرجح أن يكون بصورة معتدلة.
جدير بالذكر أن البنك الأوروبي يرى أن وتيرة نمو اقتصاديات المنطقة الستة عشر من شأنها ان تكون أدنى أو ابطأ في النصف الثاني عما شهدته في النصف الأول من العام الحالي، و هذا ما يعكس الاتتجاه العام لدى معظم البنوك المركزية الرئيسية حول وتيرة النمو في النصف الثاني.