من دان وليامز
القدس (رويترز) - قال أفيجدور ليبرمان اليميني المتشدد في أول تصريح له باعتباره وزير الدفاع الإسرائيلي المكلف مازحا بشأن سمعته كشخص ناري حاد الطباع "أجريت جراحة لأطيل بالي."
وفي منحى أكثر جدية اتخذ ليبرمان (57 عاما) المولود في الاتحاد السوفيتي نهجا توافقيا مؤكدا على "الالتزام بالسلام وباتفاق على الوضع النهائي (مع الفلسطينيين)."
وبعد مراسم توقيع اتفاق الائتلاف يوم الأربعاء ظل المسؤولون العسكريون والدبلوماسيون والقادة الفلسطينيون يتساءلون عما إذا كان هذا الشخص التصادمي يمكنه سلك طريق أقل تصادمية بعد أن ينضم مرة أخرى رسميا للحكومة الأسبوع المقبل.
وهدد ليبرمان الذي أمضى فترة قصيرة في القوات المسلحة الإسرائيلية ذات مرة بقصف السد العالي في أسوان بمصر وباغتيال قادة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة. كما اغضب واشنطن بمعارضته لمحادثات السلام مع الفلسطينيين.
وقال يوسف المحمود المتحدث باسم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية إنه بتعيين ليبرمان في الحكومة تخلط إسرائيل "التطرف بالجنون".
وأغضب ليبرمان وهو وزير خارجية أسبق القيادات العليا في الجيش -الذين سيشرف عليهم- وذلك عندما شارك الشهر الماضي في احتجاجات على محاكمة عسكرية لجندي قتل بالرصاص مهاجما فلسطينيا جريحا.
وتجاهل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "النحيب والبكاء" الناتج عن اختياره لثاني أهم منصب وزاري في سبيل اتفاق يوسع الائتلاف القومي الديني الحاكم.
وأكد نتنياهو يوم الأحد أن دوره البارز فيما يتعلق بالأمن القومي لن يتغير. وقال "كنت أهتم بأمن إسرائيل... لم أقم بعمل سيء في السنوات التي قضيتها رئيسا للوزراء وسيظل الأمر كذلك الآن."
لكن الرجلين تربطهما علاقة متقلبة والتودد لليبرمان الآن يبدو مفاجئا إذ أنه ونتنياهو كانا يرفضان بعضهما البعض بحدة.
وتحول ليبرمان من رئيس أركان الجيش خلال فترة ولاية نتنياهو الأولى كرئيس للوزراء في تسعينات القرن الماضي إلى التناحر العلني معه أثناء عمله وزيرا للخارجية في حكومته ثم إلى السخرية منه وهو في صفوف المعارضة.
وانتقد ليبرمان مساعي نتنياهو لإصلاح العلاقات مع تركيا بعد غارة إسرائيلية عام 2010 على سفينة ترفع علم تركيا كانت تحتج على حصار إسرائيل لغزة وقال إن رئيس الوزراء يفتقر لإستراتيجية واضحة بشأن المسألة النووية الإيرانية.
*مرن وعملي
يقول بعض المراقبين إن ليبرمان رغم سلوكه الحاد سياسي مرن وعملي سينظر لتوليه وزارة الدفاع باعتبارها فرصة لصقل مقومات الأمن القومي التي يفتقر إليها على عكس الجنرالات الذين تولوا المنصب قبله.
وتساءل المعلق السياسي يويل ماركوس في صحيفة هاارتس الليبرالية اليومية قائلا "لماذا الفزع؟". وقال "هذه ديمقراطية... وعموما فإن القرارات المهمة (وغير المهمة) لا يتخذها رجل واحد. إهدأوا... وزير الدفاع ليس قادرا على كل شيء. في الواقع فإنه يأخذ قرارات أقل مما يتصور الكثيرون."
وكمهاجر من مالدوفا السوفيتية خدم ليبرمان لمدة عامين في الجيش الإسرائيلي برتبه عريف.
وانتقد العديد من وزراء الدفاع السابقين تعيين ليبرمان في هذا المنصب الحساس.
فقد أدار آخر مدني يتولى وزارة الدفاع وهو رئيس اتحاد العمال السابق عمير بيرتس حرب عام 2006 مع جماعة حزب الله اللبنانية التي أشاعت الهدوء على الحدود الإسرائيلية اللبنانية. وطور نظام القبة الحديدية الدفاعي المضاد للصواريخ وسط اعتراضات جيش اعتاد على نقل المعارك إلى أرض العدو.
والآن لا يتنبأ بيرتس المشرع من تيار يسار الوسط بأي مشاكل فيما يتعلق بمهنية ليبرمان بل ما يقلقه هو تصريحاته السابقة عن حماقة عملية السلام وتأييده لاتخاذ إسرائيل إجراءات أشد صرامة تجاه العنف الفلسطيني.
وقال مسؤولون فلسطينيون إنه مع عودة ليبرمان -الذي يقيم في مستوطنة بالضفة الغربية المحتلة- إلى الحكومة كوزير للدفاع تتضاءل فرص إنعاش مفاوضات إقامة الدولة الفلسطينية وهي مفاوضات انهارت في عام 2014.
وتدير وزارة الدفاع الشؤون المدنية في الضفة الغربية المحتلة حيث يعيش الفلسطينيون في تشاحن مع المستوطنين الإسرائيليين.
وقال بيرتس لرويترز "ستثار دون شك مسألة (روح القيادة) وتتساءل بعض الرتب ما إذا كان وزير الدفاع لديه الكفاءة وملتزم بالأخلاقيات العسكرية خاصة قواعد إطلاق النار."
وأضاف "وزير الدفاع من ناحية ما هو رئيس وزراء يهودا والسامرة." مستخدما الاسم التوراتي للضفة الغربية. وتابع "إنه دور يتطلب حساسية فائقة للاحتياجات الإنسانية التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الدولة."
*إذهب إلى الجحيم"
وعلى مر السنين أغضب ليبرمان مصر أول شريك سلام عربي. فقال في عام 2008 عن الرئيس المصري حسني مبارك في ذلك الوقت "فليذهب إلى الجحيم" لعدم قيامه بزيارة رسمية لإسرائيل.
وعندما كان وزيرا للخارجية عارض ليبرمان شروط نتنياهو لإنقاذ العلاقات الثنائية المتوترة مع تركيا وجرى تهميشه بدرجة كبيرة في العواصم الأوروبية التي فضلت التعامل مباشرة مع رئيس الوزراء في المسائل الدبلوماسية الحساسة.
ولكن سيكون من الأصعب تخطي ليبرمان كوزير للدفاع نظرا لعمق الروابط الأمنية الأمريكية الإسرائيلية. وتواجه هذه الروابط اختبارا الآن مع محاولة نتنياهو استمالة البيت الأبيض لزيادة المنح العسكرية لإسرائيل البالغة حالية ثلاثة مليارات دولار سنويا.
وقالت إدارة أوباما علنا إنها "تتطلع للعمل" مع أي شخص يحل محل موشيه يعلون رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق الذي استقال من منصب وزير الدفاع الأسبوع الماضي احتجاجا على التعديل الوزاري الذي أجراه نتنياهو.
وفي أحاديث خاصة أبدى مسؤولون أمريكيون استياءهم من تعيين ليبرمان. ليس فقط لأن تصريحاته السابقة تتعارض تماما مع جوهر السياسة الأمريكية في هذا الشأن بل لأنه عمل منذ سنوات على التقارب بين إسرائيل وروسيا.
فقد ورد في برقيات دبلوماسية أمريكية مسربة من عام 2009 أن "انطباع موسكو أن ليبرمان الذي يتحدث الروسية واحد منهم.". وأفادت البرقيات كذلك أن روسيا تراه باعتباره "أكثر واقعية فيما يتعلق بعملية السلام مما يبدو من تصريحاته الحادة."
(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير حسن عمار)