بدأت الأسواق الأوروبية اليوم بردة فعل محبطة وسط كل التطورات الحاصلة في اليونان، حيث يحزم رئيس الوزراء اليوناني أمتعته استعداداً للتنحي عن منصبه مفسحاً بذلك الطريق لحكومة الائتلاف أو التحالف التي ستمسك زمام الأمور، و التي ستقوم بالموافقة على حزمة المساعدات الثانية أيضاً.
حالة التوتر واضحة في الأسواق نظراً لعدم الاستقرار الحاصل في أوروبا، من تفاقم أزمة الديون التي أبقت تركيز المستثمرين على القارة الأوروبية قبيل اجتماع وزراء المالية لمنطقة اليورو. حيث يراقب المستثمرين ماهية الإجراءات التي ستقوم فيها الدول بكل استهجان، حيث من المتوقع أن تقوم كل من ايطاليا و فرنسا بفرض المزيد من الإجراءات التقشفية خاصة و أن الحالة السياسية في ايطاليا غير مستقرة أيضاً.
و على خلفية كل هذا، استمر اليورو برحلته الهابطة مقابل الدولار الأمريكي وسط خوف المستثمرين على منطقة اليورو و احتمالية انهيار العملة الموحدة اليورو، و لا بُد من الإشارة أن رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو سيقوم بالتنحي عن منصبه ليتم تشكيل حكومة تحالف تدير البلاد بالاتجاه الصحيح بعد أن تم الاتفاق مع المعارضة بشكل ودي.
تبقى المخاوف و الشكوك على من سيكون الرئيس الجديد للحكومة القادة على الرغم من أنه مهمته الرئيسية تكمن فقط في تطبيق و الموافقة على حزمة المساعدات التي أقرها القادة الأوروبيين في 26 من شهر تشرين الأول. و لكن الخوف الأكبر هو على الانتخابات المبكرة التي ستُعقد في شهر شباط القادم، الأمر الذي يجسد حالة التوتر و القلق المتواجدة في الأسواق و التي ستبقى الضاغط السلبي المستمر على أي قرارات ستُتخذ عاجلاً أم آجلاً.
و من جهة أخرى، يبقى قلقل المستثمرين و خوفهم من تفاقم أزمة الديون و تداعياتها على الاقتصاد ككل، فشهدنا تأثيرها السلبي على وتيرة النمو المتهالكة في المنطقة. كما ستقوم فرنسا أحد أكبر اقتصاديات المنطقة بطرح مزيداً من الإجراءات التقشفية لتخفض حوالي 8.0 مليار يورو من خفض مصاريف و رفع ضرائب، في سبيل الحفاظ على تصنيفها الائتماني و لكنه يزيد من الضغوط السلبية على مسيرة النمو الهشة.
و اليوم سيُعقد اجتماع وزراء المالية لمنطقة اليورو في بروكسل و الذي سيتمعن بشكل أساسي و بكامل التركيز هذه المواضيع، منتظرين تفسيرات و آراء من وزير المالية اليوناني، و من جهة أخرى سيكون تركيزهم أيضاً على الدولة الايطالية التي تشهد حالة من التفكك السياسي أيضاً وسط ضعف موقف رئيس الوزراء بيرليسكوني السياسي.
المزيد من الضغوط السلبية التي تؤثر على تداولات اليورو هو جلسة تصويت البرلمان الايطالي على تقرير الميزانية لعام 2010 وسط تزايد المطالبات التي تنادي بتنحي بيرليسكوني عن رئاسة الوزراء نظراً لفقدانه شعبيته في الدولة.
من المتوقع أن تبقى حالة التذبذب و الانحلال بالسيطرة على الأسواق مع وجود ضغط سلبي قبيل القرارات أو البيانات التي ستصدر عن اليونان و ايطاليا بشكل أساسي، و لن ترتاح الأسواق أو تتخذ اتجاه موحد، إلا بتأثير من وزراء المالية اليوم و غداً بتقديم أي حلول أو مقترحات قد تكون فعالة لتخفيف حدة التوتر في الأسواق.