شهدنا امس كيف تحسن شعور المستثمرين العام بعد البيانات التي كانت ايجابية نسبياً و التي شجّعت المستثمرين بعض الشيء، و كان الدافع الاكبر هو الضوء الاخضر التي قدمته ألمانيا لأسبانيا بأن تقوم بطلب تسهيل ائتماني احترازي من آلية الاستقرار الأوروبية الدائمة في سبيل تفعيل برنامج شراء السندات للبنك المركزي الاوروبي في سبيل خفض تكاليف الاقتراض على الدولة، في حين ترددت اسبانيا بفعل مثل هذا حالياً نظراً لما سيكون له من آثار سلبية على دول المنطقة المجاورة خاصة المتعثرة منها كايطاليا مما ستلاقيه من ارتفاع في تكاليف الاقتراض.
تردد كبير دام في الأسواق الاوروبية ما إذا كانت اسبانيا ستطلب قرض انقاذ أم لا، فبعض التقارير تشير إلى أنها قد تقوم بذلك مع بداية الشهر القادم رغم النفي الاسباني المتكرر لهذه التكهنات، و لكن كان للتقرير التي أشارت له وكالة بلومبيرج أثر ايجابي على الأسواق نظرا لتحرير الأسواق و المستثمرين من تكهنات و احتمالات سيطرت عليهم الفترة الماضية.
و اليوم، سنُبقي عينٌ على اسبانيا و آخر تطوراتها و ما سيستجد اليوم من أموراً أكثر رسمية على هذا الجانب في سبيل ايضاح الصورة المستقبلية للدولة التي تعاني من تعثر اقتصادي و ترهل عام، و عينٌ اخرى على الأجندة الاقتصادية التي تحمل بعض البيانات البريطانية كما اشرنا و التي قد تمنحنا الاشارات التي نحتاجه لتقييم الأوضاع الاقتصاد هنالك مع رسم سياسة نقدية محتملة للمركزي البريطاني في الفترة القادمة.
ستقوم المملكة المتحدة بالإفصاح عن تقرير الوظائف خلال شهر آب، و الذي من المتوقع أن يُظهر بقاء معدل البطالة ثابتاً عند مستوياته السابقة 8.1% خلال الثلاثة أشهر المنتهية في آب، و هي مستويات مرتفعة نسبياً في الاقتصاد الملكي و أن معدلات بطالة كهذه تؤثر سلباً كما نعلم على معدل الانفاق العام في الدولة الذي هو أصلاً متراجع نظراً لتعثر الأوضاع الاقتصادية الداخلية و الخارجية إلى جانب اجراءات تقشفية صارمة تتخذها الحكومة الملكية.
لم تعد الأسواق تستغرب من أي ارتفاع في معدل البطالة البريطاني نظراً للركود الاقتصادي الذي تعانيه الدولة وسط تعثر الأوضاع الاقتصادية الداخلية مع خطة تقشفية صارمة تتبعها الحكومة الائتلافية في سبيل خفض عجز الميزانية العام و المحافظ على تصنيف الدولة الممتاز، إلى جانب أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو المجاورة و التي تُلقي بظلالها على الاقتصاد الملكي.
يُعد الاقتصاد البريطاني من اكبر المتأثرين سلبياً بأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو نظراً لكونها اكبر شريك اقتصادي لبريطانيا و ان استمرار تفاقم ازمة الديون فيها تُبقي على الصادرات البريطانية تحت ضغط كبير لتستمر بالانخفاض و التراجع شيئاً فشيئاً خاصة و أن معظم اقتصاديات العالم لا تنعم هي الأخرى بأوضاع اقتصادية جيدة.
هذا و سيصدر عن البنك المركزي البريطاني محضر اجتماعه للشهر الجاري و الذي قرر به البنك على تثبيت أسعار الفائدة و السياسة النقدية بشكل عام رغم الركود الاقتصاد الذي تعانيه الدولة، و ذلك نظراً لرؤية البنك التي تنحصر بانتظار أثر توسيع برنامج شراء الأصول الأخير لـ 375 مليار جنيه.
يرى اعضاء لجنة السياسة النقدية على أنه يجب التريث قليلاً قبيل اتخاذ المزيد من الاجراءات التحفيزية و الداعمة للاقتصاد إلى حين ظهور آثار عملية التوسيع الاخيرة للبرنامج و التي من المتوقع ان تساعد الاقتصاد على الخروج من دائرة الركود العميق، و لكن السؤال هو، متى؟
متى سيتخذ صناع القرار في البنك القرار السليم بتوسيع برنامج شراء الأصول و اتخاذ المزيد من الاجراءات التحفيزية للاقتصاد كسائر البنوطك المركزية، خاصة و ان الاقتصاد الملكي قد سجّل انكماشه للربع الثالث على التوالي خلال الربع الثالث بوتيرة 0.4%.
هل سيكون الانخفاض في أسعار المستهلكين البريطانيين خلال أيلول حافز للبنك لاتخاذ الاجراءات التحفيزية المنتظرة، فقد تراجعت مستويات التضخم إلى 2.25 مقتربة من مستويات البنك المستهدفة عند 2.0% و هذا الذي قد يكون بنظرنا هو الدافع الاول للبنك لدعم الاقتصاد في الوقت المناسب قبل ركود الاقتصاد بشكل أسوأ من السابقة خلال الفترة القادمة.