من نضال المغربي
غزة (رويترز) - مع إبحار زوارقهم المتداعية إلى مياه البحر المتوسط العميقة للمرة الأولى منذ نحو عقدين، يأمل الصيادون الفلسطينيون في إمداد قطاع غزة بأسماك الماكريل والتونة لتضاف إلى صيدهم المعتاد من أسماك السردين والجمبري (الروبيان) والكابوريا الموجودة في المياه الضحلة.
وفي ظل جهود بوساطة مصرية لتخفيف معاناة مليوني شخص يقيمون في القطاع المحاصر، وافقت إسرائيل هذا الأسبوع على توسيع نطاق المنطقة التي يُسمح فيها للفلسطينيين بالصيد.
وقال الصياد أحمد العمودي (69 عاما) "هاي المنطقة كانت ممنوعة وإن شاء الله يكون فيها سمك كتير يرجعوا فيه الصيادين".
وتفرض إسرائيل طوقا بحريا على قطاع غزة ضمن إجراءات مشددة تقول إسرائيل ومصر إنها ضرورية لمنع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من تهريب أسلحة إلى القطاع الذي تديره.
وحددت إسرائيل منذ وقت طويل نطاق الصيد بما يتراوح بين ستة وتسعة أميال (9 و15 كيلومترا) قبالة ساحل غزة. لكن اعتبارا من أمس الاثنين جرى توسيع النطاق إلى ما بين 12 و15 ميلا (19 و24 كيلومترا) وهو الأوسع منذ عام 2000، قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية.
وقال مسؤول إسرائيلي "هذه الخطوة جزء من سياسة تهدف إلى منع تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، وتعكس سياسة التفريق بين الإرهاب وبين العامة غير المتورطين فيه".
واعتبر الفلسطينيون هذه الخطوة تنازلا إسرائيليا في مواجهة احتجاجات مستمرة منذ عام على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، شهدت اشتباكات عدة مرات عبر الحدود دفعت مصر والأمم المتحدة وقطر للوساطة من أجل دعم اقتصاد القطاع.
وقال العمودي "الشكر لله ثم لمسيرات العودة اللي فتحت لنا البحر"، في إشارة إلى المظاهرات الأسبوعية على الحدود والتي تطالب برفع الحصار وحق الفلسطينيين في العودة إلى المنازل التي فرت منها عائلاتهم أو أجبرت على الفرار منها عند قيام إسرائيل.
والفترة بين أبريل نيسان ويونيو حزيران هي ذروة موسم الصيد في غزة. ويمثل الصيد أقل من خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة في حين يعيش عليه نحو 50 ألف شخص.
لكن الصيد يتجاوز في قيمته تلك الأعداد إذ أنه يمثل أحد الصناعات الحيوية القليلة في غزة، حيث يعاني ما يزيد على نصف السكان من البطالة ويتلقى نحو 80 في المئة شكلا من أشكال المساعدات، وفقا للبنك الدولي.
وفي ظل القيود الصارمة التي تفرضها إسرائيل ومصر على الحدود البرية لغزة فإن اتساع رقعة الصيد يمنح كثيرا من الفلسطينيين بصيصا من حرية الحركة المأمولة في المستقبل.
ورحب مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف بقرار إسرائيل توسيع نطاق منطقة الصيد قائلا "أدعوا لتحسن حقيقي في حركة الناس والبضائع، بما في ذلك بين غزة والضفة الغربية".
وذكر أن شركاء الأمم المتحدة جمعوا نحو 45 مليون دولار مما سيسمح بتوفير نحو 20 ألف وظيفة في غزة هذا العام.
ولا يزال الصيادون يواجهون صعابا فيما يتعلق بندرة الوقود وقطع الغيار لزوارقهم. ويقولون إن إسرائيل تمنع كذلك دخول كابلات الأسلاك إلى غزة والتي من شأنها أن تسمح لهم بصنع شباك تمكنهم من الصيد في الأعماق.
وأبدى الصياد وائل أبو محمد تفاؤلا حذرا.
وقال أبو محمد، وهو أب لعشرة أبناء، "مع ١٥ ميل إن شاء الله راح نكون مرتاحين، بس ما يكون مشاكل مع الإسرائيليين، راح نروح نجرب والله يرزق".
وكان العام الماضي هو الأكثر دموية في غزة منذ آخر حرب بين حماس وإسرائيل قبل نحو خمسة أعوام، إذ شهد مقتل نحو 200 فلسطيني بنيران القوات الإسرائيلية خلال الاحتجاجات على الحدود. وقُتل جندي إسرائيلي واحد.
ويقول محققون تابعون للأمم المتحدة إن إسرائيل تستخدم القوة المفرطة. وتقول إسرائيل إنه ليس أمامها من خيار سوى استخدام القوة الفتاكة لحماية الحدود من المسلحين والمتسللين.
وأطلقت البحرية الإسرائيلية النار في الماضي على قوارب فلسطينية شردت خارج النطاق المحدد للصيد، واحتجزت قوارب في بعض الحالات واعتقلت من كانوا على متنها. وإلى جانب مخاوفها من التهريب، تخشى إسرائيل أيضا من الهجمات عبر البحر. ففي حرب غزة عام 2014، سبحت قوات خاصة من حماس من غزة بهدف اقتحام قاعدة ساحلية إسرائيلية.
وقال المسؤول الإسرائيلي إن استمرار النطاق الموسع للصيادين في غزة "يعتمد على وفائهم بالاتفاقات" وإن أي محاولة لتجاوزه "ستتعامل معها أجهزة الأمن (الإسرائيلية) بالشكل الملائم".
(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)