بروكسل، 10 مايو/آيار (إفي): اتفق وزراء مالية الاتحاد الأوروبية اليوم على حزمة قروض ائتمانية لم يسبق لها مثيل بقيمة 500 مليار يورو، وهو المبلغ الذي يمكن وصوله إلى 750 مليار يورو بمساعدة صندوق النقد الدولي، وذلك لتغطية احتياجات الدول الأعضاء الذين يعانون من مشاكل في القدرة على السداد، بالإضافة للدفاع عن اليورو.
وتعد هذه أكبر عملية مالية في التاريخ، حيث جرى الاتفاق عليها فجر اليوم في سباق مع الزمن لمواجهات المضاربات والتلاعبات ضد الديون الضخمة لبعض الدول الأعضاء ووقف تراجع العملة الأوروبية الموحدة.
وترتكز آلية الانقاذ التي اتفقت عليها الدول الأعضاء على عدة عناصر أولها، تخصيص مساعدات لميزان المدفوعات بقيمة 60 مليون يورو على أن تكون من المصادر الخاصة بالاتحاد الأوروبي كأحد الضمانات.
وفي حالة تعرض أحد الدول الأعضاء لصعوبة في الدفع، وعدم امكانية تغطية المطلوب بهذا الملبغ المخصص، فإن الدول الأوروبية تعهدت بضمان توفير قروض ثنائية باضافة اجمالية قيمتها 440 مليون يورو.
كما أعلن المفوض الأوروبي لشئون الاقتصاد والعملات أولي رين أن صندوق النقد الدولي اكد قدرته على منح قروض توزاي قيمتها نصف ما تمنحه أوروبا وبحد أقصى 250 مليار يورو.
وبجمع الأرقام كافة سيصبح لدى الشركاء الأوروبيين حال ظهور مشكلات متعلقة بالدفع مبلغ يصل إلى 750 مليار يورو، لمدة 3 سنوات وخاضع بشكل جذري لشروط صندوق النقد الدولي، كما كانت تطالب ألمانيا.
وجاءت الاتفاقية التي أقرت فجر اليوم مصحوبة بقرار من البنك المركزي الأوروبي بالتدخل بشكل لم يسبق له مثيل في أسواق الديون والعملات لتوفير السيولة وخفض الضغط عن البنوك الأوروبية.
وجرى التوصل للاتفاقية عقب 12 ساعة كاملة من المفاوضات وبالتزامن مع فتح الأسواق المالية الآسيوية، حيث ظهر مردوده الجيد في بورصة طوكيو، حيث تعافى اليورو بشكل طفيف أمام الين والدولار.
وهدف الاتفاقية الأساسي هو "الدفاع عن عملة اليورو مهما كانت التكاليف"، كما أكد رين الذي أشار إلى أنها تأتي بالتوازي مع الاجراءات المتخذة لانقاذ اليونان.
كما تسعى الاتفاقية لردع المضاربين، الذين يراهنون منذ عدة أشهر على افلاس أحد أعضاء منطقة اليورو، ووصفهم وزير المالية السويدي أندريس بورج بـ"قطيع الذئاب".
ويأتي الاتفاق على هذه الآلية بعد اقرار مساعدات لليونان بقيمة 110 مليار يورو من قبل دول منطقة اليورو وصندوق الدولي، حيث يبدأ ضخها بشكل فوري.
وسبق الاتفاقية نشاطا دبلوماسيا غير مسبوقا حيث تحاور الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حول الأزمة الاقتصادية في أوروبا.
وطبقا للبيت الأبيض، فإن أوباما أبرز خلال تحاوره مع الطرفين ضرورة اتخاذ الأوروبيين لاجراءات "حازمة" لاعادة الثقة في الأسواق.
وبالتزامن مع هذا الأمر كان صندوق النقد الدولي قد أعلن أنه سيضخ مع دول منطقة اليورو دفعة أولى من القروض بقيمة 20 مليار يورو.
كما عقد المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي اجتماعا طارئا أسفر عن قرار باتخاذ اجراءات خاصة لدعم النظام المصرفي، الذي أصابه الضعف بسبب تراجع البورصة وانخفاض قيمة الديون الحكومية.
يذكر أن الاتفاقية التي توصل لها وزراء المالية تنبع في الأساس من شيئ متواجد بالفعل ومعروف باسم "التسهيل المالي لميزان المدفوعات" والذي يسمح للمفوضية الأوروبية باستخدام الأموال المتواجدة في الأسواق واقراضها للدول الأعضاء بسعر معقول، نظرا لحصول الاتحاد على أعلى تصنيف قرضي (AAA).
والفارق هو أن هذا التسهيل متوفر في الأساس للدول الأوروبية خارج مجموعة عملة اليورو، ولكن الاتفاقية، بناء على أحد المواد التي تخص التسهيل الأول، ستسمح باستخدام نفس الأسلوب مع دول اليورو وبحد أقصى 60 مليار يورو، على أن يقوم أعضاء العملة الموحدة بالتوازي بالاشتراك في تقديم قروض أو ضمانات بقيمة 440 مليار ليصل الاجمالي إلى 500 مليار.
وطالبت ألمانيا صندوق النقد الدولي بالتدخل في تحديد الشروط والتعديلات الواجب اتخاذها واجراءها مع الدول التي ستطلب المساعدة.(إفي)