من بافل بوليتيوك وكونور همفريز
كييف/سفيتلودارسك (رويترز) - قال مسؤول أوكراني يوم الخميس إن القوات الروسية المتقدمة اقتربت من تطويق القوات الأوكرانية في الشرق، واستولت لفترة وجيزة على مواقع على الطريق السريع الأخير للخروج من اثنتين من المدن المهمة التي تسيطر عليها أوكرانيا قبل دحرها.
وبعد ثلاثة أشهر من غزوها لأوكرانيا، تخلت روسيا عن هجومها على العاصمة كييف وتحاول بسط سيطرتها على منطقة دونباس الصناعية في شرق أوكرانيا، حيث تدعم تمردا انفصاليا منذ عام 2014.
وتهاجم آلاف القوات من ثلاث جهات في محاولة لتطويق القوات الأوكرانية في سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك. وإذا سقطت المدينتان اللتان تقعان على ضفتي نهر سيفيرسكي دونيتس، فستكون منطقة لوجانسك في إقليم دونباس قد سقطت بالكامل تقريبا في أيدي الروس.
وقال الجنرال أوليكسي جروموف نائب رئيس قسم العمليات الرئيسية في هيئة الأركان العامة الأوكرانية "لدى روسيا أفضلية، لكننا نفعل كل ما في وسعنا".
وأوضح حاكم لوجانسك سيرهي جايداي أن حوالي 50 جنديا روسيا وصلوا إلى الطريق السريع "وتمكنوا من الحصول على موطئ قدم"، لدرجة إقامة نقطة تفتيش.
وقال في مقابلة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي "تم كسر حاجز التفتيش وإبعادهم... الجيش الروسي لا يسيطر على الطريق الآن لكنه يقصفه" مضيفا أنه من الممكن أن تترك القوات الأوكرانية "بلدة واحدة، وربما اثنتين. نحن بحاجة إلى كسب الحرب وليس المعركة".
وتابع جايداي "من الواضح أن أولادنا يتراجعون ببطء إلى مواقع أكثر تحصينا، نحن بحاجة إلى صد هذا الحشد".
ويرى المحللون العسكريون الغربيون أن معركة المدينتين هي نقطة تحول محتملة في الحرب، وذلك بعد أن أعادت روسيا تحديد هدفها الرئيسي من الحرب وهو الاستيلاء على الشرق.
* "إشارة واقعية"
شاهد صحفيو رويترز في الأراضي الواقعة جنوبا والتي تسيطر عليها روسيا دليلا على تقدم موسكو في سفيتلودارسك، حيث انسحبت القوات الأوكرانية في وقت سابق من الأسبوع الحالي.
وأصبحت المدينة الآن تحت سيطرة المقاتلين المتحالفين مع روسيا، والذين احتلوا مبنى الحكومة المحلية وعلقوا شعار المطرقة والمنجل عند الباب.
وأظهرت لقطات فيديو صورتها رويترز بطائرة مُسيرة لساحة معركة مهجورة قريبة حفرة ضخمة في حقل أخضر تحيط به مبان محطمة. وكان المقاتلون المتحالفون مع روسيا يتجولون في الخنادق.
تأتي المكاسب الروسية الأخيرة في دونباس بعد استسلام المقاتلين الأوكرانيين في ماريوبول الأسبوع الماضي، وتشير إلى تحول في موازين القوى بعد أسابيع من تقدم القوات الأوكرانية بالقرب من خاركيف في الشمال الشرقي.
وقال المحلل الدفاعي مايكل كوفمان مدير الدراسات الروسية في مركز أبحاث (سي.إن.ايه) ومقره الولايات المتحدة "المكاسب الروسية الأخيرة تقدم إشارة واقعية للتوقعات في المدى القريب".
وأضاف أن القوات الروسية اخترقت الخطوط الأوكرانية في بوباسنا جنوبي سيفيرودونيتسك، وتهدد بتطويق القوات الأوكرانية.
وصرح مستشار وزارة الداخلية الأوكرانية فاديم دنيسينكو في إفادة بأن 25 كتيبة روسية تحاول محاصرة القوات الأوكرانية.
وطالب قائد القوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني على تطبيق تيليجرام بمزيد من الأسلحة الغربية، لا سيما "الأسلحة التي ستسمح لنا بضرب العدو من مسافة بعيدة".
وحذر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في وقت لاحق من أن أي إمدادات أسلحة يمكن أن تصل إلى الأراضي الروسية ستكون "خطوة خطيرة نحو تصعيد غير مقبول".
* منازل مدمرة
قبل أسابيع قليلة، كانت القوات الأوكرانية هي التي تتقدم، ودفعت القوات الروسية للتراجع من ضواحي خاركيف باتجاه الحدود الروسية.
لكن يبدو أن موسكو أوقفت انسحابها هناك، واحتفظت بقطاع من الأراضي على طول الحدود ومنعت القوات الأوكرانية من قطع خطوط الإمداد الروسية التي تمتد من شرق المدينة إلى دونباس.
وقالت السلطات المحلية إن قصفا روسيا أودى بحياة سبعة مدنيين على الأقل وتسبب في إصابة 17 آخرين في خاركيف، فيما توغلت القوات الروسية وحافظت على سيطرتها على مواقع في القرى الواقعة في الشمال.
وقالت مارينا كارابيروفا التي يبلغ عمرها 38 عاما بينما سمع دوي انفجار في مكان قريب "دوي القصف مرتفع هنا لكننا في ديارنا على الأقل".
وعادت كارابيروفا إلى خاركيف بعد فرارها إلى بولندا وألمانيا في وقت سابق من الحرب. وأضافت قائلة "يمكن أن يحدث في أي وقت في الليل أو في أثناء النهار.. هذه هي الحياة هنا".
ولم تعلق روسيا حتى الآن على الوضع في خاركيف. ونفت موسكو استهداف المدنيين في "عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا.
وتم دعم تقدم القوات الروسية في دونباس بقصف مدفعي مكثف. وقالت القوات المسلحة الأوكرانية إن أكثر من 40 بلدة في المنطقة تعرضت للقصف مما أدى إلى تدمير 47 موقعا مدنيا أو وقوع أضرار بها، بما يشمل 38 منزلا ومدرسة واحدة.
وفي كلمة عبر رابط فيديو لقادة دول سوفيتية سابقة أخرى، قلل الرئيس فلاديمير بوتين من تأثير العقوبات الغربية على روسيا وقال إنه سعيد برحيل بعض الشركات الأجنبية حتى يمكن للشركات المحلية أن تحل محلها.
وتركز الاهتمام العالمي هذا الأسبوع على حصار روسيا للموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود، الأمر الذي أوقف الصادرات من أحد أكبر موردي الحبوب وزيت الطهي في العالم.
وتقول دول غربية إن موسكو تبتز الدول الفقيرة بالتسبب في أزمة غذاء عالمية. وتقول روسيا إنها ستفتح الموانئ إذا رفعت العقوبات.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن موسكو تتوقع أن تقبل أوكرانيا مطالبها في أي محادثات سلام مستقبلية. وتريد موسكو أن تعترف كييف بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم التي احتلتها عام 2014، واستقلال الأراضي التي يطالب بها الانفصاليون.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس إنه لا يمكن أن يملي بوتين شروط أي اتفاق للسلام.
وأضاف شولتس في كلمة ألقاها في المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري "لن يكون هناك سلام مفروض... لن تقبل اوكرانيا هذا ولن نقبله نحن".
(إعداد أحمد ماهر للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)