من فرح سعفان
القاهرة (رويترز) - أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر يوم الاثنين فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية ثالثة مدتها ست سنوات بعد حصوله على 89.6 بالمئة من الأصوات في انتخابات لم يواجه فيها أي منافسين حقيقيين.
ووصف السيسي التصويت بأنه رفض "للحرب غير الإنسانية" في قطاع غزة.
وأجريت الانتخابات في وقت تعاني فيه مصر من أزمة اقتصادية وتحاول مجابهة مخاطر امتداد تداعيات الحرب في غزة.
وقال بعض الناخبين إن اندلاع الصراع في غزة شجعهم على التصويت للسيسي، الذي طالما قدم نفسه على أنه حصن للاستقرار في منطقة مضطربة، وهي ما أثبت فعاليته أيضا مع الحلفاء الخليجيين والغربيين الذين يقدمون الدعم المالي لحكومته.
وقال السيسي في كلمة بعد إعلان النتائج مباشرة "وكأن اصطفاف المصريين كان تصويتا للعالم كله من أجل التعبير عن رفضهم لهذه الحرب غير الإنسانية وليس لمجرد اختيار رئيسهم".
وأضاف "أعبر عن عظيم تقديري وامتناني لكل المصريين الذين شاركوا في هذا الحدث المهم، في هذا الظرف الدقيق، والذى تواجه فيه الدولة حزمة من التحديات على كافة المستويات، يأتي في مقدمتها تلك الحرب الدائرة على حدودنا الشرقية والتي تستدعى استنفار كل جهودنا للحيلولة دون استمرارها بكل ما تمثله من تهديد للأمن القومي المصري بشكل خاص، وللقضية الفلسطينية بشكل عام".
وأدى القصف الإسرائيلي العنيف لقطاع غزة، بعد هجوم حماس على إسرائيل، إلى تسوية معظم القطاع بالأرض وترك معظم سكانه بلا مأوى. وحذرت مصر من أنها لن تسمح بأي نزوح جماعي عبر الحدود لسكان غزة.
وأجريت الانتخابات في مصر على مدى ثلاثة أيام في الفترة من العاشر إلى الثاني عشر من ديسمبر كانون الأول، وبذلت الدولة ووسائل الإعلام المحلية الخاضعة لرقابة مشددة جهودا حثيثة لتعزيز نسبة الإقبال على التصويت، التي قالت هيئة الانتخابات إنها بلغت 66.8 بالمئة، وهي نسبة أعلى من نسبة 41 بالمئة المسجلة في الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2018.
وتنافس أمام السيسي ثلاثة مرشحين آخرين، لم يكن أي منهم من الشخصيات البارزة. وأوقف أبرز مرشح محتمل حملة ترشحه في أكتوبر تشرين الأول قائلا إن مسؤولين وخارجين عن القانون استهدفوا مؤيديه، وهي اتهامات نفتها الهيئة الوطنية للانتخابات.
وقال حسام بهجت، رئيس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي جماعة مستقلة "لم تكن هناك انتخابات، استخدم السيسي جهاز الدولة بأكمله والأجهزة الأمنية لمنع أي منافس جدي من الترشح".
وأضاف "تماما كما هو الحال في المرة السابقة، اختار خصومه الذين خاضوا الانتخابات بشكل صوري بدون أي انتقادات لسياساته الكارثية".
وقالت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر إن التصويت خطوة نحو التعددية السياسية ونفت السلطات انتهاك القواعد الانتخابية.
وأعرب العديد من المصريين عن عدم اهتمامهم بالانتخابات قائلين إن النتيجة محسومة.
ورأى مراسلو رويترز الذين غطوا الانتخابات في القاهرة والجيزة والسويس وشبه جزيرة سيناء أشخاصا ينقلون بالحافلات إلى بعض مراكز الاقتراع ويقفون خارجها وهم يلوحون بالأعلام الوطنية أو اللافتات. وبدت مراكز اقتراع أخرى هادئة.
ورأي مراسل لرويترز أكياس الدقيق (الطحين) والأرز والسلع الأساسية الأخرى يتم توزيعها على الأشخاص الذين أدلوا بأصواتهم في الجيزة، وقال بعض الناخبين إنهم تعرضوا لضغوط من أصحاب العمل للمشاركة أو حصلوا على حوافز مالية مقابل التصويت.
وقالت الهيئة العامة للاستعلامات إن تقديم أموال أو سلع مقابل الأصوات يعد جريمة جنائية يعاقب عليها بالغرامة أو السجن.
* تعديل دستوري
أشرف السيسي، وزير الدفاع السابق، على حملة قمع واسعة للمعارضة من مختلف الأطياف السياسية منذ أن قاد عام 2013 الإطاحة بمحمد مرسي أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر والذي كان ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
وانتخب للرئاسة عام 2014، وأعيد انتخابه عام 2018، وحصل في المرتين على 97 بالمئة من الأصوات. وتم تعديل الدستور عام 2019 لتمديد فترة الرئاسة من أربع سنوات إلى ست سنوات مع السماح للسيسي بالترشح لولاية ثالثة.
ويبدي البعض إعجابه باهتمام السيسي بالبنية التحتية بما في ذلك بناء عاصمة جديدة في الصحراء شرقي القاهرة. ويرى آخرون فيها تبذير عالي التكلفة في وقت تضخمت فيه ديون مصر واشتعلت الأسعار.
وقال السيسي في كلمة مسجلة بثها التلفزيون الحكومي "أجدد معكم العهد بأن نبذل معا كل جهد لنستمر في بناء الجمهورية الجديدة التي نسعى لإقامتها وفق رؤية مشتركة تجمعنا".
ويقول أنصار السيسي إن الأمن له أهمية قصوى، وإن بعض الفئات استفادت من حكمه.
وقالت نورهان العباسي، الأمين العام المساعد لفرع الشباب في حزب حماة الوطن المؤيد للسيسي، إن ذلك يشمل النساء.
وقالت "نود أن نرى المزيد من النساء في المناصب الرئيسية، والمزيد من الوزيرات في مجلس الوزراء طالما أنهن مؤهلات، ومراجعة قوانين الأحوال الشخصية التي تتعلق بقضايا مثل الزواج والطلاق والنفقة".
وسعت السلطات إلى معالجة الانتقادات الموجهة لسجل حقوق الإنسان في مصر بخطوات تشمل فتح حوار وطني وإطلاق سراح بعض السجناء البارزين. ورفض المنتقدون هذه التحركات ووصفوها بأنها شكلية إلى حد كبير.
وقال السيسي في كلمته "سنستكمل حوارنا الوطني بشكل أكثر فاعلية وعملية".
(إعداد فريق رويترز)