من ليسا ريتشواين وعمر يونس
لوس انجليس (رويترز) - شق مئات من أفراد الشرطة وهم يرتدون خوذات واقية طريقهم إلى ساحة مركزية في حرم جامعة كاليفورنيا-لوس انجليس بالولايات المتحدة في ساعة مبكرة من صباح الخميس لإزالة مخيم احتجاج مؤيد للفلسطينيين هاجمه مؤيدون لإسرائيل في الليلة السابقة.
والمداهمة التي تمت قبل الفجر في جامعة كاليفورنيا-لوس انجليس هي أحدث موقف محتدم خلال التوتر المتصاعد في الجامعات الأمريكية، حيث شهدت الاحتجاجات على أفعال إسرائيل في الحرب في قطاع غزة اشتباكات بين الطلاب وبعضهم البعض وبينهم وبين أجهزة إنفاذ القانون.
وأظهرت لقطات تلفزيونية مباشرة نحو ستة متظاهرين معتقلين جاثين على ركبهم وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم.
وسمع دوي عشرات الانفجارات القوية خلال الاشتباك بسبب قنابل الصوت التي أطلقتها الشرطة.
وسعى المتظاهرون، الذين كان بعضهم يحمل مظلات وأشياء أخرى يستخدمونها دروعا، إلى منع تقدم الشرطة مستغلين أعدادهم الهائلة بينما كانوا يهتفون "ادفعوهم للوراء" ووجهوا أضواء ساطعة إلى أعين أفراد الشرطة. واستسلم آخرون على الجانب الآخر من المخيم بسرعة، وشوهدوا وهم يسيرون مبتعدين وأيديهم فوق رؤوسهم تحت حراسة الشرطة.
وأظهرت لقطات حية من المكان مع غروب شمس يوم الأربعاء، بدء قوات شرطة مزودة بمعدات تكتيكية في التوافد إلى حرم جامعة كاليفورنيا-لوس انجليس والتمركز بمحاذاة مجموعة خيام تشغلها أعداد كبيرة من المتظاهرين.
وذكرت محطة التلفزيون المحلية (كي.إيه.بي.سي-تي في) أن ما بين 300 إلى 500 شخص كانوا يجلسون داخل المخيم فيما تجمع نحو ألفين آخرين خارج الحواجز لدعمهم.
لكن الشرطة ظلت على أطراف المخيم لساعات قبل أن تبدأ أخيرا في اقتحامه في حوالي الساعة 3:15 صباحا بالتوقيت المحلي (1015 بتوقيت جرينتش) وأزالت الحواجز واعتقلت المحتجين الذين رفضوا المغادرة. وقاد عملية الفض مجموعة من شرطة دوريات الطرق السريعة في كاليفورنيا كانوا يحملون الدروع والهراوات.
وشوهد بعض المحتجين وهم يضعون خوذات ونظارات واقية وأقنعة تنفس تحسبا للمداهمة بعد يوم من إعلان الجامعة أن الاعتصام غير قانوني.
وقبل الدخول للحرم، حثت الشرطة المتظاهرين عدة مرات عبر مكبرات صوت على إخلاء منطقة الاحتجاج، التي شغلت ساحة بحجم ملعب لكرة القدم تقع بين مبنى رويس هول الشهير ببرجيه والمكتبة الرئيسية للطلاب الجامعيين.
ودخلت مجموعة أولية من أفراد شرطة لوس انجليس إلى ركن من المخيم لفترة قصيرة لكن المحتجين أجبروها على التراجع قبل وصول قوات إضافية على متن حافلة بعد حوالي ساعة.
* اشتباك عنيف قبل المداهمة
ألغت جامعة كاليفورنيا-لوس انجليس الفصول الدراسية يوم الأربعاء بعد اشتباك عنيف بين شاغلي المخيم ومجموعة من المتظاهرين الملثمين المناوئين لهم الذين شنوا هجوما مباغتا في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء على مخيم الاحتجاج.
وظل شاغلو المخيم، الذي أقيم الأسبوع الماضي، مسالمين إلى حد كبير قبل الاشتباك الذي تبادل فيه الجانبان الضرب ورش رذاذ الفلفل.
وقال متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين إن المتظاهرين المناهضين ألقوا عليهم الألعاب النارية وضربوهم بهراوات وعصي. وألقى مسؤولو الجامعة بالمسؤولية على "محرضين" وتعهدوا بإجراء تحقيق.
واستمرت المواجهة لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات حتى وقت مبكر من صباح الأربعاء قبل أن تعيد الشرطة فرض النظام. وانتقد متحدث باسم حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم في وقت لاحق "الاستجابة المحدودة والمتأخرة لقوات إنفاذ القانون في الحرم الجامعي" للاضطرابات ووصفها بأنها "غير مقبولة".
ومع دخول أعداد كبيرة من الشرطة إلى الحرم الجامعي مساء الأربعاء لإخلاء المخيم، صاح بعض المتظاهرين عليهم قائلين "أين كنتم أمس؟".
وقال تيلور جي (30 عاما)، وهو متظاهر مؤيد للفلسطينيين وطالب قانون بجامعة كاليفورنيا-لوس انجليس، إن تصرفات الشرطة كانت "مثيرة جدا لغضب" العديد من المتظاهرين بسبب تأخر استجابتها في الليلة السابقة.
وأضاف "أن يأتوا في الليلة التالية لإخراجنا من المخيم.. إنه أمر غير مفهوم لكنه في الوقت نفسه منطقي للغاية".
* احتجاجات بجامعات في أنحاء الولايات المتحدة
قال مسؤولو جامعة كاليفورنيا-لوس انجليس إن الحرم الجامعي، المسجل فيه ما يقرب من 52 ألفا من الطلاب الجامعيين وطلاب الدراسات العليا، سيظل مغلقا يومي الخميس والجمعة باستثناء أنشطة محدودة.
ونظم طلاب تجمعات أو نصبوا خياما للاحتجاج والاعتصام في عشرات الجامعات في أنحاء الولايات المتحدة في الأيام القليلة الماضية للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة ومطالبة جامعاتهم بالنأي بنفسها عن شركات تدعم الحكومة الإسرائيلية. واستدعت العديد من الجامعات الشرطة لكبح الاحتجاجات.
وقوبلت المظاهرات في أنحاء البلاد بأخرى مناهضة تتهمها بإثارة الكراهية ضد اليهود. ويقول الجانب المؤيد للفلسطينيين، ومنهم يهود معارضون لما تنفذه إسرائيل في قطاع غزة، إنهم يوصمون ظلما بمعاداة السامية لانتقادهم الحكومة الإسرائيلية والتعبير عن دعمهم لحقوق الإنسان.
وتتخذ الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة أيضا أبعادا سياسية في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر تشرين الثاني، إذ اتهم الجمهوريون إدارات بعض الجامعات بغض الطرف عن المضايقات والخطابات المعادية للسامية.
وجاء تدخل الشرطة مساء الأربعاء بعد يوم من اعتقال شرطة مدينة نيويورك نشطاء مؤيدين للفلسطينيين احتلوا بناية أكاديمية في جامعة كولومبيا وإزالة مخيم اعتصام للمحتجين هناك.
وقال رئيس بلدية المدينة إريك آدامز إن الشرطة ألقت القبض على نحو 300 في كولومبيا وسيتي كوليدج في نيويورك. ووجهت إلى العديد من المعتقلين تهم التعدي على الممتلكات وتعمد إلحاق الضرر بها.
والاشتباكات في جامعة كاليفورنيا-لوس انجليس وفي نيويورك هي جزء من أكبر حراك طلابي أمريكي منذ خروج مسيرات ومظاهرات مناهضة للعنصرية في 2020.
وقالت إدارة شرطة مدينة هانوفر بولاية نيوهامبشير الأمريكية إن السلطات اعتقلت تسعين متظاهرا مؤيدا للفلسطينيين من الطلاب وآخرين من خارج جامعة دارتموث يوم الأربعاء. ووجهت إليهم تهم التعدي على الممتلكات ومقاومة الاعتقال.
(شارك في التغطية براد بروكس ونيكولا جروم وماريا تسفيتكوفا وديفيد سوانسون وجوناثان ألين وبريندان أوبراين وريتش ماكاي ودان تروتا - إعداد سلمى نجم وشيرين عبد العزيز ودنيا هشام للنشرة العربية - تحرير دعاء محمد)