نحن بصدد افتتاح ثاني جلسات الأسبوع عزيزي القارئ بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، مشيرين إلى أن البيانات الرئيسية غابت عنا يوم أمس، مما سمح للأنباء التي تواردت حول العالم بالتحكم بحركة الأسواق خلال تداولات أمس.
وهنا لا بد لنا من ذكر ما أعلنته الصين يوم أمس والتي بثت الأمل في الأسواق خاصة الأمريكية منها فور إعلانها عن نيتها بزيادة المرونة على سعر صرف اليوان، إذ كانت تسعى الصين سابقا إلى أن يبقى اليوان ضعيفا لتعزيز صادراتها التي باتت تنافس البضائع على مستوى العالم، وهذا بالطبع أثر سلبا على صادرات الولايات المتحدة، ناهيك عن مسألة ارتفاع الدولار الذي كان له الأثر الآخر على تراجع الصادرات الأمريكية.
ولطالما سعت الولايات المتحدة إلى زيادة مرونة اليوان الصيني، وهذا ما أعلنته الصين أمس، ولكن أشارت إلى أن مسألة تحرير العملة ستكون تدريجية وليست بشكل مفاجئ، مما دعم عجلة تعافي الاقتصاد العالمي، إذ أن زيادة المرونة لليوان سيرفع من استهلاك الصين للنفط الخام المقوم بالدولار معتبرين أن الصين تعد ثاني أكبر مستهلك للنفط عالميا بعد الولايات المتحدة.
أما بيانات اليوم فسيصدر عن الاقتصاد الأكبر في العالم – الاقتصاد الأمريكي – بيانات خاصة بقطاع المنازل الأمريكي والذي واجه عقبات عديدة خلال الفترة الماضية، تتمحور في معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني، ناهيك عن مسألة ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري، إضافة إلى انقضاء برنامج الإعفاء الضريبي لمشتري المنازل للمرة الأولى والذي هدف إلى تعزيز مبيعات القطاع.
واليوم سيصدر عن قطاع المنازل مبيعات المنازل القائمة التي من المتوقع أن ترتفع خلال أيار بنسبة 6.0% أو بمعدل سنوي يصل إلى 6.12 مليون وحدة سكنية مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 7.6% أو بمعدل سنوي وصل إلى 5.77 مليون وحدة سكنية، حيث أن القطاع يحاول جاهدا تحقيق الاستقرار وسط هذه العقبات، مما يشير بأن القطاع سيلزمه المزيد من الوقت لتحقيق التعافي التام من الأزمة المالية الأسوأ منذ الكساد العظيم.
مشيرين إلى ان معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني لا تزال تلقي بظلالها السلبية على النشاطات الاقتصادية في القطاع، واضعين بالاعتبار أن قيم حبس الرهن العقاري أصبحت موضوعا أخر ومهم يجب طرحه على طاولة المباحثات من قبل الحكومة الأمريكية، حيث أن ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري أثقلت كاهل النشاط في قطاع المنازل الأمريكي لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 26 عام، حيث أن التوقعات تشير إلى أن أكثر من 3.0 مليون منزل معروض للبيع نظرا لفشل المستهلكين في سدادهم للقروض أو الدفعات المستحقة.
حيث أن قطاع المنازل يواصل تقدمه، ولكن فقط نظرا للدعم الحكومي الذي قدم مسبقا، ولكن من الجانب الآخر نشير إلى أن المخاوف والقلق بدأت بالتراود بين الكثيرين سرعان ما بدأت الحكومة الأمريكية بسجب تلك الخطط والبرامج التحفيزية، واضعين بعين الاعتبار أن برنامج الإعفاء الضريبي ساهم كثيرا في تحفيز المبيعات المنازل خلال الفترة الماضية.
ومن المحتمل أن قطاع المنازل الأمريكي سيواصل إظهار تباين في نشاطه الاقتصادي خلال النصف الثاني من العام الجاري، حيث أن معدلات البطالة لا تزال تقف عند المستويات الأعلى لها منذ 26 عام، ناهيك عن الأوضاع الشديدة في الشروط الائتمانية، كما أن البنك الفدرالي يتوقع بقاء معدلات البطالة حول تلك المعدلات خلال عام الجاري، لهذا أشار البنك الفدرالي إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيواصل نموه ولكن بوتيرة "معتدلة".
كما نشير إلى ان مبيعات المنازل القائمة تمثل ما نسبته 90% من قطاع المنازل ككل، إلا أن المحللين يتطلعون إلى البيانات التي ستصدر يوم غد بخصوص تقرير مبيعات المنازل الجديدة والتي تعطي دراسة أكثر دقة عما يجري في قطاع المنازل، حيث من المتوقع أن تنخفض مبيعات المنازل الجديدة خلال شهر أيار بنسبة -14.6% أو بمقدار 413 ألف وحدة سكنية مقارنة بما أشار إليه التقرير السابق الذي بلغ 504 ألف وحدة سكنية أو ارتفاع بنسبة 14.8%.
ومن المؤكد أن الاقتصاد الأمريكي سيلزمه المزيد من الوقت لتحقيق التعافي من أسوأ أزمة مالية منذ عقود، مشيرين إلى ان الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة أخذت بالتأرجح خلال الفترة الأخيرة، وسيبقى الاقتصاد هكذا إلى حين تحقيق مرحلة النمو على المدى البعيد بحلول العام المقبل 2011.
أما بالنسبة للاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي، ألا وهو الاقتصاد الكندي فقد أظهر هو الآخر الكثير من بوادر التعافي التدريجي، ولكن تبقى التأثيرات التي تسيطر على الاقتصاد الأمريكي تعتبر تأثيرات أيضا على الاقتصاد الكندي، فقد صدر عن الاقتصاد الكندي اليوم تقرير أسعار المستهلكين، حيث ثبتت الأسعار خلال أيار عند القراءة السابقة التي بلغت 0.3% وبأعلى من التوقعات التي بلغت 0.2%، في حين ارتفعت أسعار المستهلكين السنوية خلال الشهر نفسه بنسبة 1.4% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.8% وبأفضل من التوقعات التي بلغت 1.3%.
وعلى صعيد آخر فقد أشار التقرير إلى ثبات أسعار المستهلكين الجوهرية خلال أيار عند القراءة السابقة التي بلغت 0.3% وبتطابق مع التوقعات، في حين ارتفعت أسعار المستهلكين الجوهرية السنوية بنسبة 1.8% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.9% وبأفضل من التوقعات التي بلغت 1.7%، الأمر الذي يشير أيضا إلى أن مستويات التضخم لا تزال تحت السيطرة، كما أن الأنشطة الاقتصادية لا تزال ضمن مسار التعافي ايضا، حيث أن الاقتصاد الكندي ملتزم باتباع خطوات نظيره الأمريكية إلى حين الوصول إلى مرحلة التعافي التام من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.