من ستيفن جراتان وهيلين مرفي
بوجوتا (رويترز) - أدلى الناخبون في كولومبيا بأصواتهم يوم الأحد في انتخابات رئاسية تثير انقساما عميقا ومخاوف من احتمال أن يقوض الفائز فيها اتفاقية هشة للسلام مع مقاتلي جماعة القوات المسلحة الثورية الكولومبية الماركسية (فارك) ويخاطر بعودة المقاتلين السابقين إلى القتال خوفا على مستقبلهم.
وفي أول انتخابات منذ التوقيع على اتفاقية السلام في 2016 مع فارك سيحدد الناخبون الشخصية التي ستحل محل الرئيس خوان مانويل سانتوس الذي فاز بجائزة نوبل للسلام لإنهائه الصراع الذي استمر 50 عاما في كولومبيا.
وتعهد أبرز المرشحين اليميني إيفان دوكي بتغيير بنود اتفاقية السلام وسجن المتمردين السابقين بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ودق المرشح اليساري جوستافو بيترو، الذي احتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي، جرس الإنذار أيضا بتعهده بإصلاح السياسة الاقتصادية لكولومبيا وإعادة توزيع الثروة من الأغنياء للفقراء.
وجاء خلفهما في استطلاعات الرأي غير الموثوق بها غالبا مرشح الوسط سيرجيو فاجاردو والنائب السابق للرئيس جيرمان فارجاس الذي يحظى بدعم سانتوس.
وإذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 في المئة فسيخوض المرشحان اللذان تصدرا القائمة في الجولة الأولى جولة إعادة في 17 يونيو حزيران. وستغلق مراكز الاقتراع في الساعة 2100 بتوقيت جرينتش.
وشابت الحملات الانتخابية اتهامات بأن المرشحين المتنافسين سيقوضون اقتصاد البلاد بسياسات اشتراكية أو سيجبرون البلاد على العودة لساحة المعركة أو يفسدون الموازنة بإنفاق مفرط.
وتتزامن الانتخابات أيضا مع أزمة مهاجرين من فنزويلا المجاورة. وتطالب كولومبيا بالحصول على دعم دولي للتأقلم مع وصول مئات الآلاف من الفنزويليين القادمين إليها عبر الحدود هربا من نقص الغذاء وارتفاع معدلات الجريمة مع تعمق أزمة اقتصادية في بلادهم.
وقال أليجاندرو اتشيفيري وهو طالب بكلية الحقوق يبلغ من العمر 20 عاما "نشهد أهم انتخابات في كولومبيا منذ سنوات كثيرة".
وأضاف "للمرة الأولى في التاريخ يوجد مرشحون يقدمون بدائل، وهو ما خلق مناخا شديد التوتر، يشهد استقطابا بين اثنين من المرشحين".
ووعد دوكي، صاحب السياسات الموالية لقطاع الأعمال والذي اختاره الرئيس السابق ألفارو أوريبي، بخفض الضرائب على الشركات ودعم مشروعات النفط والتعدين إضافة إلى فرض عقوبات أكثر صرامة على مقاتلي فارك السابقين.
وبموجب بنود اتفاق السلام تم تسريح الآلاف من المتمردين وتحولت فارك إلى حزب سياسي. لكن الاتفاق أثار حفيظة الكثيرين ممن يعتقدون أن فارك مكانها في السجن وليس في البرلمان.
وعانت بعض المناطق التي تركتها فارك من تصاعد القتال بين عصابات إجرامية وجماعة جيش التحرير الوطني المتمردة صراعا على أراض قيّمة تشهد نشاط تعدين غير مشروع وتهريب المخدرات. وزاد إنتاج الكوكا، المادة الخام المستخدمة في تصنيع الكوكايين، بصورة حادة في كولومبيا مما أثار مخاوف في واشنطن.
ودعا جيش التحرير الوطني إلى وقف إطلاق النار خلال الانتخابات، ونشر سانتوس 155 ألف فرد من القوات المسلحة لضمان انتظام سير عملية التصويت.
وقال سانتوس "أيا كان الفائز فإنه سيفوز بشفافية... سيقولون بلا شك إن هذه الانتخابات كانت الأكثر أمنا وأمانا وذات أكبر ضمانات".
ويدعم بيترو، الذي كان يوما من متمردي حركة إم19 التي انحلت، اتفاق السلام لكن بعض سياساته الاقتصادية تخيف المستثمرين ودفعت منافسيه لتشبيهه بالرئيس الفنزويلي الراحل هوجو تشافيز.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن انتهاء الصراع مع فارك أدى لتغيير أولويات الناخبين من القضايا الأمنية إلى غياب المساواة الاقتصادية والفساد بما فتح الباب لليسار للمرة الأولى.
(إعداد عبد المنعم درار للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)