على ما يبدو وأن حبوب التخدير التي قُدمت لليونان عن طريق حزمة إنقاذ ثانية انتهى مفعولها على الأسواق، حيث عاد القلق ليهيمن نسبياً على تداولات المستثمرين، ناهيك عن أن التطلعات المستقبلية للأنشطة الاقتصادية بالنسبة لأوروبا لا يزال غير واضح حتى الآن، واضعين بعين الاعتبار أن بيانات اليوم أتت لتؤكد بأن الضعف ما زال عنوان الأنشطة الاقتصادية في منطقة اليورو.
بداية صرحت مؤسسة ستاندر اند بورز بأن اليونان من المحتمل أن تخضع لعملية ثانية من إعادة هيكلة لديونها، و هذه المرة يتوقع مشاركة صندوق النقد الدولي، كما و أشارت المؤسسة بأنه لا يزال من الصعب للدائيين الحصول على أموالهم بعد قرار صناع القرار الذي اتّخذه الاتحاد الأوروبي.
وفي المقابل فإن العيون موجّهة على اجتماع الاتحاد الأوروبي ووزراء مالية منطقة اليورو الذي سيُعقد يومي غد الجمعة وبعد غدٍ السبت، وذلك للموافقة على قرار توسيع موارد صناديق الإنقاذ الأوروبية وذلك سعياً منهم للحد من انتقال أزمة اليونان لباقي الدول الأوروبية المثقلة أصلاً بالديون كاسبانيا والبرتغال.
وبالنظر إلى أجندة البيانات الرئيسية الصادرة عن اقتصاد منطقة اليورو نجد بأن الاقتصاد الألماني أصدر صباح اليوم تقرير البطالة عن شهر آذار/ مارس ليتبين انخفاض التغّير في معدل البطالة إلى -18 ألف مقارنة بالقراءة السابقة المعدّلة إلى -3 آلاف وبأفضل من التوقعات عند -10 آلاف، مع العلم أن معدل البطالة الألماني هبط إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عشرين عاماً إلى 6.7% بأفضل من القراءة السابقة والمتوقعة عند 6.8%.
ولكن من الناحية الأخرى صدرت بيانات منطقة اليورو لتؤكد ضعف الأنشطة الصناعية، إذ نجد بأن مؤشر مناخ الأعمال انخفض خلال شهر آذار/ مارس بأسوأ من التوقعات، إذ وصل المؤشر إلى -0.30 مقارنة بالقراءة السابقة عند -0.18 والتي تم تعديلها إلى -0.16 والتوقعات كانت عند -0.16 أيضاً.
في حين توسع انخفاض ثقة المستهلك خلال الشهر نفسه ليصل المؤشر في قراءته النهائية إلى -19.1 مقارنة بالقراءة النهائية للشهر السابق والتوقعات عند -19.0 ولكن بأفضل من القراءة الثانية للشهر نفسه عند -20.3، وبالنسبة لمؤشر الثقة بالاقتصاد فقد انخفضت القراءة إلى 94.4 بأسوأ من القراءة السابقة والمتوقعة عند 94.5.
وبالوصول إلى الثقة بالصناعات، فقد توسع الانخفاض أيضاً في القراءة الصادرة إلى -7.2 مقارنة بالقراءة السابقة والمتوقعة عند -5.8، بينما تحسنت قراءة مؤشر الثقة بالخدمات خلال شهر آذار/ مارس إلى -0.3 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.9 بأفضل من التوقعات عند -0.8.
واضعين بعين الاعتبار عزيزي القارئ بأن الأوضاع في قطاعي الصناعة والخدمات لا تزال ضعيفة، والتحديات تواصل تأثيرها على نشاط القطاعين، إذ صدر الأسبوع الماضي مؤشر مدراء المشتريات الصناعي والخدمي بالنسبة لاقتصاد منطقة اليورو ليظهرا بأن القطاعين لا يزالا في دائرة الانكماش، إذ بقيا المؤشران دون مستوى 50.0 وذلك خلال شهر آذار/ مارس أيضاً.
وهنا نشير بأن الأوضاع في الاقتصاديات الرئيسية حول العالم لا تزال هشّة أمام أية صدمات، ولا بد لنا من الإشارة هنا إلى أن منطقة اليورو وقعت في دائرة انكماش النمو خلال الربع الأخير من العام الماضي، فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو خلال الثلاثة أشهر المنتهية في كانون الأول بنسبة 0.3% مقارنة بالنمو الطفيف خلال الربع الثالث بنمو بنسبة 0.2%، مع العلم أن التوقعات تشير بأن تقع المنطقة في ركود اقتصادي أعمق خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري.
وبالتطرّق إلى تأثير البيانات الصادرة على كل من سوق العملات أو اليورو على وجه الخصوص، نجد بأن زوج اليورو/ دولار انخفض في النصف الساعة الأولى بعد صدور الأخبار مباشرة بأكثر من 35 نقطة، وعلى الرسم البياني ليوم واحد نرى بأن اليورو انقلب للهبوط بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له خلال اليوم عند 1.3345 دولار ليتداول حالياً عند 1.3287 دولار مقارنة بمستويات افتتاحه اليوم عند 1.3315 دولار.
أما بالنسبة للتأثير على سوق الأسهم الأوروبي، في تمام الساعة 09:17 بتوقيت غرينيتش انخفض مؤشر DAX الألماني بحوالي 0.50% ليصل إلى مستويات 6963.96 نقطة، أما مؤشر CAC 40 الفرنسي فقد وصل إلى 3418.30 نقطة أي منخفضاً بحوالي 0.35%، وأخيراً تراجع مؤشر STOXX 600 الأوروبي 0.20% إلى 263.58 نقطة، بحيث أن قطاع الخدمات الاستهلاكية كان الأكثر انخفاضاً في المؤشر الأوروبي ليحذف ما نسبته 0.94% من المؤشر.