Investing.com - منذ أن تولى "دونالد ترامب" الرئاسة الأمريكية وهو يسعى إلى تغيير قواعد اللعبة السياسية أو الاقتصادية.
تجلى ذلك في قراراته التي اتخذها بفرض تعريفات جمركية على واردات بلاده من الصلب والألومنيوم، وتهديده بالانسحاب من اتفاقية التجارة عبر الأطلنطي، وفرض جمارك على واردات الصين تصل إلى 200 مليار دولار.
وقد يكون السبب وراء مقدرته على تغيير قواعد اللعبة الاقتصادية هو أنه لم يحظى بدعم أي حزب خلال حملته الرئاسية وحتى الوقت الراهن، وبذلك فهو ليس في حاجة لأن يسدد فواتير الدعم لأي جماعة
وبالرغم من كون ذلك الأمر إيجابياً، إلا أنه يبين عدم مراعات "ترامب" لمصالح الائتلاف الصناعية الأمريكية.
فمنذ أن تولى الرئاسة تسبب نزاعات سياسية واقتصادية مع المكسيك، وأمريكا الجنوبية، والصين، وأوروبا، وكندا.
ويعتبر أخطر ما يُقدم عليه خلال الفترة القادمة هي التهديد بالانسحاب من الاتفاقيات التي تضمن حرية التجارة، وفي حال تنفيذه لهذه التحذيرات ستدخل أمريكا في حرب تجارية مع الصين، وتصبح دون اتفاقيات من أمريكا الجنوبية، والمكسيك وكندا.
ومن أجل رؤية الوضع حال تنفيذ "ترامب" تهديداته يجب الإستعانة بـ "نظرية الألعاب"، فما يحدث بشكل تلقائي حسب نظام التجارة القائم هو "ربح الكل"، بمعنى أن كل طرف يسمح للآخر بأن يحصل على مكاسب مقابل حصوله على مكاسب أيضاً
وإذا تغير الوضع فمن الممكن أن يتحول إلى "اللعبة الصفرية" والتي يرى خلالها الأطراف أن أي مكسب يحققه الآخر بمثابة خسارة له
وليس هناك شك أن الوضع قد ينقلب إلى هذه الصيغة بين أمريكا والأطراف التي ذكرناها، فإذا فُرضت جمارك على صادرات الصين إلى واشنطن ستقوم أمريكا بتشجيع شركاتها على الاستيراد من دول أوروبا الشرقية وشرق آسيا، الأمر الذي سيضر الاقتصاد الصيني، وقيام الصين بإجراءات عقابية لأمريكا.
ومن غير المناسب أن ترد الصين بفرض جمارك على سلع أمريكا، حيث أنها تستورد منها بأكثر من 130 مليار دولار سنوياً في حين أن صادراتها إليها تزيد عن نصف تريليون دولار سنوياً
وقد تقوم الصين بمقاطعة المنتجات الأمريكية ووقف سياحتها إليها، كما أنها قد تسمح بانخفاض عملتها مقابل الدولار مما سيزيد من جاذبية صادراتها، ولاسيما سندات الخزانة الأمريكية التي تعتبر الصين أكبر حائز لها، فيمكنها أن تبيعها بكميات ضخمة وتلحق ضرر بواشنطن.
أما بالنسبة لأوروبا فهي قادرة على الرد بالمثل لأن صادراتها الأمريكية تصل إلى 332 مليار دولار، وهو نفس الأمر للمكسيك وكندا، وعدد من دول أمريكا الجنوبية.
فإذا نفذ "ترامب" تهديداته فالأمر سيتحول إلى "اللعبة الصفرية" مما يتسبب في نشأة حروب اقتصادية تضر بالجميع.
ومن الممكن أن تتبع دول أخرى أمريكا وتفرض قيود على تجارة، وذلك سيتسبب في تراجع مستوى التجارة العالمي، وصعوبة تحرك البضائع ورؤوس الأموال، وتقلبات قوية في أسواق المال، وانخفاض حاد في أسعار المواد الأولية.