- Investing.com عند تحديد أي دولة ملامح السياسة الاقتصادية العامة لها، يواجهها عدد من التحديات من أهمها سعر سرف العملة الوطنية، حيث إن إنخفاض سعر الصرف يعني تشجيع صادرات الدولة، أما سعر الصرف المرتفع فينعكس بشكل تلقائي على زيادة القوة الشرائية لعملة الدولة في مواجهة عملات الدول الأخرى، مما يعني حصولها على واردات بأسعار منخفضة إلى حدًا ما.
ولأن سعر الصرف يلعب دور هام وحيوي في العلاقات بين الدول، فإن إحدى الصراعات الاقتصادية المشتعلة خلال العقد الماضي، كانت تتعلق باليوان الصيني، فقد اعتادت أوروبا وأمريكا على الشكوى من تخفيض الصين لسعر عملتها الوطنية، مما يمنحها ميزة نسبية في مواجهة الدول الأخرى التي تسمح لآليات السوق الحر بتحديد قيمة عملتها مع تدخل محدود من البنوك المركزية الوطنية.
وذلك في الوقت الذي تناشد فيه الحكومة التركية مواطنيها ببيع ما لديهم من عملات أجنبية، من أجل دعم سعر الصرف المحلي، كما تسعى الدول النامية إلى الحفاظ على احتياطي نقدي من العملات الأجنبية، يجعلها قادرة على الحفاظ على قيمة عملتها الوطنية دون تراجع، والسؤال هنا لماذا تحاول دول الحفاظ على قيمة عملاتها الوطنية دون تراجع وتسعى دول أخرى لخفضها؟.
الرد البديهي، هو أن هناك دول تصدر الكثير وبالتالي فإن خفض سعر عملتها الوطنية يدعم ميزتها النسبية، بينما هناك دول أخرى لا تفعل وبالتالي فإن خفض سعر عملتها الوطنية لا يفيد، ولكن في الحقيقة فإن الرد أعقد كثيرًا من هذا.
على سبيل المثال، تمكنت الصين من الوصول لمعدلات نمو قياسية خلال العقدين الماضيين، وصارت أكبر ثاني اقتصاد على مستوى العالم، وأصبحت أيضًا قريبة جدًا من الاقتصادات الأكثر نموًا بالعالم، والتي تعجز عن تحقيق معدلات نمو مرضية بسبب وصولها لدرجة كبيرة من التشبع الاقتصادي والاستغلال الأمثل لمواردها في ظل معدلات إنتاج ثابتة ومستقرة.
وكان خفض سعر العملة المحلية بشكل محسوب هو أفضل وسيلة لضمان استمرار النمو وزيادة الطلب العالمي على الصادرات الصينية، وبالتالي نمو الاقتصاد الصيني بشكل عام، خاصة إذا كان تخفيض العملة يزيد الصادرات بنسبة تزيد عن التخفيض ذاته.
واستطاعت الصين من وراء ذلك، تحقق زيادة نسبتها 8% في صادراتها خلال العام الماضي، حيث وصلت إلى 2.27 تريليون دولار، وقد كان لسعر اليوان المنخفض دور في ذلك، بالإضافة إلى أن السعر المنخفض لليوان جعل الواردات تزيد بنسبة 15% خلال العام الماضي أيضًا وهي نسبة قياسية لم تحقق من قبل.
ومن ناحية أخرى، جاءت تركيا في المركز الـ 11 على مستوى العالم بإجمالي صادرات يصل إلى 157 مليار دولار خلال العام الماضي، مرتفعًا بحوالي 10%، كما زادت الواردات بنسبة 18% وبلغت 234 مليار دولا، وبالطبع يساهم هذا في جعل تركيا تحاول رفع سعر عملتها الوطنية على عكس الصين.
كما أن طبيعة الصادرات تعد أهم بكثير من حجم الصادرات والواردت ونسبة زيادة كل منهما، حيث إن الصادرات الصينية أغلبها يتركز على الآلات التي تمثل حوالي نصف الصادرات الصينية والمنتجات المصنعة، أما تركيا فتصدر الأطعمة والفحم والملابس.
ويوجد مجموعة من العوامل الأخرى التي تتحكم في رفع وإنخفاض سعرالصرف، مثل الرغبة في السيطرة معدلات الدين العام، أو معدلات التضخم، ولكن يبقى طبيعة الصادرات التي تبيعها الدولة هي العامل الأهم.