الدولار الأميركي، على أثر ضعف ردود فعل التذبذبات والإتّجاه على قرار فائدة مجلس الاحتياطي الفدرالي في الأسبوع السابق، ساعد الحدث الدولار على الحفاظ على ارتفاعه الهائل. وعقب عشرة أسابيع من التقدّم، يعتبر هذا الإتّجاه الصعودي الذي يتّبعه الأخضر الأكثر متانة واستمرارًا تاريخيًا. سيعتبر البعض مباشرة أنّ هذه السوق "ناضجة" و"حافلة بمواقع الشراء" بحكم وتيرتها فقط. مع ذلك، الأساسيات ليست مستعدّة لوقف دعم التحرّكات الصعودية. وكما كان الوضع عليه في الأسابيع السابقة، العنصر الأساسي لتحرّك الدولار بالمضي قدمًا هو مستوى الشهية للسيولة وآفاق توقعات معدّلات الفائدة الأميركية. وبالنظر الى السيناريوهات، قد يكون من الصعب قلب الطاولة على العملة.
على صعيد الشريان الأساسي الرئيسي الذي يغذّي الدولار، وفرت توقعات معدّلات الفائدة أكبر تدفقات من الدمّ لقضيّة التحرّكات الصعودية. عقب اجتماع بنك الاحتياطي الفدرالي في الأسبوع السابق، برزت دلائل ملموسة وكافية على التوجّه نحو أوّل زيادة لمعدّلات الفائدة، الأمر الذي أجّج التحركات الصعودية. وفي حين باتت خطوة اختتام التيسير الكمّي في اجتماع 28 أكتوبر حاسمة بحسب الرئيسة جانيت يلين، كانت التوقعات هي من استقطب انتباه التّجار. لم تشهد آفاق الوظائف والتضخم والنمو تغييرات تذكر؛ ولكن تمّت مراجعة تقديرات معدّلات الفائدة صعودًا بشكل ملحوظ.
14 من أصل 17 عضو في مجلس الاحتياطي الفدرالي يعتقدون أنّه من الملائم البدء بزيادة المعدّلات في العام 2015، مقابل 12 في الإجتماع السابق. علاوة على ذلك، مع نهاية العام 2015، يتوقع الاحتياطي الفدرالي حاليًا بلوغ معدّل صناديق الاحتياطي الفدرالي 1.38%. مع نهاية العام 2016، يرجّح بلوغ ذلك المقياس 2.88%. في يونيو، وصلت تلك المعدّلات الى 1.13% و2.50% تباعًا. يعتبر هذا التفاؤل دعامة بالنسبة الى الدولار.
في حال كان هنالك توافق على الآفاق الإيجابية ويقدّر المستثمرون مستقبل مماثل؛ فمن المحتمل إذًا أن تتباطأ وتيرة الإرتفاعات من دون أي تحديثات جديدة من شأنها تعزيز المسألة أو محفز أساسي جديد يهيمن. في حين ارتفعت العملة وعائدات سندات الخزانة في الأشهر الأخيرة، لا يزال هنالك تفاوت كبير بين توقعات الاحتياطي الفدرالي وتقديرات الأسواق. نستطيع أن نرى ذلك بكلّ وضوح من خلال العقود الآجلة لصناديق الاحتياطي الفدرالي (وهي منتج يرمي الى التحوّط ضدّ تغييرات معدّلات الفائدة) التي ترجّح رفع المعدّلات بنسبة 0.78% مع انتهاء العام و1.38% بحلول ديسمبر من العام 2016 (فرق بمقدار 150 نقطة اساسية).
ثمّة خطر كبير بإبتعاد وجهات نظر المصرف المركزي عن تلك التابعة للأسواق. تعديلات اللّحظة الأخيرة من قبل السوق المالية أزاء تغييرات السياسة هي حادّة أكثر بكثير. مع ذلك، ساهم المصرف المركزي بشكل كبير في خلق هذا الإختلاط إثر بروز دلائل متباينة في بياناته. بذلت الرئيسة يلين جهودًا كبيرة لتفادي الأسئلة في مؤتمرها الصحفي حول إشارات عدم تطابق وجهة نظر السوق مع آفاق المعدّلات الخاصّة ببنك الاحتياطي الفدرالي. سنرى إذا كان أعضاء مجلس الاحتياطي الفدرالي سيصحّحون ذلك في الأسبوع القادم. ثمّة 10 خطابات مرتقبة لثمانية أعضاء من الاحتياطي الفدرالي. سيتمّ رصد آرائهمعن كثب.
السبب المحتمل الكامن وراء اعتماد الاحتياطي الفدرالي سياسة التشويش هو أنّ انتقال المصرف الى تشديد السياسة من شأنه زعزعة التوازن الهشّ لشعور الإرتياح الذي قاد أسعار الأصول الى ذروات تاريخية إثر أدنى معدّلات مشاركة في عقود. من المحتمل أن يوازن هذا السحب نمو التيسير المعتمد من قبل البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان وبنك الشعب الصيني. إنّ التصحيح الملحوظ بات محتومًا. قد لا تستطيع المصارف المركزية الحفاظ على السلام. وفي حال فشلت، سيعطي نفور المخاطر الدولار دعمًا أكبر.