يمر الإقتصاد العالمي بمرحلة حرجة لربما أن كل مانراه من تذبذبات وتقلبات عنيفة في جميع الأسواق بلا إستثناء هو مجرد أنغام تعزف على وقع هذه التذبذبات لتشكيل سيمفونية قد بدت ترانيمها تهف الآذان.
وقبل أن ندخل في عمق التحليل, هناك تساؤل ..
بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية وتصاعد التوترات المستمر بين البلدين, وبالتزامن مع إعلان المملكة العربية السعودية إستعدادها لمناقشة خفض الإنتاج, والإستنفار الأوروبي لدخول الحرب في سوريا, ناهيك عن إنخفاض مخزون النفط الأمريكي لآخر أسبوعين دون التوفعات .. أيعقل بعد هذا أن تستمر أسعار النفط في الإنخفاض متجهة نحو قاعها التاريخي دون أن تستجيب لأي من هذه المحفزات؟ أم أن وراء الأكمة ماورائها ؟!.
*شذوذ النفط
بالنظر للتحليل الفني سنجد شذوذ حركة النفط بعد الإختراق الإيجابي لمنحنى القطع المكافئ الموازي للمتوسطات الحسابية 50 و 200 يوم على التوالي.
(أعني بالقطع المكافئ الهندسي الموجود في المثال وليس مؤشر Parapolic sar الحسابي)
مكون وتد هابط مثل نظيره السابق (أقصى اليسار), ولكن إنفراج الزاوية يؤكد بأن الأمور ليست على مايرام بالنسبة لهذا الوتد والذي مفترض أن يكون إيجابياً لا سلبياً!.
يؤكد تلك السلبية هو إستمرار حركة النفط دون متوسط 50 يوم حتى الآن.
بمعنى أننا من المفترض أن نرى توجه الأسعار الى 56 دولار ومن ثم إختراق الوتد والإنطلاق إلى مستوى السبعينات, ولكن في حال عدم قدرة الأسعار على تخطي هذه الزاوية عند سعر 48 دولار
فذلك حتماً يعني السيناريو الأسوأ .. فليس الخوف من إختبار مستوى 42 أو حتى كسرها, ولكن النقطة المفصلية هي 40.6 وكسرها يعني بأننا سنشاهد في 2016 مالم يخطر على قلب بشر!.
فمستوى 36 لن يكون حينها إلا مجرد محطة عبور إلى مادون ذلك.
أما من ناحية النفط الخام, فهو يسير بشكل موازٍ بطبيعة الحال لنفط برنت
وإن كنا قد نستدل عليه بشيء واحد, وهو أن إحتمالية إختراق الوتد بشكل إيجابي عند مستوى 45 في النقط الخام ستكون أسرع من من نفط برنت
ولكن الوضع الراهن لازال سلبي ويقبع تحت متوسطات 50 و 200 يوم.
*الذهب, الملاذ المرعب!.
تفاقم الخسائر على سعر الذهب تجعل الحليم حيران, فهذا المعدن منذ قديم الزمان وإلى اليوم وهو يشكل ثروة لصاحبه, وسيستمر حتى نهاية الزمان.
ودون الدخول في تفاصيل سياسية, لازال سعر الذهب يهوي إلى مستوى 1000 دولار .. وفي آخر تحليل فني (دراسة هندسية تنذر بهبوط الذهب!)
ذكرت بأن أي إرتداد من مستوى 1077 سيدخل الذهب مباشرة في قناة هابطة تستهدف تفريغ سعري يتجاوز ال 1000 دولار.
فلماذا أصبح الذهب ملاذاً مرعباً, بدل أن يكون كما عهده أهل الأرض ملاذاً آمناً؟
قد لا يفسر هبوط مستمر على شكل متوالية حسابية إلا أن هناك شيئاً ما يلوح في الأفق.
* ترانيم الأسواق
إذا نظرنا لمؤشرات الأسواق العالمية والتي تحاول تكوين قمم قياسية جديدة ولنأخذ على سبيل المثال:
الداوجونز, داكس, ونيكاي ...
من الواضح أنها تسير على نفس الوتيرة وتتموج على نفس الإيقاع, وهذا يشير بأن أي هبوط يضرب الأسواق سيكون بشكل جماعي وليس لمؤشر دون الآخر.
في آخر تحليل للداوجونز قبل مايقارب الأسبوعين (الداوجونز .. ومثلث الهروب الكبير)
ذكرت بأن المنطقة مابين 17800 و 18300 هي مناطق تصريفية بحتة, ولازال الداوجونز حتى كتابة هذا التقرير عاجز عن البقاء فوق مستوى 17800
يتم إختراقه نعم, ويصل إلى 17900 ولكن سرعان ما تبدأ عملية الهبوط والإغلاق عند أو دون 17800, وآخر إغلاق كان عند 17798.
فنحتاج على ألاقل إغلاقه عند مستوى 17900 حتى نحدد هدف اولي عند 18000 و 18200 ونقطة خروج عند 18250
عدا ذلك, فعملية التصحيح قد تحدث لهذا المؤشر في أي لحظة, ومن ثم تجر معها بقية المؤشرات.
هذا يبين لنا بأن العالم فعلاً قد يواجه أزمة حقيقية في 2016, وأن توقعات صندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد العالمي يتجه الى اسوأ عام له منذ الركود العالمي في 2009 ليس من باب التخمين.
*سطوة الدولار
لا صوت يعلو على صوت الدولار في هذه الفترة, والكل ينتظر ما سيسفر عنه قرار الفيدرالي في شهر ديسمبر
ونرى في الشارت الايجابية المطلقة بعد تكوين السارية وإستهداف مستوى 102 ومن ثم 105 على التوالي
وهذا إن حدث مع إعلان رفع الفائدة سيزيد من تفاقم الأوضاع في إقتصاديات أغلب الدول, وقد يكون هذا الإعلان هو النغمة الأخيرة في تكوين تلك السيمفونية
وحينها قد ترتدي سنة 2016 ردائها الأحمر لتتراقص على وقع تلك الأنغام.