المقال مترجم من الإنجليزية بتاريخ 6/12/2018
يجتمع وزراء النفط في فيينا، النمسا اليوم، في إطار الاجتماعات النصف سنوية بين الدول الأعضاء في منظمة الأوبك والدول غير الأعضاء. توجد على أجندة الدول المصدرة للنفط مناقشات محتملة حول تخفيض الإنتاج العالمي من النفط العام القادم. وعلى ما يبدو يوجد اتفاق بالإجماع بين الدول، ولكن الأرقام المحددة ما زالت خاضعة للمفاوضات. تدور المناقشات الحالية بالنسبة لتخفيض الإنتاج في إطار من مليون إلى 1.3 مليون برميل يوميًا.
ما حدث اختصارًا
قررت دول الأوبك في نوفمبر 2016، مع بعض الدول المصدرة غير الأعضاء في المنظمة مثل روسيا وغيرها، تخفيض الإنتاج العالمي من النفط مقدار 1.8 مليون برميل يوميًا. استجابت أسعار النفط ببطء لتلك القرارات، ولكن أخيرًا بدأ سحب النفط من المستودعات، وعاد التوازن بين العرض والطلب. لم تلتزم كافة الدول بالحصص المخصصة بها تحديدًا. على سبيل المثال، انتجت السعودية أقل من حصتها المخصصة، في حين أقدمت كازاخستان والعراق على تخفيض الإنتاج اليومي لهما، ولكنهما لم ترتقيا إلى الحصة المقررة لهما. وساعدت دول أخرى عن غير قصد في الحفاظ على مستويات إنتاج النفط الإجمالية من كافة الدول عند المستويات التي قررتها الأوبك. فهبط إنتاج النفط في فنزويلا، وإيران، وأنجولا عن غير عمد من تلك الدول. وساهمت فنزويلا وإيران وحدهما في فقدان 1.3 مليون برميل يوميًا من السوق.
انعقد اجتماع بين الدول الأعضاء في الأوبك والدول المصدرة للنفط غير الأعضاء في مايو الماضي، عندها قررت المنظمة الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية عند السقف الذي حددته الأوبك مسبقًا ككل، ولكن طالبت بعض الدول ذات الحصص الاحتياطية إلى زيادة ما ينتجونه يوميًا من النفط للتأكد من تلبية طلبات السوق، وأتت تلك الدعوة في ظل إعادة الولايات المتحدة العقوبات على إيران، وبدأ تطبيق تلك العقوبات وعقوبات جديدة في نوفمبر الماضي. ارتفعت أسعار النفط خلال الصيف، وحتى بداية شهر أكتوبر، مع صعود برنت فوق 85 دولار للبرميل.
ومنذ ذلك الحين (أكتوبر)، هبطت أسعار النفط هبوطًا قويًا، وبالكاد يظل برنت أعلى 62 دولار. وتساهم مجموعة من العوامل فيما يجري للنفط الآن، منها: زيادة المعروض الأمريكي، وتصفية البنوك الاستثمارية لمراكزها الطويلة، وتغريدات الرئيس ترامب، والإعفاءات التي أصدرتها الإدارة الأمريكية لثماني دول لتتمكن من شراء النفط من إيران، وأخيرًا رفع بعض دول الأوبك لحصتها الإنتاجية من النفط. انتجت السعودية ما بين 11.2 مليون برميل خلال شهر نوفمبر (وفق بلاتس)، وهذا يفوق بكثير حصتها البالغة 10.06 مليون برميل يوميًا.
مراكز الأوبك
ونصل بعد كافة الأحداث تلك إلى اجتماع هذا الأسبوع، فعمدت اللجنة التقنية إلى إصدار تزكية بتخفيض الإنتاج مقدار 1.3 مليون برميل يوميًا. ورغم الأسعار المنخفضة، فالإجماع يمكن وصفه بأي صفة إلا أنه مضمون الوصول إليه. بالأسفل رواية لمواقف عدد من الدول:
- السعودية: يدعم وزير النفط السعودي، خالد الفالح، تخفيض الإنتاج، دون اتفاق عام بين الدول المنتجة. وقال الفالح إن السعودية لن تتحمل وحدها عبء تخفيض الإنتاج. مما يعني أن هناك حاجة إلى اتفاق بين: الإمارات، والكويت، والعراق، وروسيا، وربما كازاخستان على تخفيض الإنتاج اليومي له، والالتزام بتلك التخفيضات.
- روسيا: وافق الرئيس، فلاديمير بوتين، على تمديد مشاركة روسيا في التحالف المعقود بين دول الأوبك والدول المصدرة غير الأعضاء، ولكن تلك المشاركة لا تضمن موافقة روسيا على تخفيض الإنتاج. لم تؤمن روسيا مشاركة كافة شركات النفط الروسية في الالتزام بخطة تخفيض (إن توصوا إليها). ويتسم الموقف هنا بالصعوبة، لعقد بعض الشركات الروسية اتفاقيات لزيادة الإنتاج. ولكن، من المعهود انخفاض الإنتاج الروسي من النفط خلال شهور الشتاء، وربما يدفع هذا روسيا نحو الموافقة على تخفيض للإنتاج، وتلتزم به في نطاق المدى القريب على الأقل.
- إيران: أعربت وفود الأوبك عن عدم الرضا حيال الطريقة التي تدار بها اجتماعات الأوبك في الفترة الأخيرة. فزعمت إيران إقدام السعودية، وروسيا على اتخاذ القرارات ووضع السياسة التي ستسير بقية الدول عليها، دون استشارة الدول الأخرى. وبتلك المزاعم جزء من الحقيقة، وانعكست تلك الحقيقة في مغادرة قطر مؤخرًا للأوبك بحلول العام القادم. وترغب إيران في إقدام الدول الأخرى على تخفيض الإنتاج، خاصة من الدول الأعضاء، التي عمدت إلى زيادة إنتاجها. انخفض الإنتاج الإيراني اليومي بقوة خلال شهر نوفمبر. فأنتجت إيران 2.98 مليون برميل فقط الشهر الماضي، بانخفاض 310,000برميل يوميًا وفق بلاتس.
- العراق: ظل الإنتاج العراقي فوق الحصة المخصصة له باستمرار، وفي أكتوبر بلغ 4.76 مليون برميل يوميًا، رغم نيل انخفاض محدود منه خلال نوفمبر، بسبب الأحوال الجوية في منطقة الخليج العربي. ويتطلع العراق إلى زيادة الإنتاج، خاصة من الحقول الشمالية. وذهب وزير النفط السعودي إلى بغداد مرات عديدة مؤخرًا، لحث العراق على تخفيض إنتاجه، وتأكيد أهمية موافقة العراق على أي اتفاق، باعتباره البلد الحاضن لزيادة مستمرة في الإنتاج فوق الحصص المخصصة.
الأوراق القوية
تمكنت الولايات المتحدة وكندا من إبراز حضور قوي في فيينا، رغم أنهما ليستا مشاركتين في التحالف بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في الأوبك. قررت راشيل نوتلي، ألبرتا كندا، تخفيض إنتاج المحافظة النفطي في بداية يناير، وتلك القرار يعد من العوامل الأساسية المسيطرة على سوق النفط الآن، وكان من غير المتوقع إصداره. وأوضح الرئيس ترامب رأيه في تغريدة حينما التقى وزيرا النفط السعودي والروسي في لقاء خاص. وكرر التأكيد على رغبته في تخفيض أسعار النفط، قائلًا:
"نأمل إبقاء الأوبك التدفق النفط على ما هو عليه، دون قيود. فلا يرغب العالم ولا يحتاج أسعار نفط مرتفعة!"
وبالنسبة لإيران كان الوجود الأمريكي الحقيقي في اجتماع الأوبك متمثل في بريان هوك، الممثل الخاص. التقى هوك مع وزير النفط السعودي يوم الأربعاء، لمناقشة العقوبات على إيران. فناقش الطرفان مدة تلك العقوبات، وحجم العرض العالمي الذي سيتراجع بسببها. لم يصل وزير النفط الإيراني إلى فيينا، عند انعقاد هذا الاجتماع.
كما يجب أن يعير مراقبو السوق انتباه إلى التنبؤات الأسبوعية للنفط الخام، الصادرة من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية اليوم، بجانب اهتمامهم بالأوبك.