عشرون شهراً , لابد أن الكثير يتساءل ما معنى ذلك ؟ عشرون شهراً هي الفترة الزمنية التي احتاجها الجنيه الإسترليني ليتراجع الى هذه المستويات التي لم يراها منذ عشرين شهراً ( منذ نيسان 2017 ) , يتداول حالياً عند 1.2492$ . فترة زمنية كانت قاسية بما فيه الكفاية على عملة عانت من التبعات السياسية السيئة والإدارة الفاشلة لملف البريكزت من قبل حكومة بريطانية منقسمة وحزب محافظ غير متفق مع زعيمته , رئيسة الوزراء الضعيفة سياسياً تيريزا ماي .
لاشك أن جزءاً مهماً من تراجع الباوند مرتبط بالسياسة , ولكن حتى نعرف تماماً ماهية الأداء الكلي للاقتصاد لابد أن ننظر بتمعن الى الأرقام الاقتصادية . أشارت أرقام نمو الناتج المحلي للربع الثالث نمواً بنسبة 1.5% على أساس سنوي , كما كانت سابقاً , بينما حقق الاقتصاد البريطاني نمواً بنسبة 0.1% على أساس شهري مرتفعاً من 0.0% سابقاً , بمعنى تبقى الأرقام خجولة وقريبة للتراجع أكثر منه للتحسن. ارتفع عجز الميزان التجاري البريطاني خلال الشهر الماضي من 10.6 مليار باوند الى 11.8 مليار باوند . من جهة أخرى , بقيت أرقام سوق العمل البريطانية جيدة ومستقرة الى حد ما , البطالة بقيت عند 4.1% الشهر الماضي , بينما ارتفعت مستويات الأجور بنسبة 3.3% خلال الشهر الفائت مرتفعةً من 3.1% وهذا تحسن إيجابي للأجور ولكنه لن يكون كافياً بالنسبة لبنك إنكلترا للحكم على مستقبل السياسة النقدية وأسعار الفائدة التي تستقر حالياً عند 0.75% .
هذه عينة بسيطة من الأرقام البريطانية والتي كما نراها ليست سيئة بالمطلق ولكنها قد تمنى بمزيد من الخسائر اذا ما فشل الطرفان الأوربي والبريطاني في الوصول الى اتفاقية نهائية بشأن البريكزت . السؤال الآن , هل نشتري أو نبيع الباوند ؟
الحقيقة هذا السؤال ليس سهلاً , لا فنياً ولا حتى من الناحية الأساسية . من الأفضل التجنب بالدخول حالياً حتى يتبين نهاية طريق المفاوضات الى ماذا سيفضي, نعتمد في كلامنا هذا على قناعة أنه في حال التوصل الى اتفاقية نهائية بين الطرفين تدعم تيريزا ماي , عندها سيرتفع الباوند ولن يكون ارتفاعه بسيطاً أو مؤقتاً بل غالباً سينعكس الاتجاه العام باتجاه الأعلى , لذلك عدم الدخول الآن لن يضيع الفرصة . الشراء من المستويات الحالية قد يكون مغرياً للكثيرين ولكن من باب التعقل أن تكون هناك إدارة مخاطر ممتازة وتحوط ضد الباوند في حال الانكشاف الكبير على شرائه.