المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 6/2/2019
تحاول السعودية للمرة الثانية هذا العام إقناع روسيا بدخول تحالفًا رسميًا مع الأوبك للتحكم في سعر النفط الخام على مستوى العالم، وفي الصادرات. ومرة أخرى، ستعيق روسيا تنفيذ هذه الفكرة، وسترفضها في النهاية. ويبدو أن تلك الفكرة تصب في الصالح السعودي، بمقدار أكبر من الصالح الروسي، ويمكن أن تدمر السمة التنافسية التي تتمتع صناعة النفط الروسية بها على المدى الطويل.
ولمواجهة الخطر المزدوج الآتي من الولايات المتحدة، والمتمثل في صناعة النفط الصخري، ومحاولات الرئيس ترامب الرامية إلى الضغط على الأوبك لإبقاء الأسعار منخفضة، تعمل الرياض وحلفاؤها على تأليف شراكات رسمية مع عشر دول، غير ذات عضوية في الأوبك، وتترأسها روسيا، كما جاء في أحد تقارير وول ستريت جورنال يوم الثلاثاء.
نجح تحالف الأوبك مع الدول العشر مرتين في السنوات الثلاث الماضية، فعادت أسعار النفط إلى الارتفاع بعد وصولها إلى مستويات انخفاض قياسية، والمرتين هما: في عام 2016، عندما هبط خام غرب تكساس الوسيط إلى سعر 25 دولار، والمرة الثانية في ديسمبر الماضي، عندما هبط السعر إلى أسفل 43 دولار، وارتفع الخام فوق 55 دولار هذا الأسبوع.
ووقع الانهيار في المرتين بسبب تخمة العرض التي تسبب النفط الصخري فيها، بيد أن التراجع الأخير كان لترامب دور فيه هو الآخر، فقام ترامب بإصدار إعفاءات لثماني دول لتتمكن من استيراد النفط الإيراني المفروض عليه عقوبات، مما أدى إلى زيادة العرض العالمي، وأصبح الطين أكثر بلة عندما غرد ترامب قائلًا إن الأوبك لا يجب عليها أن تقدم على أي إجراء من شأنه رفع أسعار النفط. وفي المرتين، ساعدت روسيا في إنقاذ السوق العالمي بالانضمام إلى السعودية في تنفيذ خطط تخفيض الإنتاج.
حلول للنفط الصخري، ومشكلات ترامب
وتتقدم السعودية باقتراح يخضع للمداولة والمناقشة في اجتماع فيينا القادم، ويتضمن هذا الاقتراح تشكيل ائتلاف رسمي بين الأوبك والدول العشر غير الأعضاء في المنظمة، والهدف من هذا الاقتراح هو وضع حل طويل المدى، إن لم يكن دائمًا، لمشكلات النفط الصخري، وترامب. ويعمل الائتلاف الرسمي هذا على الحفاظ على أسعار النفط مدعومة في الأوقات كافة، بدلًا من الاكتفاء بتحريك الأسعار كرد فعل على تحركات السوق.
لو قبلت الأوبك هذا الاقتراح، ستتطور مسودة الخطة إلى اتفاق نهائي عندما تجتمع دول الأوبك مع الدول المنتجة غير الأعضاء في أبريل، وفق ما جاء في وول ستريت جورنال.
وأضافت الجريدة أن المتحدثة الرسمية باسم وزارة النفط الروسية لم ترد على طلب الجريدة للتعليق على الأخبار. ويوجد سبب وجيه لعدم الرد. فالخطة المطروحة حاليًا هي نسخة مخففة من خطة قدمتها الرياض في يونيو 2018 بهدف بناء هيكل مشابه للأوبك، تترأسه السعودية وروسيا. وبعد أشهر ستة من التفكير، رفضت موسكو تلك الفكرة.
ولكن، لماذا لا ترغب روسيا في الانضمام إلى اتحاد احتكاري (كارتل) رغم تعاونها الدائم مع دول الأوبك؟ لنفهم ذلك، علينا أن نشير إلى دوافع صناعة النفط الروسية. تمتلك روسيا شركة نفط قومية، مثلها مثل دول الأوبك، والشركة هي (LON:روسنفت)، كما يوجد لديها في التشكيل الوزاري وزارة للطاقة، برئاسة ألكسندر نوفاك. بيد أن لروسيا عدد من شركات الطاقة الخاصة متعددة الجنسيات، مثل (LON:لوك أويل)، والتي تعمل على أسس تجارية، ويتعلق نموها بالتنافس على المستهلكين.
عندما ينال الضعف من السوق، ستحاول شركات النفط التجارية أن تبيع عدد أكبر من البراميل بسعر أقل، بدلًا من أن تبيع عدد براميل أقل بسعر أعلى. بعبارة أخرى، لا يختلف سوق الطاقة الروسي كثيرًا عن نموذج عمل شركات النفط الصخري الأمريكية. فتلعب شركة النفط القومية الروسية لعبة تخفيض العرض من النفط لرفع السعر، وتقود السعودية الأوبك لتحقيق تلك الطموحات المشتركة.
وبالنظر لوجه التشابه بين سوقي الطاقة الروسي والأمريكي، يعلم الروس أن المنافسة مع الولايات المتحدة لا يمكن إخمادها، حتى مع بذل الأوبك أقصى ما في وسعها. يستمر إنتاج النفط الأمريكي في الارتفاع، وتتوسع صادراتها النفطية، وتنشأ خطوط أنابيب جديدة لحمل النفط داخل وخارج البلاد.
وتقول إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إنه بحلول 2025، ستنتج الولايات المتحدة نفطًا أكبر من روسيا والسعودية مجتمعتين.
يعي الروس لعبة السعودية
يقول الشريك المؤسس لـ fund Again Capital، جون كيلدوف، إن فكرة تعاون روسيا مع السعودية تشبه كثيرًا: "أن تقود حصانًا إلى الماء، وتجعله يقف في وسطه، ولكنك تعجز عن جعله يشرب."
ولإيضاح فكرة يذكر كيلدوف أن التأجيل الذي لجأت إليه روسيا قبل إصدار الموافقة على التعاون الحالي بينها وبين الأوبك بشأن خفض الإنتاج . ويضيف:
"يعلم الروس تمام العلم أنه إذا أجبروا على إبقاء العرض النفطي لهم منخفض طول الوقت، أن السوق سيحصل على مزيد من البراميل من المنافسين لهم، ممن لا يلعبون لعبة تخفيض المعروض."
وتكفلت السعودية بتطبيق أغلب عمليات التخفيض في الجهود الأخيرة مع الدول غير الأعضاء بهدف إعادة التوازن للسوق، ويرى كيلدوف أن ما قامت به السعودية لهو أمر فعال لأنها ولدت فكرة أن "الأسعار المرتفعة تفيد الجميع،" لرغبتها في حماية حصتها السوقية، خاصة في المنطقة المدرة للربح في جنوب شرق آسيا.
ويضيف كيلدوف:
"نستمر في سماع أنباء حول تخفيض السعودية صادرات النفط الثقيل إلى الولايات المتحدة. ولكن ما لا نسمعه هو العناء الذي تتكبده السعودية لإبقاء عدد براميل الخام الخفيف المصدرة إلى آسيا ثابتة عند مستوياتها المرتفعة، والنفط الخام الخفيف هو النوع الذي تنتجه الولايات المتحدة.
فتربح السعودية أغلب مبيعات النفط من بيع النفط إلى السوق الآسيوي، ولا ترغب في خسارة تلك المنطقة المهمة. وتخشى السعودية أن تحصل الولايات المتحدة على حصتها السوقية في ذلك الإقليم. فأظهرت دول الصين، وكوريا واليابان، والهند مرونة في التعامل مع البائعين، وهم على استعداد لاستيراد النفط الصخري الأمريكي.
وإذا تمكنت السعودية من جعل روسيا توافق على الانضمام إلى تحالف رسمي، عندها ستخفض روسيا مع صادرات النفط الخفيف، وبالتالي سيساعد هذا السعودية على إبقاء حصتها الآسيوية من السوق. وأخيرًا وليس آخرًا، يحتاج السعوديون إبقاء النفط أعلى 80 دولار، ويمكن للروس أن يستمروا في العمل إذا ظل السعر أعلى 40 دولار فقط، فهم لا يحتاجون الأوبك."
ورقة الرئيس
إذن، ماذا سيحدث لخطة السعودية؟
يمكن للروس أن يعمدوا إلى حفظ ماء الوجه، ويوافقوا على وضع الفكرة في الاعتبار، دون إطار زمني محدد.
في الوقت الراهن، التحالف غير الرسمي يمكن أن يظهر لترامب أنهم يحاربون ضد تغريداته بحزم أكبر.
ويقول فيل فلين المحلل في، Price Futures Group، "إذا ألقيت ورقة ترامب، ربما تجعل روسيا والسعودية تحالفهم رسميًا."