المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 26/2/2019
كانت الجملة المعبرة لأحد أشهر أفلام هوليوود هي: "عندما ظننت أنه من الآمن العودة للماء،" ويماثل سوق النفط تلك العبارة حاليًا.
جاءت تلك الجملة في عرض للفيلم الكلاسيكي " Jaws2"، والذي تدور قصته حول عودة القرش الأبيض قاتل البشر. ولكن لاح في سوق النفط معتدي غير القرش الأبيض، فكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، هو الخطر العائد لسوق النفط، ذلك الذي يهدد الصعود في أسعار الخام، بعد أن دمر صعودًا آخر منذ أشهر قليلة.
بينما يستعد ترامب لإجراء محادثات نووية مع زعيم كوريا الشمالية، وجد لنفسه بعض الوقت ليعيد التغريد حول أسعار النفط المرتفعة جدًا، ووجه كلامه للأوبك ليقول إنه لا يجب عليهم أن يعملوا ليزيدوا من ارتفاع الأسعار.
والنتيجة: تراجع خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت بنسبة 3%. وجاء هذا الانخفاض في وسط الصعود بعد انخفاض (رالي) المستمر منذ أسبوعين، ليعاني برنت من أكبر خسائره ليوم واحد منذ شهرين.
لمن يحتاج لمعرفة القصة متعددة الفصول لصراع ترامب مع النفط، إليك بعض الحقائق:
بدأ ترامب حملة غير رسمية في البيت الأبيض لمواجهة أسعار النفط المرتفعة، كان أداة الترويج لمبدأه هي استخدام موقع تويتر لكتابة تغريدات حول: الخوف من نقص العرض بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على النفط الإيراني، وتخفيض الأوبك بقيادة السعودية وبالتعاون مع روسيا للإنتاج، مما دفع خام غرب تكساس الوسيط إلى 77 دولار، وارتفع برنت فوق 86 دولار.
فقرر تحالف الأوبك مع الدول غير الأعضاء الصيف الماضي وقف أشكال تخفيض الإنتاج كافة، وتوسيع العرض، لإرضاء الرئيس ترامب، الذي أعرب عن قلقه إزاء تعافي الاقتصاد الهش في الولايات المتحدة، وكيف يمكن أن تؤثر أسعار النفط الخام المرتفعة عليه، وكان ذلك في خضم انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر الماضي.
وبمجرد إيقاف الأوبك لتخفيض الإنتاج، فعل ترامب ما لم يكن متوقعًا، وخوّل إدارته بمنح استثناءات لعدد من الدول حتى يتمكنوا من شراء النفط الإيراني، وبذلك زاد مخاوف تعرض السوق لتخمة عرض. ونتيجة لهذا، خسر خاما غرب تكساس الوسيط وبرنت حوالي 40% من قيمتهما في بداية أكتوبر، وحتى عيد الميلاد.
أصاب الإحباط الأوبك والدول غير الأعضاء المتحالفين معها، وقرروا في بداية ديسمبر إعادة تطبيق تخفيضات الإنتاجات المعلن عنها في يناير 2018. وصاحب هذا القرار فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على صناعة النفط الفنزويلية، مما أسهم في ارتداد أسعار النفط بنسبة تزيد عن 20% هذا العام. ولم يكتب ترامب أي تغريدة عمّا حدث للنفط خلال الشهرين الماضيين. وفجأة عاد ترامب أمس ليغرد عن النفط.
ترامب مدعوم هذه المرة بقوانين مكافحة الاحتكار
كانت آخر تغريدات ترامب:
وكانت تلك التغريدة قوية كافية لإبقاء أسعار النفط منخفضة خلال تداولات يوم الثلاثاء في الجلسة الآسيوية، فدارت المناقشات بين المتداولين حول العواقب طويلة المدى لتجديد ترامب حربه مع الأوبك.
ويخشى البعض أن الرئيس بحوزته سلاح أقوى هذه المرة، وهو: الدعوات القضائية ضد منتجي النفط، التي تزعم التآمر بين هؤلاء المنتجين لتخفيض الإنتاج.
مررت لجنة من الكونجرس الأمريكي في 7 فبراير مشروع قانون بعنوان "قانون منع الهيئات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط،" والذي يسمح لوزارة العدل باستهداف أي دولة "تعمل بالتعاون أو الاتفاق مع دولة أجنبية أخرى،" على تقليص إنتاج أو توزيع النفط، أو الغاز الطبيعي، أو أي من منتجاتهما،" أو تحاول "تثبيت أو إبقاء السعر" لهذه السلع. يضرب هذا القانون قلب الأوبك، فهي بالأساس منظمة هدفها تنظيم تخفيضات الإنتاج، واستمر عملها على رفع الأسعار منذ 60 عام.
ذكر بنك ANZ في مذكرة بحثية حول تحذير ترامب للأوبك:
"لهذا التهديد أهمية أكبر هذه المرة، فيصاحب إحياء المشرّعين الأمريكيين لمشروع قانون يُخضِع الأوبك لقوانين منع الاحتكار."
هل سنرى جولة أخرى من الاستثناءات في إيران؟
تحدث جون كيلدوف عن احتمالية اتخاذ ترامب قرارًا يزيد من سخط الأوبك وهو: تمديد فترة الاستثناءات من العقوبات المفروضة على استيراد النفط الإيراني، مما يزيد احتمالية غمر السوق بالنفط، نظرًا لوصول إنتاج الخام الأمريكي في نفس الوقت إلى ارتفاع 12 مليون برميل يوميًا؛ كيلدوف هو الشريك المؤسس في صندوق تحوط الطاقة في نيويورك Again Capital.
جاءت بيانات تعقب براميل النفط موضحة بلوغ متوسط الصادرات الإيرانية النفطية 1.25 مليون برميل يوميًا في فبراير، وكان المتوسط في يناير يقف بين 1.1-1.2 مليون برميل يوميًا، مقابل توقعات السوق التي وقف أدنى مليون برميل يوميًا.
وقال كيلدوف في مقابلة مع سي إن بي سي:
"عندما نقرأ في مغزى تغريدة ترامب، نراها على مستويين، الأول: عليك أن تؤمن أن السعوديين يدونون ملاحظتهم، كما فعلوا في السابق."
"والثاني: عليك أن تعتقد بأن هناك استثناءات جديدة من العقوبات على إيران، وأعتقد أن هذا هو الشق الثاني من مغزى تلك التغريدة."
لم يأت أي رد فعل من الأوبك إزاء التغريدة الأخيرة.
وأعطى وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، انطباعًا بأن ترامب ليس مهمًا للمجموعة، عندما أعلن في ديسمبر الماضي عن تخفيض السعودية للإنتاج مجددًا بغرض رفع السعر، قال الفالح:
"رئيس الولايات المتحدة هو شخص واحد من بين عديدين يجب أن نضعهم في اعتبارنا عندما نصدر قرارًا حول عرض النفط."
الأوبك لن تكون عرضة للتنمر
يعتقد سكوت شيلتون، سمسار العقود الآجلة في (BO:ICAP)، أن الأوبك ستتمسك بموقفها.
فقال شيلتون يوم الاثنين: "إن هبوط أسعار النفط على خلفية تغريدة ترامب، أمر سخيف." ولكنه يعتقد أيضًا أن السوق توسع أكثر مما يجب، ويحتاج تصحيح الآن. ويضيف:
"أعتقد أننا سنرى غرب تكساس الوسيط أسفل 55 دولار مجددًا، ولن ينقذه سوى تقرير مستودع يبث التفاؤل ويولد فرصة شراء لتعويض ما سيمر به من هبوط."
ويعتقد فيل فلين، من Price Futures Group، في شيكاغو أن الأوبك لن تسمح لنفسها أن تكون عرضة لتنمر ترامب مرة أخرى.
يقول فلين:
"لم يصدر عن الأوبك أي إشارة حول رفع الإنتاج، فخفضوا إنتاجهم لشهر يناير إلى 30.83 مليون برميل يوميًا، مستوى أربع سنوات. فلترامب أن يغرّد كيفما شاء، ولكنه لا يملك متنوع خيارات يمكنها أن تجبر الأوبك على الحيد عن سياسة تخفيض الإنتاج."